عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة..

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة..

 العرب اليوم -

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة

طلال سلمان

اكتملت اللوحة السوريالية للبنان الذي يعاني شعبه القلق من الضياع في قلب الحروب الأهلية التي تجتاح المنطقة، بالمشهد النافر «للاشتباك الأخوي» بين بعض أرقى الأندية الرياضية فيه، يوم أمس، والذي لا يمكن تبريره والتجاوز عنه وكأنه أمر طبيعي يحدث في عواصم العالم المتمدن.
فيوميًّا، وعلى مدار الساعة، وعبر أجهزة الإعلام متعددة المنطلقات والولاءات، ومنابر الخطابة في الجماهير، ولقاءات الديبلوماسيين، وحفلات الطرب الحزبي، توجه الطبقة السياسية سيلًا من الإهانات لشعب لبنان العظيم... وبمعنى ما، يمكن اعتبار ما صدر من بعض اللاعبين والجمهور إضافة نوعية لإكمال المشهد المخزي.
إن هذه الطبقة البلاقيم، والتي باعت المبادئ والشعارات السامية بثلاثين من الفضة (أو ملايين الدولارات، بلغة العصر) تعطل الحياة السياسية، بل وتعطل الدولة جميعًا: مجلس النواب والحكومة والإدارة العامة، فضلًا عن مماحكاتها التي لم تعد تسلي أحدًا في موضوع الفراغ في سدة الرئاسة... ثم تبرئ نفسها ملقية التهمة على «الدول» التي تعتبرها المرجع الأعلى في شؤون المصير.
.. علمًا أن تعطيل الحياة العامة لا يحجب الرواتب والمخصصات (وربما ساعات العمل الإضافي)، بالنسبة للنواب الذين لا يتعبون من عرض صورهم وهم يدخلون إلى المجلس النيابي متعجلين ثم يخرجون منه مبتسمين ابتسامة الانتصار: لم يكتمل النصاب.
أما تعطيل الوزراء مجلسهم دقيق التوازنات فلا يحجب عنهم مخصصات الأسفار والجولات الكونية، وغالبًا في طائرات خاصة، مع من يختارون من مستشاريهم ومعاونيهم والسكرتيرات والمرافقين..
يدخلون الحكومة وزراء.. فإذا ما استقروا على مقاعدهم فيها ينقلب كل منهم إلى رئيس دولة، له قراره، وله رأيه الخاص المستقل تمامًا عن آراء سائر زملائه ـ الرؤساء. وهكذا يتم تعطيل الحكومة.
تشتعل المنطقة جميعًا بالحروب، تتهاوى المدن ذات التاريخ ركامًا، يتساقط القتلى بالآلاف، ينزح الملايين إلى حيث يتوفر لهم المأوى الآمن (ولو مع الإذلال) سواء في الداخل أو في الجوار القريب، أما سعيدو الحظ فَمَنْ تحن عليهم السفارات الأجنبية بسمة دخول،
.. فلا يتعظ السادة المسؤولون، والقيادات التاريخية ذات الثروات، وهم يشهدون تهاوي الدول من حولنا، ولا يتحركون لحماية هذا الوطن الصغير، بل يصير النازحون الذين أتونا لاجئين موضوع استثمار سياسي وإن ظل عمقه طائفيًّا... ولا يندفع هؤلاء العاطلون عن العمل إلى أداء واجبهم الوطني في حماية الدولة بانتخاب رئيس للمقعد الشاغر، والنزول إلى «الميدان» لتأكيد التزامهم واجبهم في تحصين الداخل.
تجتاح جحافل «داعش» أرض العراق، تأخذ أعرق مدن التاريخ رهينة وتعمل تقتيلًا وذبحًا في العراقيين، عربًا وأكرادًا وإيزيديين وأشوريين، سنة وشيعة ومسيحيين، ثم تمد سلطانها الدموي إلى مناطق سورية عديدة بينها الرقة وبادية الحسكة ودير الزور وريف حلب... فيحول هؤلاء القادة المآسي إلى استثمار طائفي رخيص حيث أمكن، أما ما لا يفيدهم مالًا أو وجاهة, أو بروزًا يلفت إليهم «الدول» فيهملونه وهم يرددون: القضية أكبر منا!
تتفجر اليمن وتكاد الخلافات بين «مكوناتها» تفرض تقسيمها بالسلاح طوائف وجهات ودويلات لا فرصة لها في الحياة إلا في أحضان الأنظمة المن ذهب.. فيكتفي هؤلاء بالتفتيش عن مغنم، ولو عن طريق صفقات السلاح!
تعصف الحرب الأهلية بليبيا وتنقسم مساحتها الشاسعة دويلات لها جيوشها وتقدم «داعش» عرضًا بالألوان لمذبحة العمال المصريين وقد اختارتهم من الأقباط، بقصد تحريك نار الفتنة في «المحروسة»... ولا يتحرك هؤلاء الصناديد العضاريط من أهل السياسة إلا نحو استثمار الفتنة، بتصوير مخاطر «داعش» على المصير العربي جميعًا وكأنها تستهدف المسيحيين وحدهم..
لقد خربت هذه الطبقة السياسية البلاد بشعبها والدولة بمؤسساتها جميعًا، وكادت تحول جريمة العصابات التي احتلت عرسال واختطفت العسكريين إلى سبب إضافي للفتنة. وكادت تتسبب بكارثة وطنية في طرابلس، ومن قبل في صيدا، بالانغماس في لعبة الابتزاز السياسي بمعطيات طائفية ومذهبية. والحمد لله أن وعي الناس في هاتين المدينتين العريقتين في تاريخهما الوطني وجهود بعض البعض من المسؤولين قد جنبا البلاد فتنة عمياء تأخذها إلى حيث تكاد تضيع سوريا وتكاد تتمزق دول العراق وليبيا واليمن.
... ولسوف يقرأ المعنيون هذه الكلمات ثم يبتسمون بسخرية وهم يقولون: وتزعمون أن لا حريات في دولتنا الديموقراطية!! زيدونا من هذه الحكم الخالدة! إنها تطربنا!

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab