سنوات الأمل وسنوات الخيبة

سنوات الأمل وسنوات الخيبة !

سنوات الأمل وسنوات الخيبة !

 العرب اليوم -

سنوات الأمل وسنوات الخيبة

بقلم : حسن البطل

كان العام 2000 مفصلياً، أيضاً، في الحقبة السلطوية الأوسلوية، إلى كونه مفصلياً تاريخياً في الانتقال من مئوية لأخرى، بل من ألفية إلى ألفية، وواقع دولي إلى آخر

كانت السنوات الست الأولى من الحقبة الأوسلوية سنوات أمل، وتلتها من عام المئوية والألفية الثالثة سنوات خيبة أمل!

شكلت الانتخابات العامة الفلسطينية، الأولى عام 1996، والثانية عام 2006، علامتين: الأولى، على انتقال الديمقراطية الفلسطينية من فصائلية في إطار (م.ت.ف)، إلى أول انتخابات شعبية ـ برلمانية في تاريخ الشعب الفلسطيني.

حتى الانتخابات العامة الثانية، بعد عشر سنوات وفي العام 2006، انتقلت الديمقراطية الفلسطينية من «المقاطعة» إلى البرلمان، وبعد عام مضطرب من انتخابات العام 2006، انتكست وعادت إلى ديمقراطية فصائلية مركزها «المقاطعة».

مع أن برلمان العام 1996 قاطعته غالبية عددية فصائلية ضد أوسلو. هل تذكرون ملصقات فصائل المعارضة: الانتخابات تقسّم الشعب؟، إلاّ أن المشاركة الشعبية الواسعة فيها، ألغت الادعاء أنها تقسّم الشعب.

البرلمان التأسيسي الأوّل، كان بغالبية فتحاوية، لكن نقاشاته كانت ديمقراطية حقاً وحيوية، أيضاً، وتم خلال عشر سنوات تشريع العديد من القوانين، أهمها القانون الأساسي ـ الدستور المؤقت، الذي لا يزال سارياً قانونياً في الأقل.

الانقلاب العسكري، في العام 2007، سبقه انقلاب ديمقراطي أسفر عن فوز كاسح لحركة «حماس»، لكن في انتخابات برلمانين بينهما عشر سنوات، برهنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية عن نزاهة غير معهودة في الانتخابات العربية.

ما الذي حصل بين سنوات الأمل، التي انتهت مع الألفية الثالثة، حتى انتخابات انقلابية ديمقراطية في العام 2006، شاركت فيها فصائل عارضت انتخابات العام 1996؟ تبدّد الأمل في أن تنتقل السلطة الأوسلوية إلى كيان دولة وطنية مستقلة، ولم يتم اتفاق فلسطيني ـ إسرائيلي على القضايا الخمس المؤجلة في اتفاقية أوسلوية مرحلية.

صحيح، أن «هبّة النفق» كأوّل صِدام مسلّح بين سلطة أوسلو والاحتلال شوّشت على الأمل، كما تفجيرات قادتها، أساساً، «حماس» ردّاً على مذبحة الحرم الإبراهيمي مطلع أوسلو، لكنها سبّبت عودة «الليكود» إلى السلطة، بعد انقطاع أربع سنوات من حكم «حزب العمل»، ولم يتم الاتفاق عام 1998 مع حكومة ليكودية على حسم القضايا الخمس المعلّقة في اتفاقية أوسلو الانتقالية.

بعد العام 2000 تتابعت سنوات خيبة الأمل: انتفاضة ثانية، بدأت شعبية وصارت مسلّحة، وكانت وبالاً على السلطة الأوسلوية والشعب، أيضاً، ثم رحيل القائد المؤسّس، والانقلاب الديمقراطي الذي تلاه انقلاب عسكري، وفشل حكومة برلمانية فصائلية تقودها «حماس» في تشكيل حكومة وحدة وطنية ديمقراطية برلمانية، وإخفاق محاولات 11 سنة في إنهاء الانقسام.

انتصبت الجدران الإسرائيلية بعد الانتفاضة الثانية، وأُزيلت سيادة فلسطينية محدودة جغرافياً في المنطقة (أ) وإدارياً في المنطقة (ب)، ثم انتصبت جدران فصائلية أمام الوحدة الوطنية، ونقضت إسرائيل التزامها الأوسلوي بالوحدة الإدارية والسياسية بين الشطرين الجغرافيين للسلطة.

صحيح أن سنوات ما بعد العام 2000، وسنوات الانتفاضة الثانية، ثم التقرير والاعتراف الدولي بأن الحل هو «حل الدولتين»، لكن الواقع الإسرائيلي الاستيطاني على الأرض، والواقع الفلسطيني الانقسامي المزدوج، ديمقراطياً ثم انقلابياً، جعل من «حل الدولتين» حجراً معلّقاً في الهواء، إلى فشل حوارات واتفاقيات «رأب الصدع» بين الشطرين والفصيلين الأساسيين.

المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية المباشرة والمتعثرة ما لبثت أن انقطعت بعد تشكيل نتنياهو حكومته الثالثة اليمينية الفاقعة، والوساطة الأميركية «النزيهة» في مفاوضات غير مباشرة انتهت مع جولة جون كيري الأخيرة، ومع انتهاء حقبتي الإدارة الأوبامية، وبعد مجيء الإدارة الترامبية بقليل ومشروع «الصفقة الكبرى» انسحبت هذه من «حل الدولتين».. فانسحبت السلطة من اعتبار واشنطن وسيطاً.

دخلت السلطة في نفق سياسي مظلم آخر فلسطينياً، وتوالى علينا زمن رديء عربياً وإسرائيلياً وعالمياً. صحيح أن المنظمة خرجت من أنفاق مظلمة كثيرة قبلاً، دون أن تستسلم لمصيرها، وأنها منذ العام 2006 أكملت تقريباً البنية الإدارية واللوجستية لتصير دولة، ولا تنوي الاستسلام لمحاولات «التطويع» الأميركية والعربية والإسرائيلية

ستّ سنوات من الأمل، وثمانية عشر عاماً من تراكم خيبات الأمل، لكن السلطة تحمّلت ما لا طاقة لدول عربية في تحمُّله، ورهانها على الخروج من النفق المظلم يبقى على مفاجآت و»معجزات» شعبها وقدرته الفريدة على التحمُّل والصبر.. لأنه سيّد الصبر والمفاجآت!

لا يُغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنوات الأمل وسنوات الخيبة سنوات الأمل وسنوات الخيبة



ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:17 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة
 العرب اليوم - وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة  والثقافة

GMT 06:22 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل
 العرب اليوم - نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل

GMT 09:12 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

خامنئي يحذر من التهويل بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران
 العرب اليوم - خامنئي يحذر من التهويل بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران

GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل
 العرب اليوم - إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 11:49 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو دياب مفاجأة "مهرجان الجونة السينمائي"
 العرب اليوم - عمرو دياب مفاجأة "مهرجان الجونة السينمائي"

GMT 07:00 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فولكس واغن تعيد إحياء علامة "سكاوت" الأميركية للأوف رود
 العرب اليوم - فولكس واغن تعيد إحياء علامة "سكاوت" الأميركية للأوف رود

GMT 15:14 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 12:48 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حسين فهمي يعلن للمرة الأولى سراً عن أحد أعماله

GMT 01:06 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 22:47 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يصدر تحذيرا لإخلاء مستوطنات إسرائيلية "فورا"

GMT 14:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العمل المالي 'فاتف' تدرج لبنان في قائمتها الرمادية

GMT 09:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

رونالدو يبحث عن مشجع ذرف الدموع وهتف باسمه في دبي

GMT 14:59 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تسلا تسجل أرباحا مفاجئة خلال الربع الثالث
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab