تعميم الفساد والانحلال لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة

تعميم الفساد والانحلال.. لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة

تعميم الفساد والانحلال.. لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة

 العرب اليوم -

تعميم الفساد والانحلال لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة

علي الأمين

فساد الزعيم في وعي الجماعة الممثل لها فساد من اجلها وفي سبيلها

السلطة الفاسدة لكي تستمر تهبط بالمجتع الى ما يتناسب مع هبوطها وانحدارها

 

تنحدر الاخلاق وتتداعى في المجتمعات عندما تنحدر السياسة وتتراجع لحساب تأبيد السلطة الحاكمة في هذا المجتمع او في الدولة. كل سلطة مستبدة تسعى بالضرورة الى جعل نموذجها المثال والامثولة لمجتمعها. اي ان السلطة بسعيها هذا تدرك ان غاية الامثولة والمثال، هي اتّباعها والسعي لتمثُل اخلاقياتها وسلوكها. وبهذا المنهج تحاول السلطة جعل نفسها مقدسة أمام اتباعها وفي المجتمع والدولة، لتبرير وتأبيد نموذجها التسلطي القائم على الاستبداد. ولا مرة لم تكن للاستبداد ذريعة يستخدمها المستبدون في مواجهة اي مسّ بالسلطة التي يمتلكونها، او لتقويض ايّ فكرة مغايرة او مختلفة يفترضون انها تمسّ المقدس، في هذه الحال السلطة هي المقدس ولا شيء سواها.

وعندما تنحدر السلطة بقيمها، ويستشري الفساد في مفاصلها، ويستفحل الاستبداد في سلوكها، تدافع - هذه السلطة - عن بقائها عبر تعميم ثقافة الفساد في المجتمع. فهي عندما تدفع بالمجتمع ومؤسساته نحو هذا الدرك، تدرك انها تحمي نفسها من المحاسبة. لذا لا يمكن ان تحافظ على سلطتها الا بالمزيد من افساد المجتمع. وحين تجد نفسها، في المعنى الاخلاقي، ضمن موقع مغاير للثقافة المسيطرة على مفاصل المجتمع، ستشعر بتهديد وجودي، وبالتالي لا بد لكي تستمر، من ان يهبط المجتمع لكي يتناسب مع هبوطها وانحدارها.

هنا يصبح "الاستثمار في الجهل" (العبارة للراحل السيد هاني فحص) سبيلا لحماية الفساد، وعبر اضفاء القداسة على الحاكم تتحصن السلطة. ولبنان نموذج من هذه النماذج حيث تجتهد السلطة على مستوى الجماعات او على مستوى السلطة الممثلة لها، في افساد المجتمع. فالزعيم، اذا ما تورط في نهب المال العام، فيجب ان يرتبط هذا النهب في وعي الجماعة الممثل لها على أنه نهب من اجلها وفي سبيلها. ولا يمكن لهذا الوعي ان ينوجد اذا لم يكن مسبوقا باعلاء ثقافة التشبيح والسلب للمال العام وان يتحول النهب عمليا الى حق مشروع، اذا كان في سبيل جماعة ما او لحساب رمز من رموزها او حتى من اجل "قضية مقدسة". الافساد لكي يحقق مبتغاه ويترسخ في المجتمع لا بد ان يعمد الحاكم اوالزعيم الى فتح مسارب له نحو مفاصل المجتمع.

والسلطة في هذه الحال معنية بتوفير الذرائع. ففي سبيل ذلك لا بد من تهميش سلطة القانون. ويتم ذلك من خلال اظهار السلطة كفاءتها في تجاوزه. فالقوة بذاتها هنا تصبح هي الشرعية وهي القانون. وكلما نجحت السلطة في هذا المضمار... تحولت الى مركز استقطاب ونموذج يُحتذى به في المجتمع. فالسلطة الفاسدة لا يمكن ان تستمر ان لم تروج وتحمي الفساد في المجتمع. بهذا المعنى يمكن ان نفهم، على سبيل المثال لا الحصر، ظاهرة استسهال التعدي على الاملاك العامة ومصادرتها. تساوى في هذا رموز في السلطة ومواطنين عاديون. فمخالفة الدستور والقانون هي بالضرورة دعوة مباشرة الى الناس لتجاوز القانون. ولا يمكن تجاوز الدستور لو ان هذا الانتهاك لم يتكامل ويمتد لانتهاك قواعده في الشارع وبين المواطنين.

الافساد في المجتمع شرط ضروري لاستمرار السلطة الفاسدة. والاخطر ان يتم استدعاء الدين لتبرير الفساد والافساد. ولطالما ساهمت السلطات الدينية في تبييض جرائم الفساد داخل السلطة وعلى مستويات ادنى. ففي الخروج على سلطة القانون والدولة شكلت تجارة الفتاوى الدينية الخاصة والعامة، الصغرى والكبرى، سبيلا لمحاولة اضفاء شرعية دينية على ارتكابات شتى . وهذا ما خبرناه خلال العقود الماضية في اكثر من مجال ساهم في اضعاف الدولة من جهة وتثبيت السلطات الخارجة عليها.عندما تتهاوى او تتصدع قواعد الدستور والقانون في ادارة الدولة، لا يبقى المجتمع على حاله، بل تبرز فيه ظواهر تتمثل السلطة، وتتبعها وتحاكي انتهاكاتها في مجالها. وينشأ تواطؤ بينهما على استثمار الجهل من اجل حماية السلطة. والسلطة هنا، منظومة متكاملة تقوم على الاستبداد ورذل النقد والاصلاح.

وكلما غرق المجتمع في وحول الفساد والافساد، تقدم الجهل وحكَم... وهذا اساس لا بد منه لحماية السلطة الفاسدة والمفسدة... سواء حكمت باسم الدين ام الطائفة ام الوطنية...

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعميم الفساد والانحلال لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة تعميم الفساد والانحلال لحماية السلطة الفاسدة والمنحلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab