لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا

لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا

لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا

 العرب اليوم -

لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا

طلال سلمان

يستحق الأخضر الإبراهيمي التحية على «عناده» وإصراره على الاستمرار في تأدية مهمته الدقيقة التي قد تشكّل الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا مما يتهددها من أخطار تتجاوز نظامها إلى وحدة شعبها وكيانها السياسي. ليس مخطئاً التقدير أن «سي الأخضر» يؤدي مهمته على حافة الاستحالة بوصفها واجباً قومياً، قبل أن تكون تكليفاً دولياً بمهمة فائقة الأهمية، عربياً ودولياً بل وإنسانياً قبل السياسة وبعدها. وليس سراً أن هذا الدبلوماسي العربي العريق الذي استولدته ثورة الجزائر وعاش في قاهرة جمال عبد الناصر وهي تبني مصر القلعة العربية للصمود وتحقق للعرب مكانتهم في الدنيا، يقاتل الآن على جبهات عدة من أجل استنقاذ مهمته التي قد تفتح الباب لحل سياسي للمأساة القومية التي تعصف بسوريا وتتهددها، شعباً رائداً في نضال أمته ودولة كان لها دورها الحاكم في العديد من محطات العمل السياسي العربي. ... وهو يقاتل الآن في سوريا ومن أجل سوريا: يختلف مع نظامها في تقدير الموقف، ويحاول استنقاذ وحدتها التي تعاني الآن من تصدعات خطيرة تهدد كيانها السياسي، أي دولتها التي تحولت إلى «جهات» و«مناطق» و«أقاليم» و«أرياف» ومدن مدمرة أو على وشك أن تدمّر... إن بين شروط نجاح الإبراهيمي، في مهمته أن يعترف النظام بأنه قد ارتكب أخطاء فادحة بل خطايا مميتة في معالجته للأزمة التي بدأت محدودة وإن أنذرت بانفجار مدمر... لا سيما أن الأخطاء قد فتحت ثغرات وفجوات واسعة في «البلاد» يسّرت لكل صاحب غرض ولكل مخاصم في السياسة أو في المصالح أن ينفذ منها إلى «الداخل» فيحرّض ويقدّم الدعم المباشر، مالاً وسلاحاً ومراكز تدريب وملاجئ آمنة لكل معارض وأي معارض، متجاوزاً الداخل إلى سوريي الشتات، ومستقطباً كل خصوم النظام سواء من أركانه السابقين أو من المتضررين من وجوده، أو خاصة أولئك الذين خسرهم النظام ممن كابروا فظلوا قريبين منه يحاولون نصحه، إدراكاً منهم للخطر الذي يتهدد سوريا في وحدة شعبها ودولتها قبل نظامها وبعده. ويعرف الأخضر الإبراهيمي أن النظام كان يحظى، عند انفجار الأزمة التي باتت الآن أقرب إلى الحرب الأهلية، برعاية استثنائية من قبل أطراف انقلبت عليه واندفعت تموّل وتجمع أشتات المعارضة وتسلّحها في معركة محمومة لإسقاطه، من دون أن تتوقف ـ للحظة ـ أمام خطر تفكك «الدولة» في سوريا، وانفراط عقد شعبها الموحّد إلى أشتات من الطوائف والمذاهب والعناصر والأعراق، وهو الذي كان مضرب المثل في صلابة وحدته الوطنية وفي اندفاعه إلى تلبية نداء الواجب القومي في أية أرض عربية... ويتذكر سي الأخضر بالتأكيد أن ألوفاً من شباب سوريا قد اندفعوا متطوعين إلى الجزائر ليساهموا في حركة تعريب المناهج ثم في تدريس طلابها الذين عرفوا استقلال الوطن قبل أن يعرفوا القراءة والكتابة بلغتهم ـ الأم، الأصلية. ومع انه لا أعذار للنظام الذي تراجع عن الإصلاح الموعود إلى المواجهة، في أنه يقاتل الآن في قلب دمشق وحلب وحماه وحمص ودير الزور ودرعا وبانياس وسائر أنحاء سوريا. لقد كان الخطأ في الداخل هو الباب الذي دخل منه «الخارج»... وقد توسّل هذا الخارج خطايا النظام، وأخطرها أنه رفض مبدأ الحوار مع معارضة وطنية لها تاريخها في النضال من أجل رفعة سوريا ودورها القومي، ولها على النظام حقها في الدور لأنها طالما حمته ودافعت عن أخطائه، مفيدة من رصيدها الفكري والثقافي في دنيا العرب. لقد تصرف النظام، ومنذ اللحظة الأولى، أنه هو المستهدف، وليست سوريا، وكان رد فعله «كيدياً» و«ثأرياً»، وكأن المعارضة ـ أي معارضة وكل معارضة ـ تنتقص من شرعيته... وتسبب هذا السلوك في استعداء قوى وهيئات لم تكن بعيدة عن النظام أو معادية له. ثم ذهب النظام إلى أبعد من ذلك فاستعدى كل من قال بضرورة الإصلاح، مع أنه ـ شخصياً ـ طالما تحدث عن أن نظامه بات عجوزاً، ولا بد من إصلاحه، وشكا من أنه لا يجد من يساعده على إنجاز هذه المهمة الوطنية الجليلة، في بلاد لا تشكو نقصاً في الكفاءات، ولا يتأخر شعبها عن التضحية من أجل حرية الوطن واستقلال قراره ومكانته عربياً ودولياً. ولقد باتت المهمة الآن استنقاذ سوريا، دولتها ووحدة شعبها ودورها في محيطها، أكثر مما هي استنقاذ للنظام... فالمعارضات التي تقاتل الآن في معظم أنحاء سوريا لا تهتم لوحدة الوطن ودولته، ولا تتوقف لحظة لتدرأ خطر الفتنة عن شعبها الذي واجه قوى الاستعمار والضغوط الأجنبية وبقي موحداً. من هنا فإن أخطر ما يواجه الأخضر الإبراهيمي الآن أن يعتبر النظام أن وجوده أهم من وجود سوريا شعباً موحداً، ودولة ذات دور أساسي في منطقتها. وإذا كانت بعض الدول العربية التي طالما أشادت بالنظام السوري، باعتباره حامي البوابة الخليجية، ودعمته في بعض مواجهاته مع الخارج، قد انقلبت عليه واندفعت تقاتله بذرائع فيها خليط عجيب من الطوائفية والمذهبية وادعاء الحرص على الإصلاح والديموقراطية، فإن تلك الدول ما كانت لتجرؤ على شن هذه الحرب لو أن النظام قد احتمى بشعبه بدل أن يواجهه. ولأننا، ومن خلال تجربتنا مع الأخضر الإبراهيمي، نعرف طبيعة الرجل، ونعرف أسلوبه في العمل، وعناده وهو يسعى إلى التسوية التي يرى فيها الإنقاذ، فإننا نقدّر إصراره على الاستمرار في مهمته التي لها عنوان واحد هو خلاص سوريا مما يتهددها من مخاطر في وجودها، كدولة، وفي وحدة شعبها الذي أعطى الأمة ـ بدولها المختلفة ـ أكثر بكثير مما أعطته. إنها الفرصة الأخيرة لسوريا ـ الدولة والشعب قبل نظامها الذي فقد من رصيده بقدر ما فقدت سوريا من دورها ومكانتها ووحدتها الوطنية. ومن أسف فإن فشل مهمة الإبراهيمي، ولأي سبب، سيكون بمثابة إعلان رسمي بسقوط سوريا الدولة والشعب في غمار حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. ... وبعدها سيكون الدور على دول المشرق عامة، وبينها لبنان الذي حاول فيه الأخضر الإبراهيمي ونجح، ثم خرب أهل النظام اللبناني ما كان نجح فيه هذا الديبلوماسي الذي يحتاج قدراً من الضباب لكي ينجز مهماته المستحيلة. ولعل اتفاق جنيف هو «الضباب» الذي يفتح باب الحل لاستنقاذ سوريا. نقلاً عن جريدة "السفير"

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا لكـي ينجـح الأخضـر الإبراهيمـي فـي فتــح البــاب لإنقـاذ سوريـا



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab