نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا

نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا!

نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا!

 العرب اليوم -

نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا

حسن البطل

روسيا السوفياتية عادت إلى روسيا القيصرية .. في رموزها على الأقل. العلم الأحمر السوفياتي عاد الى العلم ثلاثي الألوان. شعار المطرقة والمنجل عاد الى شعار النسر ذي الرأسين، وأحدهما ينظر غرباً إلى أوروبا، والثاني يلتفت شرقاً الى آسيا.

الكتلة السوفياتية كانت، عسكرياً، حلف وارسو وسوقا مشتركة؛ والكتلة الأوروبية الغربية - الأميركية بقيت حلف الأطلسي، الذي احتوى أوروبا الشرقية الشيوعية، ويكاد يقضم أوكرانيا وجورجيا أيضا. للعلم، كان خروتشيوف اوكرانياً، وكان ستالين جورجياً (وكان تيتو كرواتياً لا صربياً).

.. والآن، لا بكين بقيت صين ماو ولين بياو وكتابه الأحمر، ولا موسكو بقيت روسيا لينين وستالين، ولا الانقسام الشيوعي الأيدلوجي بقي بين دولة العمال السوفياتية ودولة الفلاحين الصينية.. وأما شيوعية "التسيير الذاتي" اليوغسلافية فقد تبخرت هي ويوغسلافيا، وانضمت بعض جمهورياتها الى الحلف الأطلسي والسوق الأوروبية المشتركة.

الأزمة الأوكرانية تعيد النظر، جذرياً، بتقسيم أوروبا وفق مؤتمر يالطا، غداة الحرب العالمية الثانية. انتهت الحرب الباردة، أيدلوجياً وعسكرياً، وبدأت حرب باردة سياسياً واقتصاديا.

بدلاً من موازين قوة الصواريخ البالستية العابرة، والقنابل النووية في الحرب الباردة، واختبارها الأقسى كان في كوبا مطلع ستينيات القرن المنصرم وفي برلين، طرأت موازين الاقتصاد وخصوصاً الطاقة (النفط والغاز).

الكتلة الغربية (الاتحاد الأوروبي وأميركا) في حلف وارسو، فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا، بل وهددت بإقحام الرياضة فيها، فهي تفكر بمقاطعة مباريات كأس العالم في روسيا ٢٠١٨ بسبب أوكرانيا، كما قاطعت أولمبياد موسكو ١٩٨٠ بسبب أفغانستان.

روسيا البوتينية ستعيد النظر في استراتيجيتها العسكرية بعد مضاعفات ازمة أوكرانيا، والاهم انها ستعيد النظر في استراتيجيتها الاقتصادية، خاصة بعد ان اقصيت مجموعة G8 7 + 1 (اي سبعة مضافاً إليها روسيا) للدول الاقتصادية الكبرى.

قلنا إن نسر روسيا القيصرية له رأسان نحو أوروبا ونحو آسيا .. والآن، التفاتة رأس النسر نحو الصين، وتوقيع "أكبر مشروع بناء في العالم" لنقل غاز سبيريا عبر أنابيب طولها ٤٠٠٠ كم الى الصين، بقيمة ٤٠٠ مليار دولار على مدى ٣٠ عاما. وداعاً للأيدلوجيا ومرحبا بالاقتصاد.

المعنى؟ فائض الطاقة من الغاز الروسي سيتوجه من أوروبا الى آسيا، والى البلد الأسرع نمواً في العالم (التنين يعدو كالفهد) والأكثر تلويثا للبيئة. لا توجد ألغاز في سياسة أنابيب الغاز، فقد تم نزع الأيدلوجيا عن الاقتصاد.

المسألة ليست محض ثنائية اقتصادية بين عملاقي آسيا، روسيا والصين، بل جزء من خماسية منظومة "البريكس" الاقتصادية الخماسية، التي تحاول تحدي المركزية الجيوسياسية والاقتصادية الطويلة للغرب.

تضم مجموعة "البريكس" ثلث سكان العالم (الصين، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا) وشكلت هذه الخماسية ربيع هذا العام "بنك التنمية الجديد" ومقره شنغهاي، برأس مال مقداره ٥٠ مليار دولار، سيرتفع الى ١٠٠ مليار، لينافس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهما تحت هيمنة الغرب، وبالذات تحت تأثير الولايات المتحدة.

قبل "تحالف الطاقة" الروسي - الصيني، كانت سبع شركات كبرى نفطية غربية تسيطر على سياسة وأسعار النفط (الشقيقات السبع) الى ان دخلت الشركات الروسية والصينية سوق الطاقة، وصارت "غاز بروم" الروسية مصدّراً أول للغاز الى أوروبا الغربية، بينما ستكتفي أميركا ذاتياً من إنتاج النفط الصخري بعد خمس سنوات.

كان الاسم G8 للثمانية الكبار، وعاد G7، والآن مشروع دول "البريكس" قد يشكل G5، وكانت الدول النامية شكلت مجموعة الـ 77 الفضفاضة، والآن تشكل طليعة الدول النامية. خماسية "البريكس" مجرد نواة لاستقطاب دول العالم النامي، أو محاولة لتأسيس نظام عالمي اقتصادي جديد يحكم العلاقة بين البلدان الغربية وتلك النامية.

المسألة الأوكرانية أبعد من خلاف على شبه جزيرة القرم، وحتى شرق أوكرانيا ذي الغالبية الروسية، فهي تتعلق بأنابيب الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى أوروبا، وانضمام هذه الدولة إلى التحالف الغربي اقتصادياً ولاحقاً عسكرياً.

كانت لألمانيا، قبل استعادة وحدتها، سياسة شرقية "أوست بولتيك" .. والآن صار لروسيا سياسة اقتصادية شرقية عبر مشروع أنابيب الغاز المسمى "قوة سبيريا" وهو أول مشروع عملاق بين دول "البريكس".
إنه الاقتصاد .. يا ذكي!

 

arabstoday

GMT 10:49 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ترامب والقضية الفلسطينية

GMT 10:43 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

لا يمكن الإستخفاف بأحمد الشرع

GMT 10:41 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أحمد الشرع... صفات استثنائية

GMT 10:38 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

شروط ضرورية لنجاح البكالوريا

GMT 10:35 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ماذا ستفعل إسرائيل؟

GMT 10:32 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

درجات آرسنال ودرجة مرموش؟

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 04:04 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا نسر روسيا القيصرية يلتفت شرقًا



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
 العرب اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 10:27 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
 العرب اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

زلزالان بقوة 4.7 درجة يضربان بحر إيجه غرب تركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab