من المبكر الحديث عن صحوة عربية

من المبكر الحديث عن صحوة عربية

من المبكر الحديث عن صحوة عربية

 العرب اليوم -

من المبكر الحديث عن صحوة عربية

علي الأمين

شكل القرار الدولي رقم 2216 صدمة جديدة لايران بعد صدمة "عاصفة الحزم" العربية. ففي الحسابات الدبلوماسية والاستراتيجية فإن هذا القرار، الذي صدر ضمن الفصل السابع، والذي نزع الشرعية عن التمدد الحوثي في اليمن وعن ميليشيا علي عبدالله صالح، وفّر دعماً دوليا لعاصفة الحزم وأعطى المملكة العربية السعودية اليد الطولى في اليمن. وهو مكسب سياسي دبلوماسي للسعودية، لاسيما في ظل الموافقة الروسية على صدور القرار، ولو من خلال الامتناع عن التصويت او عدم استخدام حقّ النقض - الفيتو.

مثل هذا القرار ما كان ليصدر لو لم تكن الصفقة النووية الايرانية قد انجزت. فعاصفة الحزم تزامنت مع التوقيع على هذه الصفقة، وفي ذروة الاستخفاف الايراني بعملية اختراق المنطقة العربية،ط. والرئيس الاميركي باراك اوباما الذي تحدث في مقابلته الاخيرة مع الصحافي توماس فريدمان عن مشكلات عربية داخلية يجب ان يهتم بمعالجتها الزعماء العرب، جاء هذا الكلام دقيقا في مضمونه وتوقيته لا في توقيت متأخر. وفي سياق تسويغ الاتفاق النووي مع ايران. وفي المقابلة نفسها تحدث بشكل صريح عن غياب تحرك عربي لمعالجة الازمة السورية. وهو ما فسره البعض على ان واشنطن ليس لديها اعتراض على تدخل عربي عسكري في سورية.

الحكومة السعودية لم تعترض على الاتفاق النووي مع ايران، ولم تبد القيادة السعودية أيّ موقف غاضب او معترض ضده. لكنها أيضا تحينت فرصة التمدد الايراني، من خلال اسقاط الشرعية في هذا البلد عبر سيطرة حلف صالح – الحوثي برعاية ايرانية، لاطلاق عاصفة الحزم التي حظيت بالتفاف عربي واسع حولها. واظهر القرار الدولي بشأن اليمن أن اطلاق اليد السعودية في اليمن هو ثمن اميركي ودولي للصفقة النووية الدولية مع ايران.

من المبكر الحديث عن صحوة عربية قومية. وما قاله الرئيس الاميركي عن الازمات الداخلية في الدول العربية صحيح. لكن يمكن الحديث بثقة عن ملامح جبهة عربية ذات بعد اقليمي تتخطى الحسابات الوطنية الداخلية والخاصة في كل بلد عربي. اذ ليس امراً عادياً ان تلتقي مصر والسعودية في اليمن الذي كان مصدر نزاع بينهما خلال العقود الماضية. وهذا يؤشر الى مدى الاستهتار الايراني بقراءة المشهد العربي في ابعاده السياسية والاستراتيجية وصولا الى الاجتماعية والثقافية.

لقد بدا التمدد الايراني، الذي رمز اليه قائد لواء القدس قاسم سليماني خلال استعراضاته من سورية الى العراق، وفي الموقف من اليمن، وكأنه يتبنى النظرية الصهيونية التي رفعت شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" حين شرعت في احتلال فلسطين. ليس خافيا اليوم أن المزاج العربي العام تجاه ايران يدرجها في سياق الدول الاستعمارية التي لديها اطماع في العالم العربي. فإيران بنظر الكثيرين في العالم العربي اليوم دولة مستعمرة لكن بعناوين مقدسة. ذلك ان العنصر الجوهري الذي يحرك السياسة الخارجية الايرانية هو الاعتبار القومي وبأداة مذهبية طيّعة. وهذه الأداة المذهبية توفرت لايران بأسباب عربية بالدرجة الاولى، أبرزها التهميش الاجتماعي والسياسي للشيعة في البلدان العربية. والسياسة الايرانية جاءت لتستثمر في هذا التهميش ولتعمق الأزمة بعقل قومي عميق غايته مصالح الأمة الايرانية.

من هنا مشكلة الوعي الشيعي العربي اليوم انه يعاني من حالة اللاإنتماء واللاهوية، فيما شكلت منظومة "ولاية الفقيه" الايديولوجية التي لا معنى لها في البلدان العربية، سبيلا من سبل هزّ الانتماء، لدى فئات شيعية واسعة، الى الدولة ومشروعها الوطني او الانتماء الى المكان والبيئة الجغرافية والثقافية والى الاندماج في المجتمعات والدول التي ينتمون اليها. تماما كما كان نبّه الامام محمد مهدي شمس الدين مبكرا. والمسألة الايرانية في العالم العربي عمّقت المأزق ولم تعالجه.

كما يمكن ملاحظة ان المسألة القومية العميقة، في الاجتماع الايراني وفي السياسات الخارجية، تعاملت مع المنطقة العربية بنزعة اقتلاعية للانتماء القومي لدى العرب، ومنهم الشيعة تحديدا. وهي نظرة اقل ما يقال إنها خاطئة وتنم عن جهل في وجود اعتبار قومي عربي كما الاعتبار الفارسي. فلنتذكر أن الصليبيين دخلوا الى المنطقة العربية تحت عناوين مقدسة واستمروا فيها نحو مئتي عام وعادوا وأخرجوا منها بقوة عربية. لم يخرجهم الفرس بل مكونات المنطقة هي التي أنجزت المهمة.

مجددا من المبكر الحديث عن صحوة عربية قومية. ثمة خطوات كثيرة لا بد منها كي نتحدث عن هذه النهضة... يجب ان تتم على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وعلى مستوى ترسيخ مفهوم المواطنة بكامل شروطه. لكن الثابت ان السياسة الايرانية في المنطقة العربية بالغت كثيراً بالاستخفاف بالانتماءات الوطنية والقومية من خلال النزعة الامبراطورية والفارسية التي ظنّت انه يمكن لهذه السياسة الا تحرك ردّ فعل عربي عام ضدها.

arabstoday

GMT 03:45 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

للأسف... وداعاً جو

GMT 03:42 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

عالم يركض كما نراه... هل نلحق به؟

GMT 03:39 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

والآن هل عاد ترمب وكسبت الترمبية؟

GMT 03:37 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

مارك روته ومستقبل «الناتو»

GMT 03:34 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

ماذا لو حدث!

GMT 03:28 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

شهادة أسامة سرايا!(١)

GMT 03:25 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

قطرة من كتاب

GMT 03:23 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

المواطن غير المطمئن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من المبكر الحديث عن صحوة عربية من المبكر الحديث عن صحوة عربية



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أفضل أنواع النباتات التي تمتص الحرارة في المنزل

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 00:25 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الغرب والرغبة في انهياره!

GMT 11:18 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط جندياً في معارك رفح

GMT 08:11 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب أذربيجان

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab