ع الــمــاشــي

ع الــمــاشــي!

ع الــمــاشــي!

 العرب اليوم -

ع الــمــاشــي

بقلم - حسن البطل

شخطبت ذات مرة (ذات سنة)، أو شطحت (شطح قلمي) كلمات تقارب الشعر، أو تشبه الفلسفة (أو السفسفة) هاكم هي: «يمشي المكان في المكان إلى المكان / وأنت يمشيك الزمان).

أمشي في شارع ركب (رسمياً: الشارع الرئيسي لمدينة رام الله).

رصيف الشارع صار مرصوفاً ومستوياً ومتآلفاً، ولم يعد كما كان ذا مطبات وعثرات تتعثر أقدامك (تتدركم) خطواتك بها أو تتزحلق إن تبللت بماء مطر الشتاء.

الشارع صار شجراً، والتزمت حوانيته بأمر البلدية، وخلعت عن رؤوسها مظلات «مكركبة» .. وفي الخلاصة، لم يعد شارع قرية لم تعد قرية. ولم يصبح، بعد، شارع مدينة صارت مدينة.. وتسير إلى حاضرة؟

كراكيش أبو خالد
دكانته آخر دكاكين قديمة للشارع الرئيسي. اسم المحل «نوفوتيه منصور» وصاحبها العجوز يكنّى أبو خالد. عنده، وحده، تجد حوائج تحتاجها من إبرة الخياطة حتى المقص، ومن الخيوط والأزرار، حتى أمشاط الشعر وفراشيه (للشعر وحلاقة الذقن) والمرايا.. وجميعها ذات توضيب فوضوي للناظر وليس لأبو خالد!
كانوا يقولون: دكانة، محل، بقالية صاروا يقولون: ميني ماركت، سوبرماركت، مول، ميني مول.. ونوفوتيه أبو خالد هي كل هذا باستثناء الأغذية والملابس والأحذية. أي كل ما يلزم البيت البسيط من حوائج بسيطة.

كتبت عن «كراكيشه» العجيبة الزميلة نائلة خليل ريبورتاجاً طريفاً، عن آخر أيام دكاكين رام الله الغابرة، ونسيت شيئاً: هو الوحيد الذي يرفع العلم الفلسطيني في مقدمة حوائج متنافرة، بالإضافة إلى محل زيت وزعتر للمعجنات والمخبوزات (كان محل أحذية، ثم مقهى).

على جانبي محله الغريب محلان، واحد من شماله وآخر من يمينه يرتديان آخر حلة في تصميم ديكورات المحلات، للملابس الجاهزة، ولأجهزة الاتصالات. زمان غابر يجاور زماناً حاضراً.

«يمشي المكان في المكان إلى المكان / وأنت يمشيك الزمان». يمكن لأبو خالد أن يبيع أو يؤجر محله بما يكفيه من مال لما تبقى من عمره، لكنه شبّ على شيء وشاب عليه.. ورام الله شائبة وشابة في آن!

«المدرسة الهاشمية»
مبنى جميل لعمارة قديمة من طابق واحد، لعلها كانت المدرسة الأولى في المدينة، وصار تلاميذها من وجهاء المدينة وأعيانها وأعلامها، أحدهم عبد الجواد صالح وقاد احتجاجاً ضد فكرة لرفع عمارة تجارية عالية مكان المدرسة الواطئة، أو عمارة ضيقة تحجبها عن الشارع.

وأخيراً، وجدوا حلاً إبداعياً. عمارة عالية خلفها، وإزالة السور من أمامها، ما يبرز جمالها المعماري وفرادتها، وهندسة جميلة لباحتها وتشجيرها.

هكذا، يمكن لحانوت أبو خالد، عندما يموت، أن يرتدي زياً جديداً هو آخر صرعات تحديث و»تمويض» محلات وحوانيت الشارع الرئيسي.

.. ويمكن للمدرسة الجميلة والقديمة المهجورة أن تتآلف مع وجه جديد للمدينة، وتصير متحفاً أو مشروع متحف لنشاط اجتماعي أو ثقافي جديد.. قليل من القديم وكثير من الجديد.

شارع القدس
كما غيرّوا اسم «ساحة الساعة» إلى «ميدان ياسر عرفات» ولم تتغير ألسنة الناس، كذلك غيروا اسم شارع القدس، الذي يبدأ من ساحة المنارة (لن يغيروا اسمها قط) إلى «شارع فلسطين».

ألزموا محلات ودكاكين الشارع بشيء من التنظيم، وتحرير الأرصفة من «أكياس البقوليات» وأيضاً زرعوا النخيل وجذوع أشجار الزيتون المعمرة.. والأهم، حدائق صغيرة عند أجنحة ومنحنيات الشارع ذات نباتات هشة ومزهرة، محمية بحاجز معدني.. لا يدافع عنها!

هذا يليق بشارع، لكن لا يناسب شارعاً لباعة الخضراوات وبسطاتها، التي ترمى بقاياها وصناديق خضراواتها في حدائق الأجنحة والمنحنيات.

كيف تتآلف «مزبلة» مع حديقة، أو لماذا لا يرفع عمال النظافة المرميات العشوائية منها، أو تتخلى البلدية عن «ديكورات» خضراء هشة لصالح أخرى شجرية؟

مغاليق الحوانيت
أعود إلى محلات شارع ركب (الرئيسي) ذات المغاليق المتنافرة. إما حديدية مسلحة ومصفحة ذات أقفال قديمة، وإما مغاليق متحركة بالروموت كونترول، وإما مغاليق من مشبطات معدنية ترى من خلالها محتويات المحل.

يحلو لك المشي آخر الليل في الشارع الرئيسي، فتصطدم عيناك بمغاليق صارمة - صادمة. ولو تركوا ضوءاً خافتاً خلف مغاليق من مشبطات معدنية، لفكر الماشي أن يعود في نهار اليوم التالي ويشتري!
صحيح، تمشي المدينة في المكان أسرع مما يمشيك الزمان، ورام الله (وسائر مدن الضفة) تهرول خلال زمن أوسلو بعد أن كانت بطيئة الخطى من قبل!

لكنك ترصد بعيون يقظة كيف يجاور القديم الجديد، أو كيف يمسخ الناس الجديد بعادات قديمة.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ع الــمــاشــي ع الــمــاشــي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab