هل إيران هي عدو

هل إيران هي عدو؟

هل إيران هي عدو؟

 العرب اليوم -

هل إيران هي عدو

حسن البطل
حسن البطل

«قتلتُ رستم.. وربّ الكعبة» هل كانت صيحة المقاتل العربي الإسلامي بداية فتح بلاد فارس، أم كانت النهاية الظافرية لمعركة القادسية فقط؟هل نختصر التاريخ الطويل والمعقّد الفارسي ـ العربي بالقول: العرب أعطوا إيران دينهم التوحيدي؛ وأعطتهم الحضارة والإدارة، والعلوم، وفقه اللغة العربية، كما أعطتهم بلاد الإغريق الفلسفة والحكمة!

يروي التاريخ المشترك المبكّر لعلاقة المحاربين العرب، البداة الحفاة، ببلاد فارس أمرين: دهشة شعراء العرب لبذاخة وفخامة إيوان كسرى، والثاني: ان محاربي القبائل العربية تنازعوا أسلاب هذا الفتح، وبالذات سجادة مرصعة بالأحجار الكريمة، فاحتكموا إلى الخليفة الذي أمر باقتسامها بحدّ السيف، وتوزيع رقعها بين القبائل المتنازعة عليها!

يروي التاريخ، أيضاً، أن معركة القادسية الحاسمة عسكرياً كانت بداية فصل دموي طويل من التمرد الفارسي، استمر قروناً أربعة في الخلافتين الإسلاميتين: الأموية والعباسية، ضد حكم الولاة العرب على بلاد فارس، وكذا بلاد ما وراء النهر والسند.

نعرف أن حروب الإمبراطورية الفارسية مع الإمبراطورية البيزنطية هي مَن أضعف الإمبراطوريتين بما مكن الفتح العربي من التغلب عليهما بحدّ السيف الذي يرفع عبارة التوحيد: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله.

اليوم، ترسم اللغة العربية حدود العالم العربي، لكن الحرف العربي صار لغة بلاد فارس، وكذا حتى بلاد خيبر (أفغانستان الحالية) وإلى بدايات القرن العشرين لغة بلاد الأناضول والإمبراطورية العثمانية، إلى أن أمر أتاتورك باستبدال الحرف العربي باللاتيني.

لماذا حافظت إيران على كتابة لغتها الفارسية بالحروف العربية؟ لأنها أنتجت به تراثاً معرفياً غنياً من حضارتها وباللغة العربية، أيضاً، خلافاً لإمبراطورية آل عثمان، التي جاء مؤسسوها من عمق بوادي آسيا بلا تراث حضاري مكتوب، علماً أن القرآن كان أول كتاب بالعربية.

لا أعرف متى بدأ ذلك النشيد القومي ـ العربي: «لنا مدنية سلفت/ سنحييها وإن دثرت».. إلخ، لكن لبلاد فارس أن تقول: الحضارة الإسلامية ـ العربية هي، في الواقع، حضارة عربية ـ فارسية، كما نعرف فضل النحاة واللغويين الفرس، بعد الإسلام، على لغة الضاد، وتقعيدها، وتنقيطها.

نظر دعاة العروبة والقومية العربية إلى إيران وتركيا بالذات وفق «استراتيجية التخوم»، أي العروبة في مواجهة بلاد فارس والأناضول، وادعوا أن «عزة الإسلام من عزة العرب».إيران تتاخم العراق العربي، وسورية العربية ـ العروبة تتاخم تركيا، لكن الحدود القومية متداخلة في عربستان ولواء الاسكندرون وديار بكر.

أطلق صدام حسين على حربه، الضروس والمديدة، مع «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» اسم «قادسية صدام» مخالفاً النصيحة الاستراتيجية الذهبية: إياك أن تتصدى بالقوة لموجة في أول مدّها، وانتهى الأمر إلى ما نعرفه الآن، وخسر العراق صفته «دولة تخوم»، وكان عليه أن يحقق حلمه: «سنبني في العراق دولة غير اعتيادية في العالم الثالث»، وصارت إيران هي التي تبني نظاماً ودولة غير اعتيادية في العالم الإسلامي، وكذا تركيا من أواخر القرن الماضي إلى حكم أردوغان.

الآن، انتقل الصراع من الخانة القومية إلى الخانة المذهبية، وصار لإسرائيل أن تدّعي تحالفاً بين إسرائيل اليهودية والدول العربية السنّية وتركيا السنّية، في مواجهة الخطر الإيراني و»العدو» الإيراني، .. والمذهب الشيعي!

لا يعرف البعض أن المذهب الشيعي لم ينشأ في إيران، بل في العراق، وأن صلاح الدين الكردي العراقي لم يكن بطلاً إسلامياً بل بطلاً إسلامياً سنّياً في وجه انتشار فرق وشيع المذهب الشيعي حتى في مصر الفاطمية والمغرب، أيضاً، قبل العداء للصليبيين.

كان شاه إيران الأخير (الذي لم يجد قبراً سوى في أرض مصر السنّية) قد حاول دولة علمانية مطعمة بالحضارة الفارسية القديمة، كما حاول أتاتورك دولة علمانية مطعمة بالحضارة الأوروبية.

إن عداء تركيا الإسلامية لإسرائيل شيء عابر، لكن عداء إيران الإسلامية لها شيء عميق، ليس لأسباب دينية فقط، ولا بسبب اعتمادها «ديمقراطية إسلامية» فريدة، ولا حتى بسبب مشروعها النووي، أو تشجيعها للإرهاب ضد إسرائيل.

في إيران الإسلامية يتحقق تجدّد الحضارة القديمة الفارسية، وجيش قوي، كما الجيش التركي، بينما تتهاوى دول التخوم العربية في العراق وسورية وتتشظى!
إسرائيل ديمقراطية يهودية ـ عنصرية، وايران نموذج ديمقراطية إسلامية ـ شيعية، وتركيا ديمقراطية إسلامية ـ سنّية، ووحدها موسكو الأرثوذكسية في دور «المايسترو» بين الدول الثلاث لمقاومة الإرهاب.

إذن، ما الذي تخشاه إسرائيل من «العدو الإيراني»؟ إنه التقدم الإيراني المتسارع في العلوم والتكنولوجيا، وعدد الباحثين العلماء، الذي يسابق ما لدى إسرائيل ويتفوق عليها في ميادين متزايدة.

كما نعرف، وقفت أوروبا لإحباط مشروع محمد علي النهضوي في مصر، وقت أن كانت الهوّة العلمية بين فرنسا ومصر ثلاثة عقود، ثم وقف الغرب وإسرائيل لتحطيم المشروع النهضوي العربي بقيادة ناصر، ثم مشروع صدام حسين لبناء دولة غير اعتيادية في العالم الثالث.

إسرائيل لا تريد لإيران أن تبني مشروعاً نهضوياً ـ إسلامياً ينافس الديمقراطية اليهودية بديمقراطية إسلامية ويسابقها في قوتها العسكرية والاقتصادية والعلمية.كان ناصر يقول إن الصراع العربي ـ الإسرائيلي له جذر حضاري، وكل ما في الأمر من عداء إيران ـ إسرائيل يتعلق بذلك.

.. والآن، أميركا في عهد ترامب تشارك إسرائيل في النظرة إلى بلاد النفط والغاز العربية ـ الإيرانية، وفي سلام إقليمي يغلّف السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أو الحلف السنّي ـ الإسرائيلي، هو ضد الإرهاب السنّي أولاً، ثم ضد النهضة الإيرانية المعادية للغرب وإسرائيل معاً.بدلاً من «كماشة» عربية تحيق بإسرائيل صار الحال كماشة تركية ـ إيرانية تحيق بدول التخوم العربية المتهاوية أو تحاول إسرائيل، أن تجد دوراً مناوراً فيه.

arabstoday

GMT 13:31 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فواجع إضراب المعلمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل إيران هي عدو هل إيران هي عدو



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab