في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة»

في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة» !

في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة» !

 العرب اليوم -

في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة»

حسن البطل

وجد البعض صعوبة في استخدام مصطلحات التقسيم الطائفية «شيعة» و«سنة» و«علويين»، عند وصف الأحداث المشتعلة في العراق وسوريا واليمن. وهذا شعور رفيع، لأنه ليس مستساغا فرز الناس وتقسيمهم بناء على معتقداتهم، الحقيقة أنه كان السلوك المهيمن لعقود طويلة في معظم الدول العربية، باستثناء لبنان بعد الحرب الأهلية في السبعينات. كان هذا في الماضي عندما كان خلاف السياسة على الآيديولوجيا الفكرية المدنية والانتماءات «الوطنية»، من اليسار إلى البعث والقومية.

الآن، الدين هو السياسة، ورجال الدين هم رجال سياسة، والجماعات صارت الأحزاب؛ «حزب الله» و«دولة العراق والشام الإسلامية» و«أنصار الله» و«جبهة النصرة» و«عصائب الحق»، والقائمة تزيد على المائة. في الماضي القريب كانت هناك أحزاب البعث العربي، والقومية العربية، والقومية السورية، والاشتراكية الناصرية، والشيوعية. ولم تكن المجتمعات البسيطة بعيدة عن هذا الحراك، قامت فيها منظمات ماركسية لينينية مثل «الجبهة الشعبية الديمقراطية في الجزيرة العربية».

وعندما بدأ الترويج لتبني الطرح الديني لتصحيح المسار السياسي العربي الفاشل، كان كثيرون يظنون أنه فكر وحدوي يجمع بين غالبية سكان المنطقة، حتى مع غير العرب، كالفرس والأكراد، ويتعايش مع مؤمني الأديان الأخرى، وأنه أكثر نقاء. لكن بعد مضي أربعين عاما اتضح أن الإسلام السياسي عمل سياسي بحت، ومع أول اختلاف في المصالح بين «حزب الله» الشيعي و«الإخوان المسلمين»، قبل أربع سنوات، انتهت سنوات العسل بين أكبر فريقين، ولجأ الطرفان للتكفير المذهبي والاستعداء الديني على بعضهما بعضا.

ثم تشرذمت الطائفة الواحدة، واختلفت بينها، وصار يتم ذبح الناس، أيضا بناء على انتماءاتهم، كما يحدث اليوم بين «جبهة النصرة» و«داعش» السنيتين.

في ظل حروب المتعصبين، ليس بوسع المتابع للمشهد إلا أن يصفها باسمها الذي تتسمى به، شيعية وسنية. وقد هال البعض هذا التصنيف لأنه يأتي مقرونا دائما بالحروب والجرائم البشعة. استنكر البعض عليّ توصيف الشيعة بالإرهاب، كما سبق أن استنكر الطرف الآخر توصيفي السنة بالإرهاب. وهؤلاء هم من يخلط، فالفارق واضح بين اعتبار الجماعات السنية والشيعية إرهابية، واعتبار الإرهاب بذاته شيعيا أو سنيا أو علويا.

وهناك فريق من مثقفي الشيعة، مثل مثقفي السنة، يعتبرون «حزب الله» تنظيما أخلاقيا مقدسًا لا يجوز أن يوضع في نفس طابور المنظمات الإرهابية الأخرى. طبعًا، هذه وجهة نظرهم، لكني منذ البدايات كنت أرى في حزب الله فكرا متطرفا إقصائيا، يؤمن باستخدام العنف حتى ضد أبناء طائفته لمن لا يتفق معه، وكان مسؤولا عن عمليات اغتيال واسعة ضد خصومه العرب في لبنان وخارجه. أما كون الحزب أمضى معظم سنواته يواجه إسرائيل، فلا يبرر له أن يفرض فكره ووجوده على الآخرين. والأمر نفسه ينطبق على الجماعات السنية التي تُمارس العنف. وقد أمضينا عقدا ونصف العقد ضد تنظيمات السلفية الجهادية، مثل «القاعدة»، ولاحقا «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيتين. وبالتالي الموقف مبدئي وليس انتقائيا، ضد الجماعات السنية والشيعية التي تُمارس العنف، وينطبق كذلك على الفكر العلوي التنظيمي عند جماعة الأسد في سوريا، التي لا تحتاج إلى أن تسمي نفسها «داعش» العلوية لأنها موجودة كدولة. الصورة يفترض أن تضيء لنا على طول الطريق وليس في آخره، بأن التحزب الطائفي والاقتتال عليه جريمة وطنية. وتخطئة الميليشيات الشيعية، لا تعني طائفية سنية، طالما أننا ندين الفريقين بالمسطرة الأخلاقية نفسها.

أهمية المثقفين أنهم قادة المجتمع. ورغم أنهم أقل الفئات تضحية وانخراطا في القتال، فهم من يهدي قوى المجتمع المختلفة أو يؤثر فيها. ولأن أزمات الربيع العربي شوّشت الرؤية، وصارت الناس تخلط بين الأسد والعلويين، و«حزب الله» والشيعة، و«داعش» والسنة، صارت الحاجة أعظم إلى الوعظ الأخلاقي.

ضد الطائفية والمذهبية في السياسة. وتخطئة التحزب الديني سياسيا، كمبدأ لا يجوز الاحتيال عليه تحت أعذار مختلفة لتبرير الجرائم السياسية. من دون الوقوف المبدئي سنستمر نحفر في هذه الحفرة الكبيرة التي انحدر إليها المجتمع دون وعي منه. ولا يمكن الخروج من هذه الأزمة من دون أن يكون لعموم المثقفين مواقف واضحة شاجبة، لا متبرئة فقط، ضد القتل الطائفي، وضد التموضع السني الشيعي، وضد علويي النظام السوري، وضد استيلاء الحوثيين على المجتمع في اليمن باسم الإمامة، وممارسة العنف باسم الدين. وفي الأخير لا أحد يربح في الحروب المذهبية التي يمكن أن تستمر لعقود طويلة دون هدف.

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة» في طيرة حيفا التقت أصابع «يد النكبة»



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 18:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
 العرب اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab