سباتاً ومعاشاً

سباتاً ومعاشاً !

سباتاً ومعاشاً !

 العرب اليوم -

سباتاً ومعاشاً

بقلم : حسن البطل

لو كان العنوان: بين روسيا الخروتشوفية وروسيا البوتينية، لخطر في بالكم ما ليس في بالي، وهو مسألة نوم ثلث يوم، وعمل أربعة أيام في الأسبوع.

طرائف خروتشوف كثيرة، لكن ما ليس طريفاً فيها هو إعلانه أن «العلماء السوفيات» وجدوا علاجاً يقهر حاجة النوم، فيعمل عمال بلاد شعارها: «يا عمال العالم اتحدوا» على مدار ساعات اليوم، لبناء مجتمع الاشتراكية الماركسية ـ اللينينية!

كان ماركس أو لينين هو من زاوج بين الشيوعية والرأسمالية لبناء المجتمع الاشتراكي، أي بين عقيدة الأولى، وتكنولوجيا الثانية، أمّا العلماء السوفيات  في زمن خروتشوف، فقد اخترعوا (أو كادوا) دواء ما لجعل الجسم البشري آلة تعمل على مدار الساعة، دون حاجة لسبات الليل، ودون حاجة لسبات الدب الشتوي، أيضاً!

هذه واحدة، والثانية، أنني اشتريت، في ستينيات القرن المنصرم من الجناح السوفياتي في «معرض دمشق الدولي» كتاباً للعلماء السوفيات معنوناً: «الإنسان يصلح كوكبه»، وطيّه مشاريع خرافية جنونية لتعديل مناخ الأرض وإصلاح اعوجاجه، ومنه بناء سد على مضيق جبل طارق وإغلاق قناة السويس، ومن ثم فإن مستوى المحيطات سيعلو مستوى البحر المتوسط، بفعل التبخر؛ ومن ثم فإن توليد كهرباء من الفرق بين المستويين سيكون كافياً لتزويد نصف سكان العالم بالكهرباء.. ياه!

تعرفون أن «تيار الخليج ـ غولف ستريم» يجعل اسكندنافيا في العروض الجغرافية العليا دافئة نسبياً في الشتاء، فلماذا لا يمكن حرف تيارات المحيط الهادي الدافئة شمالاً، لجعل سيبيريا الصقيعة ذات صيف دافئ قابل للاستزراع؟

إلغاء قضاء ثلث العمر في السرير هو لعب خطير بالساعة البيولوجية البشرية، أما اللعب الجغرافي ـ الايكولوجي بالمناخ فعاقبته أخطر بكثير، من مشكلة العصر الراهنة، وهي احترار جو الأرض درجة ونصف الدرجة عما كانت عليه في العصر ما قبل الصناعي.

قمة المناخ الأولى في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية كانت خطوة البداية لتقليل الاحتباس الحراري.. ما أمكن!

النوم سلطان كما يقولون، أو هو غسيل الجسد من تعب النهار وأدرانه. «وجعلنا الليل سباتاً وجعلنا النهار معاشاً»، وناس شمال الأرض تضطرب ساعتهم البيولوجية في الشتاء الطويل والبارد؛ وناس الجنوب لهم عادة القيلولة في نهارات الصيف الطويل والقائظ.

اليوم ليل ونهار، وأما الأسبوع فهو من سبعة أيام، وكان لشعوب الأرض يوم راحة وعطلة أسبوعية، وصارت أيام الراحة والعطلة يومين في الأسبوع، لكن في روسيا البوتينية هناك من يقترح الآن أربعة ايام عمل وثلاثة أيام راحة، وفي بعض الدول هناك من يقترح خفض مجمل أيام العمل الأسبوعية حتى 34 ساعة.

انتقل العمل اليدوي إلى الصناعة، وهذه الصناعة إلى الأتمتة الآلية، والآن بدأ عصر الحواسيب والروبوتات. يذكّرني هذا بقصة طريفة في سورية الستينيات، حيث عاد عامل من الولايات المتحدة يعمل في ديترويت إلى قريته، فأخذوه إلى ورشات تصليح وتجليس السيارات «المطعوجة» ليعلمهم صناعتها، فاكتشفوا أن كل ما يعرفه ويجيده هو أن يمسك بأداة ربط ليشد بها البراغي على شريط التجميع، الذي اخترعه الأميركي فورد. الآن، تقوم الحواسيب بصناعة قطع السيارات وتركيبها.. وإلاّ كانت أسعارها باهظة جداً.

ثمة عبارة في بعض الملفات تقول: «عملي يقتلني» وهي مبالغة في القول السائر: «هدّه التعب». لكن في تقليل أيام العمل، وساعاته الأسبوعية أولاً، مما يحرك الاقتصاد في تزجية وقت الفراغ بالقراءة المفيدة، وفي ترويج سياحة الراحة والعطل الأسبوعية المطولة، وخاصة في الإجازات السنوية والسفريات السياحية.. والمطاعم والمتاحف.. إلخ!
فإلى العودة إلى سبات الليل، هناك ضرب من الشعوذة في تفسير الأحلام، الوردية منها والكابوسية، وهناك تفسير فرويدي جنسي غالباً.

الآن، تطورت دراسات المخ البشري ومراحل النوم، حيث يقوم الدماغ بعملية حفظ المعلومات أو حذفها، كما هو الحاسب الآلي، الذي يعمل وفق وظيفة حسب الطلب، لكن الدماغ يقوم بالعمل هذا بشكل لاإرادي: غربلة وتنقية. حذف وحفظ الذاكرة.

ينام الإنسان البالغ 6 ـ 8 ساعات في اليوم، والطفل ينام ساعات أطول يكبر وينمو خلالها، والطاعن في السن ينام 4 ـ 6 ساعات.

النوم نومان؛ الأول، يسمى «نوم الأحلام» وهو من ساعة ونصف الساعة.. الأحلام السعيدة تكثر في سنوات الطفولة، وتقل مع التقدم في العمر، وهناك الأحلام الكابوسية، إمّا لأصحاب الضمائر المثقلة، وإمّا لأسباب فيزيولوجية.

هناك من يغلبه النوم بسهولة؛ وهناك من يغالب النوم ساعات من الأرق المرهق. هناك من تراوده الأحلام كثيراً؛ وهناك من لا يتذكر أحلام نوم الليل.

هناك من يدعي أن قلة الأحلام، أو نسيان الحلم، دليل شخصية سوية متوازنة، وأن كثرة الأحلام الكابوسية لها تفسيراتها. إذا جاءك كابوس واستيقظت على حلم مزعج، لا تحاول النوم مباشرة.. إلاّ بعد أن تشرب

جرعة من الماء، وتفرغ مثانتك، وتقرأ شيئاً خفيفاً مسلّياً على ضوء جانبي، وبالطبع أن تتدثّر جيداً في الشتاء، وتتخفف في غطاء النوم صيفاً.

في الأخير، فالنوم نوع من موت عابر، ويقال: إن الموت هو كما قبل الولادة. لا يتذكر الجنين أحلامه في بطن أمه، ولا يتذكر الميت أحلامه في حياته ووقائعها السعيدة أو التعيسة!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباتاً ومعاشاً سباتاً ومعاشاً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab