الانــكـتـابــة 2

الانــكـتـابــة 2

الانــكـتـابــة 2

 العرب اليوم -

الانــكـتـابــة 2

حسن البطل

أين "الانكتابة 1"؟ في تلافيف دماغ الحاسوب، أو في ثنايا ملفاتي (أحلم بلملمة بعض بعضها الى البعض وجمعها بين دفات كتابين أو ثلاثة). فلماذا تكرار العنوان مع تثنيته؟ لأنني ملحوق بعمودي الجمعة والسبت، انتهازاً لنهارات ربيع أيام الجمع.
..أو لأن د. غسان عبد الله يقرأني بانتظام.. وقرأ نواياي. قال: أنت تقسّط سيرة حياتك، وبخاصة في أعمدة أيام الجمع، تمهيداً لـ "روتشتها" من "رتوش" أو تمليسها بين دفتي كتاب.
كيف أفعل، وأنا ملحوق بعمود تلو العمود، كأنني ذلك القطار الفرنسي (قطار الرصاصة).. وكأن أعمدة سكة الحديد هي أيامي - أعمدتي. من عشر سنوات خلت، ناوشني زكريا محمد في عموده "دفاتر الأيام"، وعقد مشابهة بين حسن العمودي وسمعان العمودي! قدحني.. ومدحني. ما همّي؟ لقد وضعت "جائزة فلسطين" في إطار على جدار صالون بيتي!
الحق - الحق، أقول للقارئ، إن أعمدة الجمعة ناشزة، لمجرد أنني ما زلت، بعد 53 عاماً صحافياً، أروّض قلمي على خبب السير في الرمال، وعدو الركض في السهوب، ووئيد الحركة في المستنقعات.. الخ.
.. أو أنني، ببساطة، أكتب عموداً، لا مقالة، ولا رأياً سياسياً، ولا تعليقاً.. وإنْ كنتُ أرود بقلمي هذه الصنوف من الصنعة الصحافية، غير موفر ما يشبه القصص القصيرة، وما يركع أو يحبو أمام ملكوت الشعر.. وما يسافر في أجواء الفضاء، أو.. الخ!
الأربعاء، سأنشر لقارئ مثابر مدحاً وقدحاً في تكنية كتابتي عمودي، أو كون عمودي المتنوع يستجيب لمعدة الإنسان، دون أن ينسى عقله. تعرفون أن معدة الإنسان تكاد تكون الوحيدة بين مِعَد المخلوقات التي لا تعف عن صنوف الطعام كلها: لحوم، حليب ومشتقاته، فاكهة، عسل مصفى، مربيات، مخللات.. خضراوات.. ماذا نسيت بعد؟
بعض القرّاء، مثل ذلك القارئ المحامي من دبي، يريد قلمي حصاناً أصيلاً يأكل شعيراً سياسياً، أو يرعى برسيماً سياسياً أخضر، أو هشيماً سياسياً.. وسط كل هذه النيران السياسية التي تكاد تأتي على أخضر العقل ويابس التعقل السياسي.
مرّة أخرى، الحق - الحق أقول لقارئي أنني، في أعمدة أيام الجمعة، أقسو على حصان قلمي قسوة يعفّ عنها عنترة عن فرسه (مديحه فرسه في معلقته) وأختار موضوعاً فورياً جداً، كأنني دعيت الى رحلة في غابة الأمازون، فقررت في اللحظة الأخيرة، أن أتسلق ثلوج هميلايا.
باختصار: تدريبات قلمية أيام الجمع، أو تطريز الفضاء بصليات مدفع رشاش رباعي الفوهة ضد رف عصافير من نوع "الفسفسة". قد تصيب وقد تخيب.. أو (مرة أخرى أو) ممارسة هواية "الانكتابة" بدل واجب الكتابة.. أي أن يكتبك نصّك لا أن تكتبه، على نحو ما يزعم الشعراء الأدعياء أنهم يفعلونه، وأنهم مجرد قلم في يد "عبقر"، علماً أنني لا أصدقهم أبداً، فهم يتخبطون ثم يشخبطون على ما يشخبطون، ثم يصفون ما يشخبطون.. وأخيراً، يطرحون عسل الانكتابة في سوق ذائقة القراء.
الإخوان، من منضدي هذه الحروف على حواسيب جريدة "الأيام"، يأخذهم بعض العجب، لأنني أدفع صفحاتي إلى نقرات أناملهم "بخط صحافي"، أي أفضل قليلاً من خط طبيب عجوز لا يفهمه غير صيدلي أعجز منه وأهرم، ولكن دون أي تشطيب كان.. ثم يزعمون أنهم يتعبون في تنضيد حروفي بما يزيد على تعب أصابعي الثلاثة في فن "الانكتابة".
واحد دكتور علوم في جامعات أنقرة، مدح "الانكتابة" مديحاً جميلاً. قال: قليل من الأقلام السياسية (المسيّسة.. المسوسة!) ماهرة في سكب مادة علمية في قالب صحافي، كما أفعل.
الحق الحق (مرة رابعة أو ثالثة) أنني أحب فلسفة العلوم، لا العلوم المجردة - البحتة، وفلسفة الرياضيات، لا الأرقام والمعادلات الجبرية البحتة، وألغاز الخلايا الجذعية أكثر من الخارطة الجينية للإنسان - القرد الأعلى الذي هو أنت، وأنا، وهو.
أخيراً، لا بد من تعليل آخر لـ "الانكتابة"، بدل الكتابة، يتعدى مراودة "النص المفتوح" أو "الكتابة بلا ضفاف".. ما هو يا ترى؟
بعد أن يضربك الزمان بقرن من حديد، وتضربه بقرن من عجين.. وتبلغ من العمر الستين، يعفّ حصان قلمك عن سفاسف السياسيين لا سفاسف السياسة، خاصة عندما تفسر "عقلات" سياسي في نصف عمرك يلهو بمقدرات شعبك، أو شاب في عمر ابنك "يولع" البلد بصلية رشّاش.
سأقعد غداً مع "الشلة" الصباحية في "مقهى ركب" - الشارع الرئيسي لرام الله. لن يلتفت المثقفون الى هذا العمود. سيسألني "الغرسون": "ليش عم بتخبص اليوم".
وحدي، أقرأ عمود الجمعة، تاركاً للقرّاء أن يمتطوا ظهر أعمدة بقية الأيام، ويهمزون ويغمزون ويسوطون قلمي كما شاؤوا.

 

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانــكـتـابــة 2 الانــكـتـابــة 2



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab