في مدارات الخليّة

في مدارات الخليّة

في مدارات الخليّة

 العرب اليوم -

في مدارات الخليّة

حسن البطل

إذا أردنا اكتناه خليقة كوكب الأرض، نذهب الى تابعها الأرضي: القمر. فإن أردنا اكتناه خليقة الكون، نذهب إلى مذنّب ما، يتمرجح بين مجموعات شمسية مختلفة، أو ينوس بين كواكب مجموعة شمسية معينة.. وتوابعها. ...وإما، إن شئنا اكتناه الذكاء الإنساني، فإننا نمعن في تشريح تلك المادة الرمادية ـ السنجابية التي تغلف دماغاً، تذود عنه جمجمة. .. وما الانسان، بيولوجياً، سوى رأس ـ دماغ وله ذنب طويل هو كامل الجذع الانساني من فوق الرقبة.. إلى ابهام قدمك اليمنى، واليسرى. لكن، إن شئنا اكتناه سر الحياة، أوغلنا في غياهب النطفة، وفي عوالم الخلية.. بل في مورثاتها وجيناتها، سجلّها الهندسي ونظام عملها، الذي يفوق دقّة نظام الكون، باعتبار المادة الحية طفرة كبرى للمادة غير الحيّة. * * * هل هوى الاوطان نتيجة ثقافة سياسية، أم هو تعبير من تعبيرات دفاع الانسان عن حياضه وعمّا بين يديه؟.. كما تدافع الحيوانات عن مجالها الحيوي، وكما تتقاتل ذكور الحيوان حتى الموت أو الطاعة اذا وفد ذكر غريب قطيعاً ليس قطيعه؟ .. أم أن سمكة السولومون تعطينا المفتاح الغريزي ـ البيولوجي الدقيق لسر محبة مسقط الرأس، التي تعتبر هوى الاوطان طبعة موسعة، مزيدة ومنقحة عنها. قد تفقس سمكة السولومون بيوضها في أعالي الأنهار العذبة، فتندفع غريزياً نحو البحر.. لتسافر آلاف الكيلومترات الى مناطق البحار الدافئة. فإن جاءها زمن الاخصاب، ووضع البيوض، عادت القهقرى الى النقطة التي فقست فيها، دون أن تخطئها.. قيد أنملة. وقد لاحظ الانسان استماتة هذه الاسماك للعودة الى مواطنها الاولى، وقتالها حتى الموت لصعود الموانع الطبيعية التي يضعها الانسان على مجاري الانهار. وهكذا، تركوا فتحات جانبية في السدود النهرية، لتعود الاسماك الحبلى الى حيث رأت النور تضع بيضها.. وتودّع الحياة، أو تعطيها دورة جديدة. الطيور المهاجرة سجلت أدمغتها حتى السجل المغناطيسي للكرة الارضية، وعلى هدى هذا السجل المغناطيسي تسافر مهاجرة من مكان الى آخر.. وتعود إلى المكان ذاته، كما تفيد الحلقات المعدنية التي توضع في أقدام بعض أنواع الطيور. * * * عن سرّ محبة الانسان مسقط رأسه قيل الكثير، لكن آخر التفاسير تشير الى العامل البيولوجي أيضاً.. كيف؟ من المعروف أن للأرض حقلاً مغناطيسياً، لكن القطب المغناطيسي متبدل تبديلاً مستمراً، يبدو طفيفاً سنة بعد سنة، لكنه على مرّ ملايين السنوات يتبدل تبدلاً جذرياً. فقد كان القطب الشمالي، في زمن سحيق، موجوداً في الكونغو، والقطب الجنوبي في مكان آخر يقابله من الكرة الارضية. صحيح أن ظاهرة انزياح القارات أو "سفر" الغشاء الصخري السطحي وانزلاقه يفسّر بعض أسباب تبدل الشمال المغناطيسي والجنوب.. أيضاً، لكن، هناك أيضاً أسباباً تتعلق بموقع الارض من المجموعة الشمسية، ودوران المجموعة الشمسية في مجرة "طريق التبانة" أو "الطريق اللبني". * * * ويعرف علماء طبقات الارض "المورفولوجيون" عمر الصخر بناءً على عاملين رئيسيين: 1 ـ نوع الكائنات (من الرخويات ووحيدات الخلية الى الكائنات العظمية) المطبوعة على صفحة الصخر، وتركيبه الكيماوي. 2 ـ الاتجاه الذي يأخذه عنصر الحديد، فيشير الى الاتجاه السائد، آنذاك، للشمال المغناطيسي. وبما أن السجل الكوني خارطة دقيقة فيتم تقدير عمر الصخور بناءً على العاملين السابقين. * * * الانسان نفسه مؤلف من ومليارات الخلايا، التي لا تخلو من معدن. والحال أنه عندما يولد إنسان، تقوم خلاياه بتسجيل احداثيات الخارطة المغناطيسية لمكان ولادته. وقد يورث الانسان الخارطة المغناطيسية لخلايا والده، الذي أكل من نباتات المكان، والتي تسجل، بدورها، خارطة مغناطيسية معينة. هل يفسر ذلك، رغبة الانسان أن يدفن في مسقط رأسه.. حتى لو انتهت دورة حياته في مكان بعيد؟! ربما.. فنحن نجد أعمق الاجوبة، أدقّها، في فلسفة العلوم، لا في الايدولوجيا، ولا في التربية الثقافية ـ السياسية. غير أن الإنسان وخلاياه الحية، ليست أكثر عناداً من الصخر. فهناك صخور رسوبية، وصخور اندفاعية.. وأيضاً، صخور متحوّلة، أي (مطبوخة) بما يجعل الصخور الرسوبية تتبدى صخوراً نارية. تطورات مثل هذه تفسر تبدل ميول الانسان نحو المكان، اضافة الى قدرة المادة الحية على التكيف. ومع ذلك، ما زلنا نجد السر الخطير والكبير في أبسط الاشياء: من سر الكون الى سر الحياة.    

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مدارات الخليّة في مدارات الخليّة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

إرهابى مُعادٍ للإسلام

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 21:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تشارك في موسم الرياض بـ مكسرة الدنيا

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab