«جيش المعلمين» الحال والأسباب

«جيش المعلمين» الحال والأسباب !

«جيش المعلمين» الحال والأسباب !

 العرب اليوم -

«جيش المعلمين» الحال والأسباب

حسن البطل

ما أن انتهى إضراب آخر للجامعات، حتى نشب إضراب آخر للمعلمين. الإضرابات دليل أزمة لكنها في فلسطين السلطوية أزمة نموّ.

في قرار أخير لوزارة التربية والتعليم العالي قيّدت الوزارة افتتاح كليات جديدة في جامعة ما، إن كان هناك كليات شبيهة في جامعات غيرها.

إذا طبق هذا القرار، قد يُسهم، جزئياً، في علاج أزمة بطالة الخرّيجين الجامعيين، وخصوصاً إذا رُبطت اختصاصات الخرّيجين بقدرة استيعاب سوق العمل، وهي في جانب منها تهدف إلى تعديل الاختلال لصالح الكليات العلمية والعملية على الكليات النظرية، علماً أن الجامعات الفلسطينية، كلها حصراً أو تقريباً، أهلية، تتلقى النزر اليسير من الوزارة، وتعتمد على الأقساط الجامعية، وعلى مساعدات خارجية.

لدينا «جيش» من الأكاديميين يفوق قدرة سوق العمل على الاستيعاب، فهناك حوالي 100 ألف طالب أكاديمي في الأقل.

من أزمة «جيش الأكاديميين» المتعطّلين، إلى أزمة «جيش المعلمين» حيث لدينا 1.136 مليون تلميذ وطالب في 2038 مدرسة حكومية (و2752 في المجموع) و62 ألف معلم مباشر، غير المديرين مثلاً، والأذَنة وما شابه، ورواتب المعلمين لا تسدّ حاجتهم الأساسية للعيش الكريم.

فيما سبق من إضرابات المعلمين كانت الأزمة بينهم وبين الوزارة، وهذه المرّة كانت، أيضاً، أزمة مع الاتحاد المتهم من قبلهم بالتهاون في تطبيق اتفاقية مع الحكومة لرفع رواتبهم، ولو بنسبة لا تجاري مطالب العيش الكريم.

الوزارة تقول إنها معذورة في النكوص الجزئي عن الاتفاق، لأن المساعدات الخارجية لميزانية السلطة كانت قبل سنوات، 1.6 مليار دولار، وصارت لا أكثر من 600 مليون، لأسباب بعضها يتعلق بحاجة الدول والهيئات المانحة إلى معالجة أزمات ناشئة، في دول الجوار، عن هذا الربيع العربي، وخاصة مساعدة اللاجئين من الحروب الأهلية.

هذا سبب فيه بعض الوجاهة، لكن السبب العميق هو أن قطاع التعليم يحظى بـ 17% من ميزانية السلطة مقابل 27% تذهب إلى الأمن، و11% إلى الصحة، فلا يتبقّى إلاّ الفتات لبقية الوزارات.

إن توزيع كعكة الميزانية غير متوازن، ويستكثر الكثيرون أن يلتهم الأمن القرص الأكبر من حصة التعليم مثلاً.

لدينا واقع وفيه أن حصة رواتب الموظفين، المدنيين والعسكريين، تكاد تلتهم معظم الميزانية، وتترك النزر اليسير للنفقات التطويرية، ومعظم هذه المشاريع التطويرية يأتي تمويلها من منظمات أجنبية غير حكومية أو حكومية.

ميزانية أي دولة هي نتيجة لحجم الإنتاج القومي الخام من جهة، ومستوى الدخل الفردي السنوي للمواطنين من جهة أخرى.

مع ميزانية أقل من 6 مليارات دولار يصعب على السلطة توزيع الكعكة بشكل منطقي وعادل، أي أن تحظى ميزانية التعليم بحصة أكبر من ميزانية الأمن، علماً أن حجم الإنتاج القومي الخام الفلسطيني متواضع قياساً إلى دول أُخرى، والدخل الفردي يتراوح بين 3000 دولار سنوياً في الضفة و1000 دولار في غزة، والصادرات الفلسطينية بالكاد تبلغ مليار دولار سنوياً، مقابل حجم استيراد يقارب الـ 6 مليارات دولار!

لا مقارنة بين الميزانية العامة الإسرائيلية وتلك الفلسطينية، ولا مستوى الأجور، أيضاً، لكن إسرائيل صارت تخصص لقطاع الأمن نسبة قليلة لا تتعدّى الـ 6% حالياً. لماذا؟
لأن حجم الاقتصاد الإسرائيلي كبير نسبياً، ولأن معظم جنود الجيش الإسرائيلي يؤدون خدمة إجبارية، وهذا يعني أن كلفة الجندي الإسرائيلي في هذه الخدمة قليلة نسبياً مقارنة براتب الجندي الفلسطيني، حيث الخدمة العسكرية تطوعية ـ اختيارية، وجنود الأمن الوطني هم موظفون عموميون.

ميزانية الجيش الإسرائيلي هي 56 مليار شيكل، وهي جزء بسيط نسبياً من الميزانية العامة، وأبسط من حجم الإنتاج القومي الخام، علماً أن المساعدات العسكرية الأميركية، المباشرة والسنوية منها، وغير المباشرة في تطوير وسائل دفاعية صاروخية أو حتى معالجة أنفاق غزة، تكاد تصل إلى حجم الميزانية العامة الفلسطينية!

كانت الولايات المتحدة، حتى حرب فيتنام تطبق سياسة الخدمة العسكرية، لكن الآن صار الجيش والجيوش الأميركية تعتمد على الاحتراف، علماً أن الميزانية العسكرية الأميركية أكبر من مثيلاتها في ست دول رئيسية، لكن حجم الاقتصاد الأميركي كبير جداً.

عربياً، أذكر أن الجيش السوري حيث الخدمة العسكرية إجبارية، حتى قبل الوحدة مع مصر، كان يأخذ 54% من الميزانية العامة، وهو ما استكثره جمال عبد الناصر، وخفّض ميزانية «الجيش الأوّل» للجمهورية المتحدة، أي الجيش السوري، الى 25%.

منذ بعض الوقت انتظمت رواتب موظفي السلطة، بما فيها ميزانية جنود الأمن والشرطة، ولكن هذا الانتظام يعني استمرار التهام بند الرواتب لمعظم الميزانية العامة، ولعلّ بند الرواتب في فلسطين من أعلى البنود في ميزانية الدول.

بالنسبة لقطاع التعليم، كان عدد التلاميذ والطلاب في المدارس الفلسطينية، قبل سنوات، يناهز المليون، وتعدّاه الآن، وهذا يعني زيادة طردية في أعداد المعلمين في السنوات المقبلة أكثر من 62 ألف معلم، لأن التعليم إلزامي والخدمة العسكرية تطوعية واختيارية.

تقول إسرائيل بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، علماً أن سلاح رجال الأمن الفلسطيني بالكاد يتعدّى البنادق، بينما الجيش الإسرائيلي من أقوى الجيوش، وأفضلها عتاداً وتسليحاً في الجو والبر والبحر.

هذا أحد الأسباب لأزمة رواتب المعلمين وجيشهم وأزمة جيش الموظفين المدنيين والعسكريين الفلسطينيين.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جيش المعلمين» الحال والأسباب «جيش المعلمين» الحال والأسباب



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab