جداجـد، عـدّة النجار وكوكا كولا

جداجـد، عـدّة النجار.. و"كوكا كولا"

جداجـد، عـدّة النجار.. و"كوكا كولا"

 العرب اليوم -

جداجـد، عـدّة النجار وكوكا كولا

حسن البطل

مع زغللة في البصر، قد ترى في الكتابة اليابانية عقارب وعناكب... أو جداجد. عاشق الفلسطينيين جان جينيه تخيّل حروف اللغة العبرية عدّة النجار والحداد معلقة على الجدار، ورأى قبحها في فراغات المسافات العشوائية إذا اجتمعت الحروف لتدل على معنى الكلمات. .. وأما الذين لديهم زغللة في البصيرة، فقد رأى أحدهم في رسم "ماركة" الكوكا كولا بالحروف اللاتينية ما شاء العقل المريض أن يرى من جحود وإلحاد: "لا محمد؛ لا مكة". تستطيع، لو كنت خطاطاً أو فناناً، أن ترسم بحرف "العين" وحده بالعربية المقدسة جسد أنثى عارية.. إذا رسمته صحيحاً ومقلوباً في رسمة متقابلة. اللغات، القديمة منها بخاصة، ترسم شكل الشيء أو صورته، كما في الهيروغليفية واليابانية والصينية؛ أو ترسم صوت الحرف كما يرسمه لسان الإنسان في فمه. جرِّب أن تلفظ اللام (ل) والقاف (ق) والراء (ر) متخيّلاً حركة لسانك في فمك، أو مستعيناً برسم طبي لتشريح الفم. أبعد من هذا، فكلمة "شلاّل" تكاد ترسم دوران اللسان في الفم، وكذلك كلمة "خرير" أو "زقزقة".. الخ! عرضياً، ذكّرتني مقالة زميلي حسين حجازي، بالأمس، باسم ذلك الفنان الفرنسي دولاكروا الذي رسم ملكاً فرنسياً في حفل تتويجه، حيث اكتشف نقاد الفن، لاحقاً، عمق التأثير الأندلسي. فقد كان الثوب الملوكي الفرنسي موشّى الأطراف بألفاظ قرآنية من آية الكرسي كتبت بالخط الكوفي.. وقد حسبها مصمّم الأزياء الملكي الفرنسي زخرفة جمالية محضة. الحرف العربي مطواع لخيال الفنان وممتحن لضلوعه، والفنان الإسلامي وجد في مطواعيته الجمالية خير معين للفن التجريدي بأشكال هندسية أو عشوائية. وهكذا تستطيع أن ترسم حواء عارية بحرف "العين" وحده؛ والوحوش والعصافير. ويعرف الخطاطون، الأماجد منهم بخاصة، أن للخط العربي قواعد هندسية (مسافات نقاط)؛ ويعرفون جميعهم أن كتابة لفظة الجلالة "الله" لا قاعدة هندسية لها، وهي التي تكشف جودة الخطّ وبراعة الخطاط. * * * امبراطورية "الكوكا كولا" تخوض حرباً ضروساً ضد مملكة "البيبسي كولا". الله أعلم ما إذا كان ذلك المصري بسيط العقل دخل طرفاً مأجوراً في تلك الحرب، أو كان قد "سطّل" أو "كيّف" فرأى في انعكاس ما يشبه طغراء "الكوكا كولا" زغللة بصرية، أو وسواساً في بصيرته، حتى هاج البسطاء وماجوا، إلى أن اضطر مفتي الديار المصرية الى إصدار فتوى في واحدة من صغائر الأمور، وعمى البصيرة الذي يقود الى عمى البصر. بلمحة واحدة يعرف العربي أن "الطغراء العثمانية هي بسملة في شكل أجاصة. المرآة تجعل يمناك يسراك.. لكنهم، في الحث على وعي الحقيقة الجارحة يقولون: أُنظر الى نفسك في المرآة. وقد وضعوا في مدار حول الأرض جملة من المرايا المتعاكسة، الكبيرة والصغيرة؛ المحدّبة والمقعّرة.. وأسموها مرصد "هابل" نسبة الى عالم فلك.. وهكذا، استطاعوا أن يروا كيف كانت السماوات والمجرات لحظة "الانفجار الأعظم".. وبعضنا يرى في المرآة خيالات مريضة! ويستعين علماء النفس بأشكال ورسوم، ملونة أو غير ملونة، لتحليل نفسيات بشر مصابين بأمراض الفصام والعصاب والرّهاب (الفوبيّا). وبالمناسبة، يبيع الدجّالون القبارصة الأتراك الى البسطاء من القبارصة اليونان أحاجي هي عبارة عن حروف عربية وأرقام عربية مكتوبة بخط رديء (عمداً ؟) وبقلم "الكوبيا" باعتبارها "رقى" من تراث "يا كافي يا شافي". اشتريتُ واحدة وسألت نفسي كم واحداً قتله حبر "قلم الكوبيا" بالسرطان! وأما السيّاح الغربيون، الذين يزورون بلاد المغرب الأقصى، فتأخذهم جماليات ما يسمونه "الموريسكوسْ" وهي عبارة عن مزيج متآلف وملون: حروف عربية لآيات قرآنية؛ وخطوط هندسية.. وأشكال نباتية، وقد أكثر منها المغفور له الملك الحسن الثاني على جدران مسجده الشهير على حافة البحر المحيط أو بحر الظلمات، وتعمد إقامته على حافة البحر من وحي ما ورد في القرآن الكريم من أن الله أرسى عرشه على الماء. * * * تشير "هلوسات" تتزايد في أرض الكنانة إلى أمر محزن: لقد تم للذين في نفوسهم هوى ومرض الإجهاز على براعم التنوير الناصري بدءاً من المؤسسة السياسية، فإلى المؤسسة الاقتصادية.. والآن، يجهزون على ما كان بدايات مؤسسة ثقافية.. إلى حد بات النص مرآة لما يعتمل في النفس؛ وصارت "زغللة " البصر في انعكاس "الكوكا كولا" في المرآة إشارة منذرة الى أن جماليات الخط، في أية لغة كانت، تستحيل أشباحاً. بالمناسبة، ناصر أدخل الهندسة والطب إلى جامعة الأزهر. رحم الله الإمام علي بن أبي طالب الذي اجتهد، فكاد يوصي بجعل كتاب الله مقصوراً على العلماء دفعاً من أذى تأويل "الجهّال" للمحكمات والمتشابهات، ولأن القرآن "حمّال أوجه" كما قال. "الموريسكوسْ" فن عربي أصيل وجميل، تجد صداه في عروق الثوب الفلسطيني مثلاً.. وها نحن "نؤسلم" ثوبنا الجميل والعريق ونمسخه بشعاً.. وربما يأتينا حاكم بأمر الله يرى في "الموريسكوس" و"الأرابيسك" رجساً من عمل الشيطان. "رب يسرّ ولا تعسّر".

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جداجـد، عـدّة النجار وكوكا كولا جداجـد، عـدّة النجار وكوكا كولا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

إرهابى مُعادٍ للإسلام

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 21:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تشارك في موسم الرياض بـ مكسرة الدنيا

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab