الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها

الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها ..

الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها ..

 العرب اليوم -

الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها

طلال سلمان

أما وأن «الأكثريات»، في المشرق العربي تحديداً، تعيش قلقاً ممضاً على المصير، دولها مهددة بالتفكك أو التفكيك والتمزيق، على قاعدة طائفية أو مذهبية، أو عنصرية، فمن البديهي أن يتعاظم الإحساس بالخطر عند «الأقليات» الدينية، وعند المسيحيين على وجه العموم، وأن تتنادى مرجعياتها لمناقشة هذه المخاطر وسبل مواجهتها. لقد انفتحت أبواب جهنم في المنطقة، بعدما أضعفت مخاطر الحروب الأهلية «الدول المركزية»، وبالتحديد العراق كنتيجة مباشرة واستثمار مجز للاحتلال الأميركي، ثم تمّ تفجير سوريا في غفلة من نظامها المطمئن أكثر مما ينبغي إلى عناصر قوته، و«غزتها» الأصوليات متعددة الجنسية موحدة الشعار معززة بالتمويل العربي والدعم الدولي المفتوح. ولا يحتاج الأمر إلى تدقيق في عوامل التفجير التي استخدمت في العراق تحت الاحتلال الأميركي والتي لم توفر أي «سلاح»، من الطائفية إلى المذهبية فإلى العنصرية فإلى ترويع الأقليات غير المسلمة أو تلك المتحدرة من أصول غير عربية... كذلك فإن عوامل التفجير في سوريا مقروءة ومرئية ومسموعة وهي لا تغيب عن عيون المشاهدين أو قارئي وسائط التواصل الحديثة، كما أنها تدوي في أذهانهم على مدار الساعة. الهدف: تدمير الدولة... ومن أسف أن القوى السياسية في العراق قد انخرطت في هذه «المؤامرة» في سياق صراعها على السلطة. بل إن أحزاباً قد أنشئت خصيصاً وعلى عجل لحرف الصراع بطبيعته السياسية إلى مهاوي التنافس على التعجيل بتفجير الفتنة باعتبارها أقصر الطرق إلى السلطة. أما في سوريا حيث لم تكن ثمة قوى سياسية وازنة وقادرة على مواجهة النظام فقد تنادت معظم دول الغرب، تحت القيادة الأميركية وبالتمويل العربي المفتوح، لشن حرب تدميرية ضد «الدولة» في سوريا، وليس ضد النظام فحسب. وفي مجال استنفار العصبيات، قومية أو دينية أو طائفية أو مذهبية، لم يوفر أي سلاح. وكان بين الأسلحة القذرة الاعتداءات المدبرة على الأقليات الطائفية في العراق، وبينها الكلدان والأشوريون والصابئة واليزيديون، قبل النفخ في الصراع على السلطة لتحويله اقتتالاً بين الشيعة والسنة، بعد «تحييد» الأكراد بتمكينهم من إقامة «مشروع دولة» متصلة ـ منفصلة في الشمال العراقي، لها جيشها وعلمها ورئيسها الذي مكّنته الانقسامات التي زادت في تسعيرها المنظمات الإرهابية الوافدة، من أن يلعب دور الحَكَم، وأحياناً «المرجعية» الأخيرة، لا سيما بعدما غيّب المرض «رئيس الدولة» جلال الطالباني بعيداً عن العراق، بكل المخاطر المصيرية التي تتهدده في وحدة شعبه وفي إعادة بناء دولته التي كانت، ذات يوم، «بروسيا العرب». وها هي المحاولة تُستعاد في سياق الصراع في سوريا وعليها، وهو في حقيقة أمره صراع لضرب الدولة في سوريا، بوصفها الإطار الوطني الجامع للسوريين الذين رفضوا قبل قرن إلا قليلاً المكيدة الاستعمارية لتقسيم سوريا إلى «أربع دول» على أساس طائفي وجهوي يذهب بوحدة شعبها ويقسم المقسّم من أرضها على قاعدة التنافس بين الاستعمارين البريطاني (في العراق) والفرنسي (في سوريا) مع تقديم «هدية» من الأرض السورية إلى تركيا لتكون إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. بديهي أن يستشعر اللبنانيون (وكذا الأردنيون) الخطر على وحدتهم الوطنية، وبالتالي على كيانهم السياسي، في ظل مناخات الحرب الأهلية التي تتخذ أبعاداً طائفية في دول جوارهم القريب، وأن يتلاقوا لمناقشة موقعهم ودورهم في مواجهة هذه المخاطر من داخل انتمائهم الوطني وليس من خارجه، ومن داخل إيمانهم بأنهم بعض أهل هذه المنطقة ليسوا وافدين إليها وليسوا غرباء فيها، وبالتالي فمصيرهم واحد مع سائر إخوانهم المسلمين من أهلها. ولعل رئيس الجمهورية قد أحسن توصيف أحوال أبناء المنطقة جميعاً وإن كانت كلمته موجهة إلى «مؤتمر مسيحيي الشرق»، إذ جاء فيها «ليس المنفى أو الهجرة دائماً طريقاً أو سفراً. فللمنفى وجهان: داخلي وخارجي، والمسافة بينهما ليست مرئية تماماً. غياب الحرية منفى، والغربة عن المجتمع وثقافته منفى»... كذلك فالحاجة والعوز منفى والحرب الأهلية منفى. ولقد أشار الخطاب إلى أن «اهتزاز الفكرة القومية وتنامي الحركات الأصولية الرافضة للآخر المختلف قد أعادت مسألة الأقليات إلى دائرة التفاعل والاهتمام» وارتفاع صوت الطائفية المذهبية واندلاع المسألة الدستورية بشأن مدى الفصل بين سلطة الدولة ومؤسساتها وأحكام الشريعة ومفاهيمها السياسية»... ولم ينس الخطاب إصرار المسؤولين الإسرائيليين على تأكيد خيار يهودية الدولة الذي يكرس التمييز بين الشعوب.. كما أنه نوّه بوثيقة الأزهر في الحديث عن الدولة الوطنية. إنه صوت عاقل يرتفع من لبنان الذي يمكن اعتباره حقل تجارب، بقدر ما كان ويمكن أن يكون مجدداً ضحية، وبالتالي يمكنه أن يقدم تجربته في هذه المرحلة التي قد تكون فاصلة في تاريخ الأمة ودولها المهددة الآن في وجودها، سواء عبر التقسيم أو عبر الاحتراق في أتون الحرب الأهلية المؤهلة لأن تلتهم الدول والشعوب باسم حقوق الطوائف والمذاهب، وهي حقوق لاغية للدول، تمكن للخارج، أي خارج، ولإسرائيل بالذات، على حساب أهل الأرض وقد منحتهم شرف الهوية والتاريخ والدور الذي ضاعوا عنه. إن الهوية الوطنية بما هي توكيد للانتماء إلى الأرض هي التي تحمي أهلها. ولقد خبرنا نتائج ضعف الانتماء الوطني والهرب إلى الهوية الأجنبية «التي تضمن مستقبل أبنائنا والأمان لأنشطتنا»، وبينها أن لبنان قد خسر ربع شعبه أو يزيد، وما زال باب الخسارة مفتوحاً أمام أبنائنا وبالتالي أمام أجيالنا الآتية. لكن العلة تبقى في أنظمة الحكم التي قد تفتدي نفسها بأوطانها، وقد شهدنا أكثر من تجربة في هذا المجال، في هذا الوطن الصغير... ونتمنى أن يفيد من تجربتنا الأشقاء الذين يعيشون القلق على دولهم كما على حاضرهم، ومن ثم على مستقبلهم فيها. نقلاً عن جريدة "السفير"

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها الأكثريات مهدّدة قبل الأقليات ومعها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab