الجامعة اللبنانية وتعييناتها حين يصير الاستاذ تابعاً

الجامعة اللبنانية وتعييناتها: حين يصير الاستاذ تابعاً

الجامعة اللبنانية وتعييناتها: حين يصير الاستاذ تابعاً

 العرب اليوم -

الجامعة اللبنانية وتعييناتها حين يصير الاستاذ تابعاً

علي الأمين

تراجع رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين عن قراره تعيين احد مديري كلية من كليات الجامعة اللبنانية في الشمال. وجاءت العودة عن القرار بعد اعتراض سياسي كبير في مدينة طرابلس بذريعة عدم قانونية قراري التعيين من جهة، والاخلال بتوازنات مذهبية ومناطقية شملت التعيينات التي طالت فروع الشمال وفي العديد من الفروع في الجامعة، وبعد تهديد بالاضراب ردّا على القرار، في مختلف كليات الجامعة اللبنانية في الشمال.

ليس المستهجن في ما جرى طبيعة المعترضين على القرار، ولا قرار التعيين، وان كان كلاهما ناجما عن تدخل السياسة السافر في الجامعة اللبنانية. فالتعيينات باتت تتم لا استنادا الى معايير اكاديمية، بل على اساس المحاصصة الحزبية. ولاء الاستاذ الجامعي السياسي هو شرط لترقيته او حتى في اصل تعيينه ضمن الكادر الاكاديمي. ورغم فداحة هذا الواقع وسوء وقعه على الجامعة ومستقبلها، فان ما هو اشد وادهى عدم وجود مقاومة اكاديمية لهذا الانتهاك السياسي، كانت مثلتها في محطات تاريخية رابطة اساتذة الجامعة اللبنانية.

اليوم لا صوت لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية ولا همسُ، بل صمت اشبه بصمت القبور. فبعد تعيين 1300 استاذ جامعي استكانت الجامعة. فالاحزاب السياسية داخل الحكومة نجحت في تطويع الكادر التعليمي، بعدما برعت في تعطيل الحركة الطالبية، لتتحول الجامعة الى مساحة نفوذ حزبي يتفوق على كل ما هو اكاديمي. فغياب "رابطة الاساتذة" تم بالتعطيل البنيوي، بعدما تحولت الى مجلس ممثلين لاحزاب السلطة، وصار الاعضاء فيها يتنافسون على اثبات ولائهم للاحزاب على حساب دور الجامعة ومستقبلها كرافعة للحياة الوطنية في المعرفة وفي التفكير والسلوك.

الجامعة اللبنانية تفتقد اليوم اكثر من ايّ وقت مضى حسّ التغيير والاعتراض. تستسلم بالكامل للعبة تهميشها بالزبائنية. الجامعة اللبنانية تفتقد دورها وحضورها الخاص، وتتحول الى مجرد كتل بشرية ومبان تتقاسمها السلطة. وصوت الجامعة لم يعد مختلفا ولا نكهة خاصة فيه، بل صار مجرد صدى هزيل لجلبة الاصوات السياسية التي تضج في البلد من دون معنى. لا حياة في الجامعة. المرض ينتشر ويستوطن في احشائها، خصوصا في رأسها المصادر. ومن فيها من اكاديميين يحترمون دورهم وقانون توظيفهم، باتوا يدركون ان القانون هو بيد من ينتهكه بالقوة وبالهيمنة والتسلط.

الجامعة اللبنانية هي مؤشر اضافي الى ما وصلت اليه الدولة. اذ كانت احد آخر المعاقل التي يمكن ان تفتح افقا على اعادة ترميم الوطنية اللبنانية بمضمون حداثي وشبابي، يطوي التجارب السياسية الموغلة في تدمير الكيان والدولة. ليس تعيين مدير هو الأزمة، بل هو احد تعبيراتها التي تستفحل بقوة الزبائنية والحزبية. فتعيين المدير او العميد فعلياً هو بقرار سياسي يقره رئيس الجامعة بلا اعتراض، والغاء التعيين قرار سياسي يقره رئيس الجامعة بلا اعتراض ايضاً.

يكفي ان تكون التعيينات للعمداء والمديرين في الجامعة اللبنانية من اختصاص الاحزاب السياسية، وتخضع للمحاصصة الفجّة، لتكون الجامعة مشلولة، عاجزة عن ابتداع ذاتها الموضوعية من خارج التماهي مع خارجها الهابط، ليس في السياسة فحسب، بل في الاخلاق ايضاً. الجامعة اللبنانية تنوء تحت اثقال السياسيين، وتفتقد القدرة على الابداع والتميّز وطنياً. فكلما ترسخت التبعية الادارية والاكاديمية للسياسيين داخل الجامعة، تراجعت وتلاشت القدرة على الخلق والابداع في الفكر وفي العلوم وفي كل مناحي التطور والارتقاء بالمجتمع والدولة.

افساد الجامعة مستمر بتوافق مشبوه بين الاطراف السياسية. والسلطة السياسية نجحت في كسر سلطة الجامعة. فطوّعتها وحولتها الى كائن هلامي يفتقد شخصيته المعنوية، عاجز عن اطلاق حيوية معرفية عابرة للاصطفافات. يفترض الا تكون الجامعة حزبا ولا قبيلة، بل مصنع افكار وحيويات ترفد الحياة الوطنية بافكار وتطلعات جديدة وخلاقة. الجامعة اليوم يديرها موظفون لا اكاديميون... تديرها عقول تابعة للسياسي، ترذل المعرفة والابداع، عقول تغريها الغوغاء وتنبذ عرش الجامعة.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجامعة اللبنانية وتعييناتها حين يصير الاستاذ تابعاً الجامعة اللبنانية وتعييناتها حين يصير الاستاذ تابعاً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab