من غزة إلى سورية والموصل

من غزة إلى سورية والموصل

من غزة إلى سورية والموصل

 العرب اليوم -

من غزة إلى سورية والموصل

وليد شقير

أعادت حرب غزة الهمجية الى الأذهان مفارقات تتعلق بالنظام الدولي الذي يقوم، بين ما يقوم عليه، على شرعة حقوق الإنسان وحماية اللاجئين وحق تقرير المصير وكل فصول القانون الدولي، وهي مفارقات انكشفت قبل غزة في حرب العراق، ثم في الحرب الدائرة في سورية، ثم مجدداً نتيجة ما جرى في الموصل، ببروز تنظيم «داعش» وفتكه بالأقليات المسيحية والتركمانية والكردية، وحتى بالسنّة، الذين بدأوا حركة تمرد على التنظيم.
وإذا كانت مذبحة غزة أسطع البراهين على صمت المجتمع الدولي وانتقائيته، فإن آخر المفارقات كانت في اليوم نفسه لسقوط زهاء 170 شهيداً فلسطينياً، وارتفاع عدد الشهداء في غزة الى ما يناهز الـ1400، أول من أمس، حين فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا، تتناول بيع الأسلحة والنفط والقطاع المصرفي، بسبب تدخلها في أوكرانيا وحؤول الكرملين دون أن يقرر الأوكرانيون مصيرهم بأنفسهم. وفي اليوم نفسه عجزت واشنطن والدول المعنية كافة عن تحقيق هدنة إنسانية لساعات، لعل الغزّيين يتمكنون من التقاط الأنفاس، لدفن موتاهم، ونقل جرحاهم أو تعبئة بضع قوارير من المياه، أو تلقي شحنة من اللوازم الطبية أو بعض المواد الغذائية إذا تسربت من أحد المعابر، وتحديداً من معبر رفح. لم يلق الرفض الإسرائيلي لهذه الهدنة وإقران قواتها هذا الرفض بقصف المزيد من المدارس التابعة للأمم المتحدة... إلا احتجاجاً أميركياً خجولاً على هذا القصف الذي أودى بحياة أطفال ونساء. ولم يأت هذا الاحتجاج إلا لأن منظمة «أونروا» اتهمت إسرائيل مباشرة بتلك المجزرة.
لم يغيّر التحوّل الذي نشهده في الإعلام الأميركي وكشف بعضه المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين، من سياسة الإدارة أو يبدّل في سلوكها الذي انتهجته منذ أن وافقت على تعويض إسرائيل عن احتجاجاتها وتحفظاتها على انفتاح واشنطن على طهران، بإطلاق يدها في مواجهة الفلسطينيين، وفي إفشال مفاوضات السلام بمزيد من الاستيطان، وبمحاولة إلغاء الشريك المفاوض عبر الحملة العسكرية، بعدما وحّدت المصالحة بين «فتح» و «حماس» الموقف من التفاوض.
عند أبواب غزة تسقط ذريعة إدارة باراك أوباما انها تحتاج الى إجماع دولي وإلى الاستناد للقانون الدولي من أجل مواجهة العنف في أي مكان في العالم. هذه هي الحجة التي استخدمتها للامتناع عن التدخل في سورية لحماية المدنيين، بفعل الفيتو الروسي – الصيني. وحين يتوافر هذا الإجماع في الشأن الفلسطيني ترفضه، ما يسقط إمكان تحقيق هذه الحماية، وتستعيض عنها بعقوبات واهية ضد نظام بشار الأسد لا تمنعه من مواصلة الفتك بشعبه لاستيلاد حجة قتل حكام العرب من شعوبهم أكثر مما تفعله إسرائيل.
ينطبق الخبث الأميركي والغربي على ذاك الذي يمارسه الجانب الآخر من النظام الدولي الذي يتبادل أطرافه الخدمات بدماء العرب والفلسطينيين. تكتفي روسيا هي الأخرى بعبارات الإدانة الخجولة، والمتأخرة، للحرب الإسرائيلية على غزة. وإذا كان أوباما في واشنطن يعرقل أي إجراء لتأمين الحماية الدولية للفلسطينيين، لأنه يتجنب إغضاب اللوبي الإسرائيلي قبل أشهر من الانتخابات التشريعية الأميركية (في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل) ويتجاوز ما اعتبرته وزارة الخارجية إهانات إسرائيلية لوزير خارجيته، فما الذي يمنع موسكو من أن تفرض مع حلفائها عقوبات على إسرائيل، لتبرهن أن التزامها أمن إسرائيل لا يعني استباحة أمن الفلسطينيين وحياتهم ووجودهم إزاء حرب إبادة يتعرضون لها؟ وأين هي مجموعة «بريكس»، التي يتغنى أرباب محور الممانعة أنها تتجه الى ضمان توازن دولي جديد لا ينفع مجرد استدعاء بعض دول أميركا اللاتينية سفراءها في الدولة العبرية احتجاجاً على العدوان على غزة من أجل إرساء أسسه؟
عام 2012 و2013، شكّل «اكتشاف» مراكز الأبحاث المشاركة في صنع القرار الأميركي التهديد الذي يتعرض له المسيحيون في سورية، حجة إضافية لواشنطن لتبرير ترددها في دعم المعارضة ضد النظام، من باب حرصها على التأكد من ضمان أي نظام جديد حقوق الأقليات، على رغم تجاهل النزف الذي تعرض له الوجود المسيحي في القدس الى ما يشبه هجرة المسيحيين الكاملة منها، هذا فضلاً عن تجاهل ما تعرض له هؤلاء في العراق إبان الاحتلال الأميركي، وحين طرد «داعش» ما تبقى منهم من الموصل اكتفى مجلس الأمن بإصدار بيان إدانة، من دون أي إجراء لضمان مناطق آمنة لحماية دولية لهؤلاء.
المفارقات في سلوك المجتمع الدولي إزاء الحماية الدولية للضعفاء لا تدل إلا على رياء الدول الكبرى، وهشاشة النظام الدولي الجديد القائم على الصفقات التي يذهب هؤلاء ضحايا لها.

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من غزة إلى سورية والموصل من غزة إلى سورية والموصل



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab