الخوف على الكيان نحو «صيغة» جديدة

الخوف على الكيان: نحو «صيغة» جديدة؟

الخوف على الكيان: نحو «صيغة» جديدة؟

 العرب اليوم -

الخوف على الكيان نحو «صيغة» جديدة

طلال سلمان

كلما تهدد لبنان الخطر انقسم اللبنانيون حول كيفية مواجهته وحماية «الكيان»، ودائماً بالخارج أو عبر الخارج.

ففي التقاليد الكيانية أن تتم العودة، دائماً، إلى «الضامن» أو «مصدر الحماية»، «الدولي» حكماً، حتى لو اعتمر القبّعة العسكرية السورية ومعها الكوفية والعقال والعباءة السعودية.

ولا مرة اكتفى اللبنانيون بضامن عربي... حتى في أيام زعامة جمال عبد الناصر كان حضور الغرب (الأميركي آنذاك وحتى اليوم) ضروريا لإنجاز التسوية وحماية الكيان.

وفي الحرب الأهلية/ العربية/ الدولية، ذهب المسيحيون في لبنان إلى الرئيس السوري حافظ الأسد للاستعانة به على الفلسطينيين و «الحركة الوطنية» ذات «الشعار اليساري»... ثم لم يتورع الأكثر تطرفاً من الذهاب إلى العدو الإسرائيلي في طلب الرئاسة ومعها الضمانة، متكئين على «سابقة» أنور السادات.
أما بعد تجدد الحرب في أواخر الثمانينيات، التي تورط فيها معظم القادة العرب (صدام حسين، القذافي، وبعض الخليج وحافظ الأسد، بطبيعة الحال) فقد تقدمت السعودية (بالتوافق مع سوريا والتسليم بدورها المتميز) لترعى مؤتمراً للحوار الوطني أعاد صياغة النظام في لبنان بتكريس الشراكة المسيحية ـ الإسلامية فيه، بضمانات عربية ودولية (أميركية أساساً وضمنها الغرب كله).

مع انفجار الحرب في سوريا وعليها، تبدل المشهد العربي جذرياً: تقدمت بعض دول الخليج، وقطر بالذات، لتغدو طرفاً فيها... ثم اندفعت السعودية في عملية انتقامية ضد النظام السوري، وكانت مصر غائبة أو مغيبة نفسها بدافع الحرج. فهي لا تريد القطع مع دمشق، ولكنها لا تستطيع الدفاع عنها أو الانحياز إليها.
...وأسقط في أيدي اللبنانيين، ولا سيما المسيحيين منهم: لم تشأ أكثريتهم القطع مع دمشق، وان هي كانت ترغب في توطيد العلاقة مع السعودية وسائر الخليج.

وحين توجه هؤلاء إلى واشنطن بطلب النجدة لم يجدوا لديها الحماسة للتدخل بالقوة لإسقاط النظام السوري، وإن هي شاركت في حصاره وعينها على العراق، ومن خلفه دول الخليج، ومن خلفها إيران بموقفها المتعاون مع دمشق و «حزب الله» الذي تبدى طرفاً لا يمكن إغفاله لا في العسكر ولا في السياسية، ومع النظام العراقي الذي أعاد فتح الأبواب، التي لم توصد يوماً في وجه الأميركيين.

ها هم اللبنانيون الآن، والمسيحيون منهم بالذات، يعودون إلى المربع الأول، الكيان: يتجمعون من فوق خلافاتهم ليطلبوا الضمانات الخارجية في وجه المخاطر المرشحة لأن تنتقل إلى «الداخل». وهم قد باشروا العمل لإعادة النظر في «الصيغة اللبنانية» فتقدموا بمشروع انتخابي على قاعدة الفصل الكامل بين المسيحيين والمسلمين، فيكون لهم نوابهم و «للآخرين» نوابهم، ويكون لهم حق انتخاب رئيس الجمهورية ثم يعرضونه لينال ثقة «شركائهم المسلمين»: انهم الآن مسيحيو الشرق عموماً، ينطقون باسمهم فيطلبون الضمانات الدولية لهم وللمسيحيين السوريين والعراقيين، مجتمعين أو مجمعين في الكيان اللبناني باعتباره «دار أمان» أو «محمية» مصانة من خطر الأصوليات الإسلامية... وبهذا المنطق يتوجهون إلى السعودية وسائر الخليج، وإلى مصر: إن لم تستطيعوا حماية لبنان جميعاً فلا أقل من حماية «الكيان المسيحي» فيه، والذي يحظى برعاية دولية شاملة، يشارك فيها حتى الروس... فضلاً عن إسرائيل!

من سيعترض؟ إن السرطان الطائفي يضرب العراق فيكاد يشقه، ويضرب سوريا فيكاد يمزقها، بل هو وجد من يحمله إلى اليمن البعيد.

لم يعد المسلمون موحدين. لقد تشققوا طوائف، وتعمق الشرخ بينهم حتى أن خطر «داعش» لم يوحدهم، في حين تتبنى الأنظمة العربية ذات الشعار الإسلامي «جبهة النصرة»... والمخاطر تتقدم على الأرض، فأكثر من نصف مساحة سوريا خارج سيطرة النظام، وكذلك الوضع في العراق...
أما العروبة فصارت في «خبر كان»...

وفي الصراع بين «الحكام المسلمين» و «المتحكمين الإسلاميين» حتى إشعار آخر، ثم في ظل الصراع السني ـ الشيعي، أين وكيف سيكون مصير المسيحيين؟! لينهِ المسلمون، سنة وشيعة، صراعاتهم الدموية على مهل، ولنتمثل نحن بأكراد العراق: لهم كيانهم المستقل الذي يحظى بحماية دولية تجعله يخرج على بغداد مطالباً بحصته في ميزانيتها بينما نفطه له وكذلك مداخيله المختلفة التي تأتيه من مصادر كثيرة، بينها إسرائيل.
هل ذهبنا في التحليل بعيداً مع المخاوف؟

لكن، معظم ما يُكتب ويقال حول الخطر على المسيحيين وكأنهم في جزيرة، لوحدهم، يثير مثل هذه المخاوف التي تضاف إلى تلك التي تستولدها حروب الطوائف والأصوليات التي تملأ جنبات بلاد الشام بالدماء.
لكن عذر الخائف، عادة، أن الخوف قد يأخذ إلى خيار مستحيل!
    

 

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوف على الكيان نحو «صيغة» جديدة الخوف على الكيان نحو «صيغة» جديدة



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab