زحفاً زحفاً نحو القدس مجرد شعار أيضاً

"زحفاً زحفاً نحو القدس" مجرد شعار أيضاً

"زحفاً زحفاً نحو القدس" مجرد شعار أيضاً

 العرب اليوم -

زحفاً زحفاً نحو القدس مجرد شعار أيضاً

علي الأمين

أصحاب شعار "زحفاً زحفاً نحو القدس" لم تستنفرهم الجرائم الاسرائيلية في القدس وعلى امتداد الاراضي الفلسطينية، اذ لم تشهد مناطق نفوذ حزب الله على الاراضي اللبنانية ايّ نشاط من تلك التي لطالما كان حزب الله ينظمها حين حصول احداث في فلسطين المحتلة، حتى تلك الاقل اجراماً مما يحصل اليوم. حتى البيان الرسمي الايراني بشأن القدس تحدث عن "ادانة" للاعمال الاسرائيلية من دون اي نبرة عدائية أو تهديدات صوتية بإزالتها من الوجود.

 

منذ ان انخرط حزب الله في القتال السوري باتت فلسطين تعبوياً وإعلامياً عنصراً ثانوياً في برنامج حزب الله وجمهوره. ولعل المفارقة التي تفرض هذه الملاحظة، تتمثل في ان الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ اسست حزب الله العام 1982، وفي خضم الحرب العراقية الايرانية بين العامين 1980 و1988، رفعت شعار تحرير القدس وبدأت تضع العلامات التي تشير الى المسافة التي تفصل جنودها عن القدس، على طول المدن والمناطق الايرانية التي كان يجري تحريرها من الجيش العراقي.

 

لطالما ادركت القيادة الايرانية ان عنوان القدس والقضية الفلسطينية هو مفتاح قلوب العرب الذين كانت القدس وفلسطين عنوان الهزيمة التي تسللت الى وجدانهم. لذا شكلت لدى الغالبية منهم بوصلة يحددون من خلالها الأصدقاء والأعداء في الدائرة الوطنية وعلى مستوى العالم. من هنا شكل شعار "تحرير القدس" وسيلة نموذجية لاختراق ايران، بمشروعها الايديولوجي، الدول العربية، اي من عنوان فلسطين وشعار الوحدة الاسلامية. وأقامت ايران مئات المؤتمرات الشعبية والسياسية شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين العرب من مختلف الدول.

خلاصة شعاري "الوحدة الاسلامية" و"زحفا زحفا نحو القدس"، لم يتحقق منهما شيءعلى ارض الواقع. بل يمكن القول ان الواقع العربي اليوم وصل الى الدرك الأسفل الذي يجعل من اليسر ان يخرج قيادي لبناني ليقول ان طريق القدس تمر من الزبداني أو من حلب او... من اي مدينة عربية ما عدا البلدات والمدن الفلسطينية. وليس هذا فقط، بل انتقل واقع المسلمين من حالة سياسية لا يشكل فيها العنصر الطائفي او المذهبي محركا للخيارات الاستراتيجية، الى مرحلة نعيشها منذ سنوات بات فيها الانتماء المذهبي هو الذي يحدد خياراتنا الاستراتيجية.

 

ليست السياسة الايرانية بريئة من هذا الواقع. ذلك انّ ايران، التي تحقق انتصارات كما يروج قادتها في المنطقة العربية وفي مواجهة اميركا، ترافق هذه "الانتصارات الالهية" هزيمة حضارية تطاول العرب والمسلمين. اذ لا يمكن لايران ان تكون منتصرة في مشروعها الاسلامي فيما المسلمون والعرب عموما في هزيمة وانكسار. هذه الصورة تكشف ان مصالح المشروع السياسي والايديولوجي الايراني لا تعبر عن مصالح شعوب المنطقة العربية ودولها، بل لكونه مشروعا منتصرا، فهو منتصر على من؟ بالتأكيد ليست اسرائيل المهزومة، ولا الشرق الروسي، ولا الغرب الاوروبي والاميركي مهزومين في منطقتنا العربية، ولا انظمة الحكم العربية التي استعادت زخمها بعد "الربيع العربي".

 

قوّة ايران في المنطقة العربية ترافقت مع استعار الحرب المذهبية، وواكبت تصدع مشروع الوحدة الاسلامية بالمعنى السياسي وحتى الحضاري. رافق الانتصار الايراني تدمير الدولة الوطنية العراقية، وافتخر الساسة الايرانيون بقوتهم في اختراق الدول العربية بوسائل مذهبية وايديولوجية زادت من ازمة هذه الدول وطنياً ولم تقدم السياسة الايرانية لها الا مشاريع حروب داخلية. لم تكن هذه الدول قبل النفوذ الايراني بكامل عافيتها لكن الاختراق الايراني لم يوفر عناصر وحدتها بل رسخ عناصر الانقسام بشكل غير مسبوق في تاريخنا العربي الحديث.

 

خلاصة المشهد العربي اليوم تكشف ان شعار تحرير القدس والزحف نحوها لم يكن في نتائجه الا وسيلة اختراق كل العواصم العربية، باستثناء القدس، وان شعار "الوحدة الاسلامية" خلص الى شعار وحدة الشيعة، وأن وليّ امر المسلمين لا يمكن ان يكون الاّ ايرانيا وشيعيا لكنه ولي امر المسلمين شاء من شاء وأبى من أبى.

 

المنتصر ليس نحن في اوطان العرب وفي فلسطين، ولا مشروع الاسلام الذي طالما بشرت ايران بانتصاره، بل ثمة انتصار للمشروع الوطني الايراني وهزيمة لمشاريع دولنا الوطنية. الانتصار الايراني هذا لا يقلق اسرائيل ولا يحرر القدس، كما كان ليحصل لو أن العرب انجزوا دولتهم الوطنية الحديثة. قبل اسابيع قال الرئيس الايراني حسن روحاني ان "الموت لأميركا" مجرد شعار... "زحفاً زحفاً نحو القدس" مجرد شعارٍ ايضاً.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زحفاً زحفاً نحو القدس مجرد شعار أيضاً زحفاً زحفاً نحو القدس مجرد شعار أيضاً



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab