حرب عناد على الشرفة

حرب عناد على الشرفة!

حرب عناد على الشرفة!

 العرب اليوم -

حرب عناد على الشرفة

بقلم : حسن البطل

ذات المنقار هذه هي، حكماً، ذات الجناحين. في قانون النشوء والارتقاء الدارويني، أن ذات الجناحين هي "ناجية" من انقراض نوع ديناصوري.

على شرفة شقتي الغربي، يدور صراع بين سليلة ديناصورية وبين سليل النياتدرتال وهوموسابين، أي بين عناد زوجين من الحمام وذكاء مخلوق ينتمي إلى الكائن الأعلى والأذكى.

في اللغة أن تزاوج سائر الكائنات، عداي وعداك، هو "سفاد"، وله مواسمه المعلومة، عدا جماع ونكاح وتزاوج الإنسان في المواسم جميعها. سفادها لحفظ النوع ونكاحنا لحفظ النوع وللمتعة، أيضاً.

"الإنسان طير لا يطير" قال الشاعر، ربما من وحي حماقة "إيكاروس" أو محاولة عباس بن فرناس تقليد "غطّ الحمام. طار الحمام". في العربية: الطائرة من الطير.

هذا موسم سفاد الحمام، أي موسم التعشيش والتبييض والتفريخ. زوجان من ذوات المنقار، أي ذوات الأجنحة، حلا لهما اختيار الشرفة الغربية لشقتي لممارسة سفاد وفق قانون التعشيش والتبييض والتفريخ.

شرفة البيت من حياضه، وشاعر قديم قال شيئاً نذيراً عن حروب الإنسان مع الإنسان: من لا يذود عن حياضه.. إلخ!

شرفات بيوتكم قبل "نفضة" البيت، أول الصيف، غيرها بعده. بين القبل والبعد، تمتلئ الشرفة "بكراكيش" من قوارات النباتات، والكراسي، وما هبّ ودبّ، مثل مؤونة مدفأة البيت من حطب موسم الشتاء.

عن تجربة سابقة، ارتبت في وقوف زوجين من الحمام على درابزين الشرفة. دفعتني ريبتي "للبحبشة" في هذه القرنة أو تلك، وما وراء قوارات النباتات، وحطب التدفئة.. ومهملات ومركنات! ماذا وجدت؟ هشيماً من عيدان، هو غزل مناقير الحمام لبناء عش قمت بتجريفه. صرت "كشاش حمام" أولاً "بقرقعة" باب الشرفة، لتطير الحمامتان، وتمارسا السفاد والتعشيش.. إلخ في مكان آخر وشرفة أخرى لبيت عائلة ذات أولاد.

من "قرقعة" وصفق باب الشرفة، إلى الخروج للشرفة والتلويح بذراعي، فإلى حمل المكنسة لكشها، وإلى تجريف محاولة تعشيش في قرنة وزاوية أخرى.

لن أخسر حرب العناد على شرفة بيتي الجديد، كما خسرته على شرفة بيتي القديم، حيث صارت الشرفة مستوطنة لفراخ الحمام، رفوفها وذراريها.. و"قلعاطها" .. وفي الأخير أغلقت الشرفة القديمة، الغربية، ايضاً، في بيتي القديم بـ "تصوينة" من زجاج وألمونيوم بكلفة بضعة آلاف من الشواكل.

حقاً، في أول التجربة علفت الحمام، وتركت الفراخ دون قصقصة أجنحتها لتسمينها قبل جزّ رقابها وطهوها.

كنت في شقاوة الطفولة أنقف العصافير، ثم أقطم "أصلم" رقابها بأصابع يدي، وأسلخ رؤوسها و"أعسلها" بأسناني نيئة.

صديقي "دباح حمام" وجزّ أعناق زوج زغاليل.. لكن لما أمسكت بدن الزغلول سرت في يدي رعشة كهربائية من اختلاج الزغلول.

جاري "دباح حمام" سألته أن يفعل ما لا أفعله على أن يأخذ نصف الذبائح، ويعطيني النصف الآخر مطهواً بيدي زوجته "ست البيت" و"أم الأولاد".

ليس لديّ زوجة، وأولادي صاروا شباباً واغتربوا، وليس لديّ قطة، وأنا أحبّ شرفتي المفتوحة على الأفق الغربي تبقى مفتوحة ونظيفة من "زرق الحمام" أي برازه و"قلعاطه".

غلطتي أن رقّ قلبي، وصرت أبلل فتافيت الخبز اليابس، أو بقايا الرز المطبوخ على افريز نافذة البيت. أسفل الشرفة مدرسة في باحتها ما يكفي من قوت الحمام وبقايا الشبس والسندويشات.

شرفة جاري المتزوج ولديه ولدان، نظيفة من هذا الاستيطان الحمائمي، ولديه قفص لزوجين من طيور الحبّ لمتعة الأولاد يلهون على الشرفة.

عصافير "الدوري" لا تعشش في شرفات البيوت، بل على أغصان الشجر، ولا، أيضاً، هذا الحمام البني البري المسمى "يمام" لكن هذا الحمام الداجن ذا الرياش مختلفة الألوان صار يعشق الشرفات المهملة، لبيوت العازبين، ويستوطنها، ويملأها قلعاطاً يسمونه "زرق الحمام" وهو من أحسن أنواع الأسمدة الطبيعية أو العضوية.

في القرى السورية قلّما ترى الحمام الداجن، وكثيراً ما ترى حمام اليمام البري في باحات المساجد والجوامع، والسبب أن هواية "كشاش الحمام" أو "الحميماتي" هي مهنة مربحة ورياضة لاستقطاب الحمام من رفوف كشاش حمام آخر، وفي سماء القرى كانت تدور حروب لسبي ما أمكن من رفوف كشاش حمام آخر، وتسويات أو منازعات بين الكشاشين في مهنة يقولون إن ممارسيها هم "بابا حسن" أي "رزيل" لأنه قد يبصبص على نساء القرى لما ينشرن الغسيل.

بعد أسابيع من حرب عناد بين سليلة الديناصور وسليل الهوموسابين، مرّ موسم التعشيش والتبييض وتم إجلاء الاحتلال الحمائمي عن الشرفة الغربية. أولاً "بؤرة" ثم حيّ استيطاني، ثم مستوطنة.

أطفال "زعترة"
كان لأطفال قرية "زعترة" جنوب نابلس حديقة يلعبون فيها، وصارت الحديقة ركاماً من المراجيح والمقاعد، بعد أن هدمتها جرافات الاحتلال، وتركت الأطفال يلهون بالرمال.
هل تحتاج حديقة أطفال إلى رخصة بناء من الاحتلال، أو مدرسة أولاد؟ تدعي إسرائيل أن مناهجنا ملأى بالتحريض، أو أن جرافات الاحتلال تقوم بالمهمة.. واحد من أولاد الحديقة سيحمل سكيناً أو سلاحاً؟!

arabstoday

GMT 06:49 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

كــلام طيــش

GMT 04:17 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 06:46 2021 الأحد ,22 آب / أغسطس

الـقـبـر ظـلّ .. فـارغــاً

GMT 07:47 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

إشارة شطب (X) على أخمص البندقية؟

GMT 16:41 2021 الأحد ,11 إبريل / نيسان

ثلاث حنّونات حمراوات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب عناد على الشرفة حرب عناد على الشرفة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab