إنها سورية أم أوكرانيا

إنها سورية أم أوكرانيا؟

إنها سورية أم أوكرانيا؟

 العرب اليوم -

إنها سورية أم أوكرانيا

وليد شقير

تستعد الأمم المتحدة لاستضافة أهم الاجتماعات الدولية التي قد تجعل من حدث الجمعية العمومية للدول الأعضاء فيها مناسبة مهمة هذه السنة، على غير عادتها في السنوات الماضية حيث كان الملل لا يلبث أن يتسلل إليها، فضلاً عن الرتابة التي تحكّمت بأعمالها بعد غياب القادة الكبار الذين شغلوا العالم في أواخر القرن الماضي.

قد يضفي العيد السبعون لتأسيس المنظمة الدولية بعض الأهمية على اجتماعاتها. كذلك إلقاء البابا فرنسيس خطاباً فيها، والإعلان المرتقب عن طموح برنامجها للتنمية المستدامة وإزالة الفقر، للعام 2030. وقد تشهد حدثاً رمزياً وعاطفياً للعرب ومؤيدي القضية الفلسطينية برفع علم فلسطين عند مدخل مبناها. إلا أن القضية الأهم التي تؤرّق الغرب وبعض الدول العربية والآسيوية هي مشكلة تدفّق اللاجئين إلى العديد من الدول، التي فاقمتها الحروب العربية وجعلت من النازحين السوريين الجسم الأكبر من هؤلاء اللاجئين، فيما تتخبّط دول أوروبا بخلافاتها في معالجتها.

وإذا كان استمرار الحرب السورية مصدر تضخم لمشكلة اللاجئين إلى أوروبا، فإن أبرز الاجتماعات التي يمكن أن ترفع من أهمية الجمعية العمومية هو لقاء رئيسي أميركا باراك أوباما وروسيا فلاديمير بوتين، بعد مجاهرة الكرملين بتسليح نوعي لنظام بشار الأسد وزيادة تواجده العسكري على الأرض السورية لحماية الخبراء ومواقعهم. فالتحرّك الروسي يساهم حتماً في إطالة أمد الأزمة في بلاد الشام ويضيف على أسباب التوتّر الدولي عنصراً جديداً لا يسهّل البحث في خفضه بسبب الأزمة في أوكرانيا والعقوبات الغربية الضاغطة بشدة على موسكو.

وثمة اعتقاد بأنه سواء حصل اللقاء أم لم يحصل، فإن ما يمكن التعويل عليه من تفاهمات بين الدولتين حول الأزمات الدولية المتعددة ليس كثيراً.

إلا أن حصول اللقاء يخفّف من وطأة الصراع المتصاعد بين الجانبين، لأن أياًّ منهما ليس في وارد التصادم المباشر، مكتفياً بالمواجهة بالواسطة التي يخوضها مع الآخر في العديد من الميادين من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط. وتبقى الحجّة الروسيّة لتصعيد موقفها في سورية، أي محاربة «داعش»، نقطة تقاطع مع واشنطن والدول الغربية. فنموّ التطرّف الإسلامي في الشرق الأوسط القريب جغرافياً من الاتحاد الروسي، واشتراك مسلمين روس مع «داعش» في الحرب القذرة، باتا يهددان بانتقال هؤلاء إلى الأراضي الروسية. وقلق موسكو الفعلي من هذا الاحتمال دفع بوتين إلى افتتاح المسجد الكبير في العاصمة الروسية بحضور رمزين إسلاميين لافتين لهما تأثيرهما في الرأي العام الإسلامي، هما الرئيسان الفلسطيني محمود عباس والتركي رجب طيب أردوغان.

لكن عباس وأردوغان وأوباما والأوروبيين يدركون جيداً أن ما يقوم به بوتين في سورية يتعدّى المصلحة المشتركة في مكافحة «داعش» والتطرّف الإسلامي، ويتجاوز ادّعاء الحرص على بقاء بشار الأسد في السلطة في أيّ حلٍ سياسي. فموسكو تمسك بالورقة السورية، من أجل تحقيق هدفين: الأول يتعلق بالاحتفاظ بنفوذها على المتوسط عبر القاعدة البحرية في طرطوس سواء بقي النظام السوري، أو تغيّر وتغيّرت معه سورية نفسها أو تقسّمت، فيحمي هو المنطقة الساحلية، والثاني هو اعتماد هذه الورقة للمقايضة في مواجهة الضغوط المتزايدة على موسكو بفعل الأزمة الأوكرانية. وإذا كان الغرب لا يمانع في تواجد روسي على المتوسط، فإن دوله لم تبدّل موقفها من ضمّ موسكو القرم في أوكرانيا وتدخّلها فيها، ومنعها الدول التي تدور في فلكها الجغرافي من الاستدارة نحو أوروبا الغربية.

يصعب توقع نتائج من أي اجتماع بين بوتين وأوباما حول التأزم الأخير في سورية، طالما المواقف متباعدة حول أوكرانيا. والدليل أن الزعيمين يتجهان إلى ما يشبه تنظيم الاختلاف بحجة تجنّب الصدام المباشر في بلاد الشام أو عبر التفاهم على محاربة «داعش»، من دون أي تقارب حول الحلول في سورية. إنه تنظيم للتدخّلات في بلاد الشام التي أصبحت مسرحاً دولياً وإقليمياً مشرّع الأبواب، وصولاً إلى اتفاق موسكو مع تل أبيب على التعاون لتجنّب «حوادث الطرق» في الأجواء السورية نتيجة تدخلات الطيران الإسرائيلي والآن الطيران الروسي المرتقب أن يزداد نشاطه.

أما قصّة السعي إلى حلول سياسية مع الإصرار على وجود الأسد في المرحلة الانتقالية، فإنه آخر هموم موسكو على رغم تأكيداتها العلنية في هذا الشأن. فتصعيد تدخّلها في سورية هو إلغاء للأسد نفسه الذي كانت تدّعي الاستناد إلى شعبيته لتبرير سياستها حيال المعارضة السورية، فإذا به يتحوّل إلى ببغاء يكرّر ما يصرّح به المسؤولون الروس.

ما زال الطريق طويلاً أمام أي تفاهم روسيّ - أميركيّ حول سورية، طالما الخلاف حول تقاسم أوروبا باقٍ. ولربما سيكون لقاء أوباما مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، إذا حصل، أكثر تشويقاً، حول أزمات غير سورية.

 

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها سورية أم أوكرانيا إنها سورية أم أوكرانيا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab