شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال

شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال

شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال

 العرب اليوم -

شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال

علي الأمين

كلّ القوى التي تعادي إسرائيل لا تدرج أولوية مواجهة إسرائيل، عملياً، في سلّم أولوياتها اليوم. ومحاولة تحريك الجبهة مع إسرائيل من قبل بعض الأطراف، سواءً من قطاع غزّة أو من الجولان أو من جنوب لبنان، يندرج في سياق تصفية الحسابات الداخلية، أو محاولة استعادة صورة مجد قديم فقد وهجه وتأثيره في الحاضر، بعدما غرق أصحابه في استراتيجيات الحروب الداخلية ووحول القتال من أجل تحرير مساحات أخرى في الملعب الداخلي.

العملية العسكرية التي استهدفت آلية إسرائيلية في مزارع شبعا ظهر الثلاثاء تأتي خارج السياق السياسي الذي انتهجه حزب الله منذ "تحرير القصير" في سورية، والانتقال إلى "حماية المراقد المقدّسة"، و"استنقاذ" حمص من أيدي معارضي النظام السوري. كلّ الإمكانيات البشرية والمادية التي صُرِفَت في حروب الواجب المقدّس، رغماً عن اللبنانيين ومعظم الشعب السوري، لم تُتَح لمزارع شبعا الجزء اليسير منها، بهدف تحريرها.

مشكلة حزب الله بعد مأزقه السوري أنّ بضاعة "قتال إسرائيل" لم تعد قابلة للبيع في بلاد العرب والمسلمين، ولا حتّى بين اللبنانيين. والموضوع الإسرائيلي، كما تُظهر الوقائع، مؤجّل لدى الحركات المسلّحة المعادية للكيان المغتصب. فالصراع مع إسرائيل لم يعد أولوية بالنسبة إليهم. والإسرائيليون يقرأون المشهد بما يعنيهم. لذا لن تستدرج عملية شبعا جيشهم للدخول في مواجهة عسكرية نوعية مع حزب الله أو لبنان، ولسان حال حكومتهم يقول لحزب الله ولبنان: "ما أنتم فيه هو أفضل ما نتمنّاه لكم ولنا".

وبالطبع ليست مصادفة أن تأتي عملية المزارع إثر ضربة معنوية وعسكرية تعرّض لها حزب الله في جرود بريتال، كسرت هالة القدرات الفائقة لحزب الله، التي لطالما تغنّى بها، وصوّرته أمام جمهوره كـ"قوّة تدخل إقليمي" قادرة على حماية النفوذ الإيراني وتحقيق الانتصارات في حلب بسورية وفي الموصل بالعراق وليس في القلمون وحسب. وها هو الجمهور الذي انتظر الانتصارات في سورية يرى كيف يتعاظم شأن المجموعات الاسلامية الإرهابية وتهاجم مواقع حزب الله، ليس في سورية فقط بل داخل لبنان.

ولعبة الايديولوجيا الدينية التي يفاخر بها حزب الله، والشهادة في سبيل الله، التي بشّر بها واعتبرها سرّ إنجازاته، يأتي اليوم من يحمل كثافة أيديولوجية أشدّ ليقاتله بها ومنها، ولديه درجة عالية من الاستماتة من أجل تحقيق أهدافه. وهي أيضا بالنسبة إليه أهدافٌ إلهية تستحقّ الموت. ولعلّ خطر هذه المجموعات، وهذا بالتأكيد اكتشفه حزب الله وإيران، أنّ لديها عمقاً شعبياً هائلاً، وأنّ قدراتها القتالية تطوّرت خلال العامين المنصرمين بشكل كبير. وهذا سدّ الأفق السوري فتراجع حديث الانتصارات على واقع مأسوي خطير هو: بقاء نظام الأسد مسيطرا على 45 في المئة من الأراضي وسقوط نحو 200 ألف قتيل، فيما ثلث الشعب السوري خارج أرضه. وانكشف المشهد على واقع أكبر بكثير من النظام السوري وحزب الله وقدراتهما. هي صورة المارد الذي كبر وخرج عن السيطرة. مارد الجماعات الاسلامية الإرهابية الذي تحوّل إلى مشكلة عالمية اقتضت إنشاء تحالف دولي لمواجهته.

فقد استدعى "داعش" كلّ هذا الحراك الدولي والإقليمي لصدّه ومنع تمدّده. وتظهر الأحداث كم أنّ حزب الله تحوّل إلى تفصيل لدى المجتمع الدولي أمام خطورة داعش. والخطورة أنّ مشهد بريتال قابل إلى أن يتكرّر من قبل مقاتلي "جبهة النصرة"، خصوصاً أنّ "داعش" لم يعلن بعد أنّه بدأ قتال حزب الله. والوقائع تثبت أنّ حزب الله الذي ذهب إلى سورية بحجّة "منع الارهابيين من الوصول إلى الحدود"، بات ظهره اللبناني في جرود بريتال غير محمي. وعملية شبعا ضدّ الاحتلال الإسرائيلي لن تستطيع إخفاء تداعيات الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه في انخراطه بوحول الحرب السورية. ومشكلته أنّه بالغ في تصديق قدراته، مبالغة يكشفها استنجاده بالجيش اللبناني لمواجهة وكر الدبابير الذي حرّكه واستجلبه قتال في سورية إلى عرسال وبريتال.

الجيش اللبناني يبدو حتّى الآن صامداً عند قراره عدم الانجرار إلى معركة تجيّر حساباتها لغيره. فيما حزب الله الذي ذهب إلى سورية بذريعة تتبدّل كلّ بضعة أشهر لأنّها لم تكن مقنعة، يصرّ ويعاند في موقفه، مقدّما لجبهة النصرة وسواها المبرّر الموضوعي لمقاتلته في لبنان. ورغم أنّ حزب الله رفض تدخل "تحالف الحرب على داعش" في سورية، فهو يريد أن يوافقه السوريون واللبنانيون على تدخّله للقتال في سورية، من دون أيّ ردّ فعل، أو حتّى إبداء رأي.

في الخلاصة فإنّ تقديم النماذج الملتبسة للدفاع عن الجغرافيا اللبنانية، وإعطاء دروس الوطنية اللبنانية في القصير والقلمون ودمشق، أو عبر استعراض إعلامي - عسكري في مزارع شبعا، يتطلّبان قبل ذلك حرصاً بالقوّة نفسها على حماية الكيان اللبناني الذي يشكّل تحدّي انتخاب رئيس للجمهورية امتحانه الأوّل، ومعيارا لقياس درجة الحرص على لبنان الكيان والجغرافيا.

 

arabstoday

GMT 05:51 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

هنا لندن... هناك واشنطن وهناك طهران

GMT 05:49 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

صناعة الزمن التالي

GMT 05:46 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

المذهبية و«الإخوان» والأزهر

GMT 05:44 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

في الخَمر معنى ليس في العِنب!

GMT 05:41 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

قراءة في مذكرات نزار حمدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال شَعرُ شبعا لا يغطّي صَلعة بريتال



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

عقار "الفياغرا" قد يساعد في الوقاية من الخرف

GMT 08:55 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم

GMT 06:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

الحل في ليبيا بإخلائها من الميليشيات

GMT 23:59 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

ليون الفرنسي يُبرم أغلى صفقة في تاريخه

GMT 10:43 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

جوجل يحتفل بالذكرى الـ 62 لاستقلال الجزائر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab