على زاوية top corner

على زاوية Top Corner

على زاوية Top Corner

 العرب اليوم -

على زاوية top corner

حسن البطل

سأقول في الضفة أنهم صبية أو فتية، أو سأقول في التوصيف أولاد في أول سنوات ريعان الشباب وعنفوانه. بيننا شارع ضيق. هم يقعون على عتبات رصيف Top Corner، وأنا أجلس على الكرسي في المقهى. أحتسي قهوة الصباح، مع الجريدة والسيكارة، وهم يلحسون البوظة، أو يمجون وينفثون دخان سكائرهم على طريقة الشباب المبتدئين (تقول كتابة على علبة دخان : "إنه يؤذي صحتك والمحيطين بك .. فلا تبدأ به". إنها متعة صباحاتي آخر شهور الربيع وأول شهور الصيف. إنه شهر الامتحانات المدرسية. كنت في مثل عمرهم تماماً، وكنت في مثل رشاقتهم تقريباً إذ ينطّون وثباً على السور الفاصل بين الرصيف والشارع. كنت مثلهم قبل جيل ونصف الجيل، وكان أخي الكبير يحثني وقت الاستعداد للامتحانات بكلمات "بالعربيزي": "اسْتدِ .. اسْتدِ يا فتى، اكزمانيشين قد أتى"! ربما بعد جيل ونصف الجيل سيقعد واحد من هؤلاء الفتية على كرسي في مقهى، يرتشف فنجانه الصباحي، وفي يده آخر طبعات الصحف الورقية، او في يده آخر موديلات "آيفون ١٠". كنت في مثل عمرهم تماماً، او كنت أهيفَ في مثل رشاقتهم تقريباً، أعدو أو أرمح بحيث يضرب كعب قدميّ أسفل ظهري! يتلاطفون او يتخاشنون، كما كنت وصحبي، لكن لم نكن نتصافح كما يتصافحون على "الطريقة الاميركية" بقرع القبضات بالقبضات، ثم بالعناق كتفاً الى كتف. إنهم تلاميذ مدارس مختلطة، يرتدون "تي - شيرت" مدارسهم المختلفة في رام الله - التحتا، ولا يسألون عن آخر أخبار العالم التي أقرأها أو أراها على القنوات، بل كيف أدوا امتحاناتهم قبل ساعات، وكيف سيؤدونها غداً وبعد غد. إنهم اولاد عصرهم وأبناء شعبهم. ليسوا "مايعين" ولا "صايعين" ولا "خرعين" فهم رجال الغد، ولا يحتاجون نصائح فتحي حماد عن "الرجولة". ربما بلبلهم قليلاً نزاع سخيف بين الاتحاد والوزارة حول مواقيت الامتحانات. كنت مثلهم لما كنت في عمرهم، لكن لكل جيل شبابه وعاداته، كما لكل زمن رجاله، وزماني صعب: من حرب الى حرب، ومن بلد الى بلد، ومن صعود الى انهيار الى صعود! في زمن حرب بيروت، تأفف جاري اللبناني المسيحي من "أولاد هذا الجيل" مع أن اولاده وبناته من زوجته الالمانية كانوا رائعين. ماذا كان جوابي: استمهلته قليلاً، وجلبت من البيت كتاباً عن الحضارة الفرعونية، وفيه يشكو كاتب فرعوني من "اولاد هذا الجيل" الذين لا يوقرون آلهتهم، ولا يحترمون والديهم وعادات الناس! قلت له: انظر .. هذه شكوى عمرها ٢٤٠٠ سنة قبل الميلاد .. وهذه ستكون شكوى الآباء بعد ٢٤٠٠ سنة بعد الميلاد. ضحك الأب الشاكي .. وسكت! يقعون على عتبات قرنة Top Corner في شارع ركب، وعلى زاوية مطعم انجيلوس، وعلى اول الشارع النازل - الصاعد الذي يسمى "شارع الفرندز". لم يكونوا ولدوا زمن اندلاع الانتفاضة الاولى، وكانوا اطفالا زمن اندلاع الانتفاضة الثانية .. وقد يشاركون في الانتفاضة الثالثة. وأنا؟ النكبة طفولتي، والنكسة شبابي، والانتفاضة الاولى رجولتي، والسلطة التي تراود الدولة كهولتي. كنت طفلاً في مدارس "الاونروا" وتعلمت نشيداً كان أبي، رحمه الله، يحبه. يقول مطلع النشيد: "أنا عليّ المعوّل" والمعوّل هو المستقبل. ها أنا اجلس على كرسي في المقهى، أمجّ بهدوء سيكارتي التي امجّها منذ ٤٥ سنة، وهم يمجون سكائرهم الاولى كما كنت افعل في مثل عمرهم .. وهذا شهر الامتحانات المدرسية السنوية، كم سنة أؤدي امتحان الكتابة؟ ربما قبل ان يولدوا هم وآباؤهم. أتأملهم بشغف الآباء (والاجداد) للأبناء (والاحفاد). أعرف انني الماضي والحاضر، واعرف انهم المستقبل. على رصيف شارع ركب استوقفتني تلميذة فتية ضاحكة بزيها المدرسي من مدرسة "الفرندز" لم اعرفها لأول وهلة، ثم استدركت: أنت ابنة زميلي؟ نعم .. وطبعت قبلتين على وجنتي كما يفعل الابناء مع الآباء، او ابناء الاصدقاء مع "عموّ". إنهم يكبرون سريعاً، يشبون سريعاً .. ونحن نمضي سريعاً. انهم جيل الغد. وهم الذين عليهم "المعوّل" أي المستقبل! كل جيل جديد أحسن من كل جيل قديم.   نقلا عن جريدة الايام

arabstoday

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 05:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 04:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 04:53 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 04:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 04:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على زاوية top corner على زاوية top corner



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab