يتلاعبون بما نأكل

يتلاعبون بما نأكل

يتلاعبون بما نأكل

 العرب اليوم -

يتلاعبون بما نأكل

حسن البطل

حسناً تفعل، إن عصرتَ ليمونة على صحن سلاطة، ولم ترفع بذورها. اهرس بعضها بأسنانك، وكذا بذور غيرها مثل بذور العنب البذري، فإن أكلت ثمرات المشمش فلا تلق لب بذورها .. جميع بذور الثمار ذات فائدة مضاعفة. إياك والبطيخ اللابذري..الخ!

الآن، يروج البطيخ اللا-بذري والعنب اللا-بذري، وبعد قليل تختفي بذور البندورة، وربما الخيار.. فلا يبقى، مثلاً، إلا بذور الفقوس البلدي؟

كان الفلاح المجرّب يقوم بتأهيل بذور افضل حبات الثمار في حقله، ويعيد زراعتها في موسم آخر.. وهكذا!!

صاروا يتلاعبون بجينات ومورثات الثمار والخضروات، وحتى حبوب القمح والأرز والذرة، طمعاً في موسم أوفر، لكن هذا التهجين والإخصاء سريع الانهيار، ويعالجون انهياره بمزيد من الإخصاء بتعديل جيناته ومورثاته .. وهكذا!

من بين كل المخاطر الماثلة على البيئة، مثل احترار جو الأرض، وتآكل طبقة الاوزون الواقية من أشعة شمسية ضارة، وزيادة مطّردة في تلوث البحر "وقلويتها" وتدهور التنوع البيئي للنبات والحيوان.

.. هناك أيضاً تصاعد مطرد في التلاعب بجينات الثمار والخضروات، لتعطي محاصيل أوفر ولو لدورة تطول او تقصر من سنوات زراعية. أما تصنيع منتوجات اللحوم والدواجن فهذه فضيحة وجريمة.

هناك منظمة الصحة العالمية للتعاون في مقاومة الأوبئة؛ وهناك درجة دنيا حتى الآن من تعاون دولي للحدّ من حقن الهواء بغازات ضارة .. وقوانين حمائية للحيوانات المهددة بالانقراض، وبدرجة اقل للحد من سرعة اختفاء نباتات طبيعية (تنوع الغطاء النباتي البيئي ليس بفعل الاصطفاء الطبيعي لكن بفعل تدخل إنساني جائر).

إضافة الى خزائن الذهب لدعم العملات والاقتصاد الوطني والعالمي، وخزّانات النفط سعياً لضبط تقلب الأسعار والتحكم فيها، هناك منظمة الزراعة الدولية (الفاو) التي دأبت على تشكيل احتياطي من بذور الثمار والنباتات المؤصلة، لعلاج محتمل إذا تدهورت المحاصيل بفعل زيادة الاصطفاء الصناعي الجيني.

في سعيها لهذا الهدف الجليل، أقامت "الفاو" ما يشبه بنوكاً من البذور المؤصلة في مناطق عديدة من العالم. فوجئ علماء الزراعة في "الفاو" ان عزلة ألبانيا عن العالم دفعت مزارعيها الى تأصيل طبيعي لبذور الثمار والخضروات، حيث كان الفلاحون يحتفظون بأحسنها في أوعية من قماش ويخبئونها حتى تحت أسرّتهم.

كما نعرف، فقد أهدى "العالم الجديد" في الأميركتين الى "العالم القديم" نباتات جديدة عليه، مثل البندورة (الطماطم) والذرة .. وحتى الطباق (أوراق نباتات التبغ).

البندورة، التي نظرت إليها أوروبا، في البداية، كنبتة شيطانية وسامّة هي ثمرة تصنف خضاراً، وبعد ارتياب صارت الأكثر استهلاكاً على نطاق العالم قاطبة.

لم تعد البندورة كما كانت، بفعل المخصبات الطبيعية ثم الصناعية، ثم استخدام المبيدات .. وأخيراً التحكم في جيناتها .. بما افقدها طعمها وحتى قلل من فائدتها.

إلى ذلك كانت للخضار مواسم، وصارت حاضرة في كل موسم، سواء بالاستيراد من دولة الى دولة أُخرى، الى تهجينها لتطرح في السوق في غير موسمها .. بلا نكهة!

مثل آخر، كان القمح السوري "البلدي" يجود في حوران والجولان (أهراءات روما القديمة)، وهو قمح "فاس" وتصدر سورية كل كيس منه مقابل سبعة أكياس من القمح "الطري" الأميركي أو الأسترالي او الإيطالي غزير الإنتاج، لكنه هش وراثياً.

كذلك لم يعد محصول الأرز آسيوياً وقليل المحصول ومحباً للماء، فقد تعددت أصنافه وزادت محاصيله، وقلت فائدته.

الولايات المتحدة التي حلّ علماؤها الشيفرة الوراثية للإنسان، تتصدر دول العالم في التلاعب الجيني، وكذلك تفعل إسرائيل .. ومعظم بقية دول العالم.

هذا العام، لاحظ الأردنيون رفع لافتة لشركة مونسانتو Monsanto في بعض مزارع عمان، وهي شركة تظاهر ضدها ناس في ٥٠ دولة، وأدت منتجاتها الزراعية الى انتحار ٢٠٠ ألف مزارع هندي.

هذه الشركة كانت مساهمة في تصنيع القنبلة الذرية، ثم تصنيع المادة الكيماوية "العامل البرتقالي" Agent Orange لضرب وإبادة المحاصيل خلال حرب فيتنام وتعرية أوراق الغابات اي شن "حرب بيولوجية" و"جرائم حرب" بدعم من الحكومة الإميركية.

التفتت الشركة الى ميدان صناعة الكيماويات لاستخدامات زراعية "معدلة جينياً" بحيث صارت مسؤولة عن ٧٠٪ من بعض المحاصيل كالذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة.
نالت الشركة "براءة اختراع" تفرض على الفلاحين المتعاملين معها عدم الاحتفاظ بالبذور من سنة الى أُخرى، بحيث لا تنتج محاصيلها بذوراً يمكن إعادة زرعها!

تبيع الشركة بذوراً قابلة للتطاير بفعل الريح لمسافة ٨٠٠ كم خلال ٢٤ ساعة، بما يهدد كل فلاح يستمر بزراعة البذور التقليدية، وبما يهدد بالقضاء على البذور غير المعدلة جينياً لبعض المحاصيل.

في النتيجة؟ المحاصيل المعدّلة جينياً تغيّر تركيب الدّم، وتُضعف جهاز المناعة، وتؤدي الى أورام سرطانية.

بذور شركة مونسانتو تدمر التنوع الحيوي والبيولوجي، وتؤثر على نظام التوازن البيئي.

ما تستطيعه، قدر الإمكان، ان تأكل الخضروات في مواسمها؛ وان تتجنب النباتات اللابذرية .. لأن "نحن ما نأكل" كما يقول مثل أميركي لم يعد سارياً في أميركا والعالم.

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يتلاعبون بما نأكل يتلاعبون بما نأكل



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

إرهابى مُعادٍ للإسلام

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 21:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تشارك في موسم الرياض بـ مكسرة الدنيا

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab