الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار

الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار

الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار

 العرب اليوم -

الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار

بقلم : علي الأمين

ربما قيل الكثير عن الإرهاب داخل البيئات العربية والإسلامية وأسبابه، من تلك المرتبطة بعوامل سياسية ودولية إلى البعد الفكري والثقافي في هذه البيئات، مروراً بصدمة الحداثة الآتية إلينا من العالم الأوّل، حيث لم يستطع المسلمون عموماً الاستجابة لتحدياتها، وصولاً إلى الفشل الذريع لتجارب الإسلام السياسي، إذ لم يستطع أن يقدم نموذجاً حضارياً على مستوى الواقع يقارع فيه ما قدمته الحداثة الغربية على مستوى التنمية والاجتماع السياسي وعلى مستوى النهضة العلمية وفي مستويات متعددة.

ليس في ظاهر الكلام وطيّاته أيّ محاولة لتبرئة الدول الكبرى في عالمنا من مسؤوليتها تجاه النزعة الاستعمارية التي طالما كانت عنواناً لتفجير الأزمات لدى العرب بشكل خاص. لكن لا بدّ من الإضاءة على نزعة متأصلة في الخطاب الإيديولوجي الإسلامي بفروعه المذهبية المختلفة، والخطاب القومي بهوياته الوطنية أو العربية. النزعة التي تميل إلى تنزيه الذات وصولاً إلى حدّ تأليهها، وتجريم الآخر إلى حدّ شيطنته. ولا يختلف في ذلك من يتبنى الإيديولوجيا الدينية أو ايديولوجيا زمنية غير دينية. هذه النزعة المسيطرة، بعدما تحّولت إلى ايديولوجيا، حالت دون تطور الأفكار وكتمت آليات النقد وحالت دون تحويل النقد إلى عنصر تطوير للأفكار وعنصر تجديد لها. والمفارقة هنا هي أنّ الإيديولوجيات الدينية، وعلى اختلافها، لطالما كان أصحابها أقدر من سواهم من التيارات السياسية غير المؤدلجة، على تعديل مواقفهم السياسية... انطلاقاَ من أنّ التنظيمات الإيديولوجية تقوم على الولاء والطاعة للقائد الذي طالما كان ولا يزال بمثابة الإله الذي يطاع ولا يعصى.

لعلّ الأنظمة الدكتاتورية، التي حكمت بلادنا العربية منذ منتصف القرن العشرين وإلى يومنا هذا، سعت إلى تعميق هذا المأزق الحضاري، وإلى ترسيخ الطاعة والولاء والتقديس على حساب المساءلة والنقد، ومفهوم المكرُمة على حساب مفهوم حق المواطن، ومفهوم الاستفتاء على حساب الإنتخاب، وتقديس شخص الحاكم والزعيم على حساب الولاء للوطن والدولة، والغرق في ادّعاء المعرفة وامتلاك الحلول على حساب السعي لاكتساب المعرفة والاستعداد للتعلم والاختبار، وتسعير العصبيات الدينية والقبلية والحزبية على حساب التنوع الفكري والديني والسياسي والانساني.

هكذا سعت الأنظمة الاستبدادية إلى حماية البنى التقليدية وسخرت سياساتها لحماية مصادر سلطة الاستبداد، فحالت دون رسم سياسات بناء الدولة الحديثة، والسياسات التي تقوم على صناعة القرار من خلال أوسع مشاركة على مستوى المواطن والقطاعات في المجتمع. بل رسّخت سياسة اتخاذ القرار من قبل شخص الحاكم، سواء كان رئيساً أو ملكاً أو مرشداً.

في لحظة ما بدا الربيع العربي انه محاولة لكسر الجمود الذي استحكم بالدول وأنظمتها طيلة أربع عقود من الزمن على الأقل. لكنّ الأنظمة التي تدرك أنّها عاجزة عن السير في ركاب التحديث السياسي وتوسيع المشاركة في القرار، وبالتالي عجزها ورفضها توزيع السلطة وتركيزها في طغمة حزبية أو شخصية أو عائلية أو إيديولوجية.... كل ذلك جعلها تذهب بعيداً في مواجهة أيّ تهديد لحدود سلطتها.

لا يخفى على أحد أنّ الدول التي اعتبرت أنّ نموذج العولمة وآلياتها باتت تفترض، انطلاقاً من نظام المصالح المسيطر، أنّه من الضروري تدخل الدول بيسرٍ وانسجام في شروط العالم الجديد. وبالتالي إنّ ذلك يتطلب من الدول والحكومات المزيد من الدخول بشروط الأنظمة الديمقراطية. هذا التحدي أمام الدول العربية، والعديد من دول العالم الإسلامي ذات الأنظمة الفردية والديكتاتورية، جعلها أمام خيار إمّا المبادرة إلى تحديث أنظمة الحكم مع كل ما يتطلب ذلك من توسيع مساحة الحريات والديمقراطية، أو الذهاب نحو تفجير دولها ومجتمعاتها في سبيل الحفاظ على سلطتها أو إطالة أمد سلطانها.

الصراعات المذهبية والطائفية ونمو ظاهرة الإرهاب، تبدو في نتائجها حتى اليوم، وسيلة دفاع وحماية للإيديولوجيات ولأنظمة الاستبداد. الإرهاب هو تعبير عن عجز حضاري من جهة، ونزعة استبدادية تمنع أيّ محاولة لتطوير أنظمة الحكم وتحريرها من قبضة الأقلية الحاكمة والمستبدة من جهة أخرى .

اما الدول الكبرى وهي تتضرر من هذا العنف في تداعياته على مجتمعاتها، الا ان هذا العنف لا يبدو أنّه متفلت تماماً من إدارة دولية تطمح إلى تحويله في المقابل وسيلة لإعادة رسم نظام مصالحها في المنطقة على خطوط تماسه... العنف إذاً يدمر بلادنا ويغري الاستبداد وإيديولجياته لكنّه فرصة للتطهر من أوهام الإيديولوجيات التي صادرت حقوق الإنسان بعد أن صادرت عقله.

arabstoday

GMT 19:58 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

إنتخابات لا إنتخابات إبحث عن "حزب الله"!

GMT 09:22 2020 الإثنين ,17 شباط / فبراير

"الحزب" يُهان في امتحان.. تمرير "حكومته"!

GMT 07:51 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

لبنان داخل أنفاق حزب الله

GMT 06:47 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار الإرهاب خادماً مطيعاً لدى الاستبداد والاستعمار



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab