موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين»

موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين»

موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين»

 العرب اليوم -

موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين»

طلال سلمان

لم يبالغ الذين وصفوا زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى دمشق بأنها «تاريخية»... فهي تأتي من خارج السياق الرعوي الذي ألِفه اللبنانيون (والسوريون) من بكركي. ثم أن توقيتها لا يمكن أن يحتسب خارج السياسة وخارج التطورات الدراماتيكية والتحولات المؤثرة التي تشهدها دول المنطقة، والتي تحتل فيها التنظيمات الدينية، الإسلامية أساساً، والمسيحية أحياناً، فضلاً عن الدعاة والمؤسسات الطائفية والمذهبية في مختلف الأقطار العربية، موقعاً قيادياً مؤثراً في العديد من الدول العربية. هل من الضروري التذكير بأن «الإخوان المسلمين» يحتلون سدة الرئاسة في كل من مصر وتونس، من دون أن ننسى السودان والمغرب وليبيا التي تحاول اللحاق بالركب وتُعجزها القبلية؟! وهل من الضروري التذكير بأن أنظمة شبه علمانية ولو بالادعاء، قد سقطت رموزها في خضم الثورات الشعبية التي اجتاحت دولاً عدة في الوطن العربي، وأخلت مكانها للإسلاميين، إخواناً بالدرجة الأولى، ومعهم بعض التنظيمات والفرق الأصولية والسلفية التي تلتقي معهم في مواجهة «الآخرين» من «العلمانيين الكفرة» أي «المواطنين الطبيعيين»؟! ثم، هل من الضروري التذكير بالاعتداءات المنظمة التي استهدفت الكلدان والأشوريين وسائر أبناء الأقلية المسيحية في العراق، خلال السنتين الماضيتين والتي ألقيت المسؤولية عنها على أكتاف «القاعدة»... وهي عريضة تتسع لأي اتهام باضطهاد الآخرين المختلفين مع «أصوليتها» الأعظم تطرفاً، والتي «لا تميز» في استهدافاتها بين المسلمين من السنة ثم من الشيعة أساساً، وبين المسيحيين بمختلف مذاهبهم؟! تتصل بذلك التصرفات النافرة والخارجة على الأصول، الوطنية قبل الدينية، والتي تعامل بها حكم الإخوان المسلمين في مصر مع رحيل بابا الأقباط العظيم، المفكر والمجتهد وداعية الوحدة الوطنية ومكفر من يزور القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي: الأنبا شنودة... وكذلك تصرف هذا الحكم ذاته مع حفل تنصيب البابا الجديد، رأس الكنيسة القبطية. بالإضافة إلى استمرار الاعتداءات المنظمة التي يرتكبها أصوليون سلفيون وإخوان ضد مواطنيهم الذين أعطوا مصر اسمها، الأقباط؟! بهذا المعنى تكتسب زيارة البطريرك الراعي إلى دمشق أبعاداً سياسية تتجاوز مجاملة طائفة الروم الأرثوذكس في مركز بطريركيتها في سوريا (وكلاهما إضافة إلى بطريركية الروم الكاثوليك) ما زالت تحتفظ باسمها ـ هويتها الأصلية: «بطريركية أنطاكية وسائر المشرق»، مع أن أنطاكية قد أخرجت من نطاقها الجغرافي الوطني السوري لتلحق بتركيا، كهدية من الانتداب الفرنسي لضمان وقوفها مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، بغير أن تفتح أرضها للقوات الروسية. بل إن هذه الزيارة تكاد تشكل خروجاً على السائد في اللحظة السياسية الراهنة. إن دعاة الإسلام السياسي لا يتورعون عن تكفير سائر المسلمين الذين يرفضون مشروعهم... ولقد بتنا نسمع بعض الدعاة المستنبتين أو ممن استولدهم الفكر التكفيري يوجهون تهمة «الردة» و«الخروج على الدين» إلى فصائل وقيادات ومرجعية كانت تصنف عادة في خانة المتعصبين أو المتطرفين في تفسيرهم لمعنى الإيمان والالتزام بثوابت الدين الحنيف. وإذا كان المسلمون من ثابتي الإيمان باتوا يتخوفون من احتمال تكفيرهم، فكيف بغير «أهل السنة» من المسلمين، ثم بالمسيحيين لأية طائفة انتموا؟ وكيف تتأكد تلك الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن العرب المسلمين قد التزموا ثوابت دينهم فلم يُكرهوا المؤمنين بأديان أخرى على تغيير دينهم، وبقي أهل هذه الأرض على إيمانهم، مع استثناءات معدودة في لحظات تاريخية محددة، استهدف خلالها الآخرون في دينهم، وفي الغالب الأعم كان المستهدَفون من أبناء الطوائف الإسلامية الأخرى، في حين ظل المسيحيون إجمالاً على دينهم. *** إن الإسلام السياسي يشكل خطراً داهماً على المسلمين، أولاً وقبل أن يمس المنتمين إلى أديان أخرى. واللافت أن بعض قياديي الإخوان المسلمين في مصر وفي سعيهم للتودد إلى الإدارة الأميركية ونفاق إسرائيل، قد وصل بهم الأمر إلى حد المطالبة بعودة اليهود المصريين الذين باتوا إسرائيليين منذ ستين سنة أو يزيد، إلى مصر وإعادة الأملاك إليهم أو تعويضهم عنها (مع الفوائد)... علماً أن الأكثرية الساحقة من هؤلاء قد غادروا وفق خطة منظمة، شاركت فيها أطراف دولية عديدة، واستقروا في فلسطين المحتلة، وصاروا إسرائيليين وقاتلوا «وطنهم» الذي كان دائماً وطنهم واحتلوا بعض أرضه بقوة السلاح. *** الأرض بأهلها. والمسيحيون مثل المسلمين هم أبناء هذه الأرض وأهلها، لا يميز بينهم إلا الاختلاف في الدين، وهذا شأن شخصي، ولكن الهوية هي الهوية والمصير هو المصير، العدو واحد والمستقبل واحد، والخطر على الأهل، كلهم، واحد. ومن أسف، فإن «السياسات» هي التي حالت دون مثل هذه الزيارة، في ماضي العلاقات بين «الدولتين» المتداخلتين في الأرض وأهلها الذين هم أهلها، وإن اختلفت «الهويات» السياسية. ومن أسف أيضاً أن مثل هذه الزيارة الطبيعية، في الأحوال الطبيعية، قد باتت استثناءً وحدثاً جليلاً تخصص له الصفحات الأولى والعناوين العريضة، نتيجة اختلال المعايير واضطراب الحسابات السياسية التي طالما أدت إلى تقسيم الموحد، وهي تنذر الآن بتقسيم المقسم وتدمير كل الروابط المقدسة بين أبناء هذه الأرض، وبينها الهوية في الماضي والحاضر والمصالح المشتركة، أمس واليوم وغداً. ومن أسف، أخيراً، أن تنظيمات الإسلام السياسي تستولد تنظيمات مشابهة لدى المنتمين إلى أديان أخرى، أو حتى إلى مذاهب إسلامية أخرى، مما يهدد الثوابت الوطنية والكيانات السياسية في هذه المنطقة التي تتوحد في المشتركات، ولو في «دول» مختلفة، لتواجه المخاطر المصيرية التي تتهدد الجميع من دون استثناء.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين» موقع «الزيارة التاريخية» على خريطة حكم «الإسلاميين»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab