ماذا عن وهّابية إيران

ماذا عن "وهّابية" إيران؟

ماذا عن "وهّابية" إيران؟

 العرب اليوم -

ماذا عن وهّابية إيران

علي الأمين

لا يمكن ادراج هجوم الامين العام لحزب الله على "الوهابية" في سياق نقاش فقهي او ثقافي، بل هو هجوم سياسي على الحكم في السعودية، ومسايرة للوجهة الاميركية التي تربط بين الارهاب في العالم الاسلامي السني وبين الفكر الوهابي. اذ اعتبر السيد حسن نصر الله ان عمق الازمة التي يعاني منها الاسلام كدين وكأمة ومجتمعات هو التيارات التكفيرية وفكرها، وان عمقها يكمن في الفكر الوهابي الذي تجب مواجهته.

لم يشر السيد نصر الله، وهو يصوب على "الفكر الوهابي"، الى عمق الازمة التي لطالما اشار اليها خطاب حزب الله، وهي السيطرة الغربية والاستكبارية، سواء من الشيطان الاكبر والغرب عموما على العالم الاسلامي، او عبر الكيان الصهيوني. اذ لطالما كانت عمليات تنظيم القاعدة الامنية والعسكرية، سواء ضد الاحتلال السوفياتي او ضد المصالح الاميركية او ضد الآمنين من مواطنين عرب او اجانب، تندرج في هذا الخطاب الاسلامي الايراني او الحزب اللهي في سياق الرد المشروع او نتيجة طبيعية للسياسات الاستعمارية.

هذه المرة لم يقرن السيد نصرالله بين نشوء هذه التيارات التكفيرية وتمددها، في ابرز نماذجها اي مشروع تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، وبين اسباب سياسية استعمارية او اقليمية، بل حصر اسباب نشوئها وتمددها بعمق واحد هو الفكر الوهابي. من هنا فإن هذا الحصر هو تصويب سياسي على الفكر الوهابي وليس تشخيصا موضوعيا لأزمة المسلمين اليوم على مستوى الفكر والسياسة. وفي خطاب السيد نصرالله تبنٍّ كامل للرؤية الاميركية التي تقول ان مصادر الارهاب تكمن في الفكر الوهابي، وتعمية على الاسباب المباشرة التي ادت الى اكتساح تنظيم "داعش" البيئة السنية بهذا الشكل على المستوى العربي والاسلامي.

ومن دون الوقوع في تبرئة الفكر الوهابي من اسباب الازمة القائمة، الا تشكل المقاربة الايرانية للعالم العربي، وتحريك الاقلية الشيعية في بلاد العرب، سبباً من اسباب الازمة القائمة بين المسلمين اليوم؟ والا تشكل السياسات التي ادارتها ايران في اكثر من بلد عربي، ولاسيما العراق وسورية، سببا من اسباب هذه الازمة؟

ويجب الانتباه الى ان الوهابية ليست مشروعاً سياسياً، وباختصار هي نمط لسلوك ديني متشدد فيه نوع من الصرامة او التزمت، ولا يمتلك رؤية دينية للدولة وللنظام السياسي. ودائما كان هناك ازمة بين تنظيم القاعدة وبين الفكر الوهابي، علما ان "القاعدة" كانت ثمرة تلاقح بين هذا الفكر وفكر سيّد قطب. فسيّد قطب يعود اليه وضع اصول المشروع الاسلامي، اي الرؤية الدينية للدولة والنظام السياسي، مستكملا ما قام به الداعية الباكستاني ابو الاعلى المودودي في منتصف القرن العشرين.

اذ ليس لدى الوهابية اطر تنظير ايديولوجي للدولة والمشروع الاسلامي. لذا كانت ولا زالت متآلفة مع نظام الحكم الملكي والوراثي ولم يكن للفكر الوهابي اعتراضات حيال سياسات المملكة وتحالفاتها منذ نشأتها وحتى اليوم. وهو فكر له مشكلاته وازمته العميقة مع الحداثة، فيما الاصولية الاسلامية المعاصرة، بما فيها "القاعدة" و"داعش"، هي نتاج واقع حديث وهي تأثرت بمنظومات الفكر الغربي وهياكله التنظيمية والحزبية والبستها رداء اسلامياً. كما ليس خافيا تأثر الاسلاميين الشيعة، سواء في حزب الدعوة العراقي ولاحقا ولاية الفقيه في ايران، بتنظيرات سيد قطب، وإن ترجمت تأثرها بادوات تتلاءم مع العقيدة الشيعية.

مسار الغلو ليس حكرا على داعش او الوهابية، فالغلو هو في التعالي على الآخرين، والغلو يبرز من اضعاف ما هو جامع بين المسلمين لحساب العقيدة المذهبية... في تراجع حسّ المرونة، في الصرامة بالمعتقدات المذهبية على حساب الأمة. ايضا ثمة مسار لهذا الغلو في الثقافة الشيعية التي يجري تعميمها اليوم، سواء عبر مقولات المذهب المتفوق، أوفي تقديم التشيّع اجتماعيا بصورة المذهب المنغلق على نفسه. ونسبة الغلو في الخطاب العاشورائي اليوم تطلق الى ابعد مدى لتصب في خانة شدّ العصب. والغلو له وظيفة ليست خافية على العاقل. فالبنية الشيعية السياسية عملت على ايجاد وعيّ ديني مقدس غير خاضع للنقد او التشكيك والمساءلة، تستطيع من خلاله ان توجه الجمهور في ايّ وجهة تشاء. لذا لم يجد حزب الله صعوبة لدى هذا الجمهور في ان ينقل البندقية من قتال اسرائيل الى القتال في سورية. هذا على سبيل المثال لا الحصر.

تغييب الاسباب السياسية، وتبرئة الذات مما وصل اليه حال المسلمين اليوم واحالة عمق الازمة الى الفكر الوهابي، يأتي في سياق استمرار المواجهة بين جيهتي ايران والسعودية. ولا يخفى ان ما تنطوي عليه كلمة السيد نصر الله ايضا هو توجيه رسائل الى الاميركيين مفادها ان معالجة الارهاب تتم في داخل السعودية، في ظلّ الاصرار السعودي والتركي على ايجاد اجندة سياسية واضحة للتحالف الدولي في حربه على "داعش"، بالطبع تصب ضد بقاء نظام اﻷسد.

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا عن وهّابية إيران ماذا عن وهّابية إيران



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab