بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي

بسمل وحوقل ؟ .. لكنها مستحاثات يا سيدي !

بسمل وحوقل ؟ .. لكنها مستحاثات يا سيدي !

 العرب اليوم -

بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي

حسن البطل

تناوش صديق مع أصدقائه على الفيسبوك، وكانت المناوشة بين طريفة ومحزنة.. وحتى مخزية!
وجد الصديق، في إحدى قرى غرب رام الله، نقوشاً مطبوعة على الصخر وأحجاره. حار في أمرها، ومال إلى نسبتها لحضارات قديمة مثل السريانية. ليش بالذات؟ لا أدري!
ما أثارني في تعقيبات على النقوش، أن قارئاً حوقل (لا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم) وغيره قال: تبدو القرية قديمة فعلاً، وآخر أثنى وقال: "القرية لها عمق متجذر في الماضي".
والحاصل؟ خلطة عجيبة من التفسيرات الحضارية (الإنسانية والتاريخية)، و"عراقة القرية المتجذرة في الماضي البعيد".. وحتى خلط الميثولوجيا وأساطير الأولين بالجيولوجيا، وعلم الأناسة بعلم طبقات الأرض.
كله بيمشي.. بس ليش الحوقلة والبسملة، أو إقحام "حسبي الله ونعم الوكيل" في أمور شتى ومتضاربة؟
هذه مستحاثات Fossile من علم الإحاثة، وهو أحد علوم الجيولوجيا والأحياء، وليست عظاماً وآثاراً مثلاً لحضارات بائدة، بل سبقت حتى قوم "عاد وثمود".. والدودة التي صارت فراشة!
أصداف ومحارات وقواقع.. وحتى رخويات ماتت في البحار، وترسّب فوقها طمي على مدى ملايين السنوات، وخضع الطمي لضغط هائل وطبع صورتها على طمي صار صخراً، وصخر رفعته الحركات البنائية (التكتونية) الموّلدة للجبال.
إذا كانت الطيور، المغردة والكاسرة، تطوراً طبيعياً (النشوء والارتقاء) من أشكال ديناصورات طائرة، فإن بعض الأصداف والمحارات البحرية الحالية تشبه ما كانت عليه وقت خليقة الكائنات البدائية.
من مئات السنوات، وقبل داروين و"النشوء والارتقاء" قرؤوا المستحاثات قراءة صحيحة عن علاقة الجيولوجيا بعلم الأحياء، حيث تركت أشكال الحياة الأولى، الحيوانية والنباتية، طبعتها على الصخر، الذي كان رخواً، ثم تصلّب تحت الضغط، وكان مغموراً في الماء.. وصار في البر والهواء الطلق!
الآن، بعد خارطة الجينيوم للإنسان وسواه، وحتى للحشرات مثل "أم أربعة وأربعين" صاروا يبحثون عن "بصمة الكون" في المذنبات الشاردة بين الكواكب والنجوم، وهي "الحطام" الأوّلي من تشكل الكواكب والنجوم والمجرّات بعد الانفجار الأعظم لBig Ban.
إذا تساءل الصديق في قريته، وحاول أصدقاؤه أجوبة غير صحيحة على تساؤلاته؛ فقد حصل مثل هذا مع صديق، احتار في مستحاثة موجودة في الصخر على جبال ترودس العالية في قبرص اقتضى الأمر مني شرحاً مسهباً لأفسّر له كيف كان هنا "غمر بحري" في زمان جيولوجي سحيق، وكيف مرّت على كوكب الأرض حقبة كان فيها معظم بر الأرض "مخاضة" مائية، ثم حقبة كانت فيها معادلة البر والبحر غيرها الآن.
يعرف علماء الجيولوجيا لماذا وكيف تشكلت الجبال، وعلاقة هذا بانزياح وزحف القارات.. ومن ثمّ لماذا جبال هملايا عالية؟ لأن الهند كانت جزءاً من قارة أفريقيا القديمة، وانفصلت عنها، و"نطحت" قارة آسيا القديمة، فتشكلت من هذا، رويداً رويداً، جبال الهملايا، الملأى بالمستحاثات البحرية.
وكانت قارة استراليا جزءاً من القارة القطبية الجنوبية، وهي "تنطح" أرخبيل أندونيسيا وتجبره على الانزياح شرقاً.. مع الزلازل وموجات "تسونامي"!
قل الأمر ذاته، بالنسبة إلى انزياح شبه الجزيرة العربية إلى الشمال الشرقي، وانزياح أفريقيا إلى الشمال الغربي، وتشكّل جبال زاغروس وطوروس نتيجة ذلك واتساع البحر الاحمر ليغدو في سعة المحيط الأطلسي بعد مئات ملايين السنوات.
في حقبة المستحاثات، لم تكن قرية بدرس، مثلاً، موجودة، ولم تكن الديناصورات موجودة، وبالتالي، لم يكن الإنسان "شيئاً مذكوراً" لا كمخلوق حيّ، ولا كحضارات بائدة، ولا كانت الديانات السماوية وغير السماوية قد وُجدت!
لا داعي لتكون المستحاثات دافعاً للبحث في "تاريخ وحضارة البلاد" بل لفهم علم الأحياء وتطور الكائنات الحيّة، أو علم طبقات الأرض، وكيف كانت البحار منشأ الحياة، ولماذا يبحث علماء الفضاء عن الماء في غير كوكب الأرض.
يمكن القول: سبحان الله، بدلاً من القول "لا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم".. وعندما تزحف القارات، ليعود قطب الأرض في الكونغو، وقطبها الآخر في المحيط الهادي.. لن يعود الإنسان "شيئاً مذكوراً".
شرحت للصديق، فقال: أكد كلامك بعض الجيولوجيين.. "وخاصة أن ثمة حقبة ناطوفية في المنطقة".
شو حقبة ناطوفية في المنطقة.. وليش في المنطقة مش في جدلية علاقة بحر ـ برّ ـ حياة؟
"هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً".

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab