الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج»

الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج»

الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج»

 العرب اليوم -

الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج»

بقلم : وليد شقير

يرزح لبنان، حتى بعد انتخاب الرئيس ميشال عون الذي اعتبرته طهران و «حزب الله» ونظام بشار الأسد «انتصاراً لمحور المقاومة وكل من ينضوي تحت لوائه»، تحت ضغط الصراع الإقليمي، على رغم «الابتهاج» اللبناني بأن الرئاسة «صنعت في لبنان» نتيجة تحالف الفريقين المسيحيين الأقوى، «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، ثم جرأة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في اعتماد هذا الخيار، من أجل إنهاء الشغور الرئاسي لتفادي سقوط لبنان فريسة أزمة بنيوية على الصعد كافة.

نشأ الانطباع حول «لبنانية» القرار في شأن الرئاسة من أن التسوية التي أنتجته فصلت معالجة التأزم الداخلي عن صراعات المنطقة، لكن العقبات التي تواجه الحريري في تشكيل الحكومة جاءت لتعاكس هذا «الابتهاج» بقدرة اللبنانيين على تجنب رهن انتظام عمل مؤسساتهم الدستورية بما يدور حولهم من تجاذب إقليمي. فالافتراض أنه بات ممكناً تحقيق قدر من عزل لبنان عن المسرح الإقليمي هو بحد ذاته انحياز إلى «محور آخر» غير محور المقاومة الممتد من طهران إلى بغداد، مروراً بصنعاء ودمشق وصولاً إلى بيروت. والاستماع إلى الموفد الملكي السعودي أمير منطقة مكة والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد الفيصل، خلال زيارته بيروت الإثنين الماضي، يقول إن «السعوديين لهم أمنية واحدة يودون أن أنقلها لكم هي أننا لا نريد لبنان ساحة خلاف عربي، بل ملتقى وفاق عربي»، كاف وحده للاستنتاج أن هناك محوراً يريد ابتعاد لبنان عن الصراعات، فيما المحور الآخر مصرّ على استخدامه منصة للانتقال إلى المسرح الإقليمي. وإذا أضيف إلى ما قاله المسؤول السعودي، تصريح وزير الخارجية القطري أول من أمس «بتفهم وضع لبنان الجغرافي الذي يضعه في مركز الأزمات في العالم العربي، ونثمنّ سياسة النأي بالنفس في مثل هذه القضايا»، فإن هذا يعكس رغبة الجانب الخليجي بألا يكون لبنان جزءاً، حتى من «محوره».

هنا المفارقة بالكامل. هناك محور يريد إعفاء لبنان من عضويته، وآخر يصعب عليه تصور البلد خارج منظومة التحالفات التي صاغها على مدى العقود الماضية وأقحمه فيها وأجبر مؤسساته على التكيف معها وأخضع المشهد السياسي الداخلي لمقتضياتها. فقبل الإقبال الخليجي على بيروت لتهنئة الرئيس عون ودعوته إلى زيارة الرياض والدوحة، تراكض موفدو المحور الآخر (الأسد وإيران و «حزب الله»)، ليكونوا أول مهنئي الرئيس الجديد، وليسبقوا الجانب السعودي. بل أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اقترح أن يحضر جلسة انتخابه، لولا أن رئيس البرلمان نبيه بري نصح بالتريث، وعدم الإقدام على خطوة فاقعة.

سبق لـ «حزب الله» أن عاب على شركائه اللبنانيين قصر نظرهم حين طالبوه بالنأي بنفسه عن حروب المنطقة، فاعتبر أمينه العام السيد حسن نصرالله أن عليهم أن يشاركوه انخراطه فيها لأنها «ستقرر مصير» دولها ومنها لبنان.

هذه المفارقة هي التي تتحكم بما بعد انتخاب عون وبتشكيل الحكومة الجديدة. فمحور «المقاومة» قلق مما سماه إعلامه «انتزاع» عون منه لمصلحة السعودية، التي لا تريده لا في محورها ولا في المحور الخصم. فالحيادية بالنسبة إلى «الممانعة» التي تعد نفسها بالانتصارات في سورية واليمن وغيرها، تعني الخصومة معها، وتعني أن تأخذ اللعبة السياسية الداخلية مداها، بقدر من الاستقلالية عن مجريات الإقليم. وتعني أن تشكيل الحكومة يجب أن يأخذ في الاعتبار الموازين المحلية من دون أن تثقل عليها الموازين الإقليمية. وتعني أيضاً أن يسترجع لبنان علاقاته الطبيعية مع محيطه العربي والخليجي الذي يشكل مداه الحيوي لحفظ قدر من الاستقرار السياسي والاقتصادي.

الخصومة مع الحيادية بالنسبة إلى «الممانعين»، توجب توجيه الرسائل إلى الرئيس الجديد الراغب في إحداث فرق في حياة اللبنانيين المضطربة، تارة عبر عرض عسكري في القصير، وأخرى عن طريق عرض «رياضي-عسكري» في الجبل. وإذا كانت الحيادية تعني العودة السعودية والخليجية إلى البلد، وجب إبلاغ من يلزم أن تشكيل الحريري الحكومة لن يتم بوجود الموفدين في بيروت، وأن دعم «حزب الله» للعهد يقف عند عتبة إيصال عون إلى الرئاسة لأنه من عطلها لمصلحته، ولا يشمل القبول بإقباله على العلاقة الطبيعية مع السعودية، وعلى تمثيل القوى التي تحالف معها لانتخابه. الرسائل تستبق قرارات حتمية، ستخضع للتنازع، بعد ولادة الحكومة، وتشمل تعيينات أمنية بدأ التحضير لها.

يرمز الحضور الخليجي بالتزامن مع عيد الاستقلال إلى الكثير، في وقت يقول رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد باقري أن «فكرة الباسيج (قوات التعبئة) في العالم الإسلامي، التي تستلهم باسيج إيران، (تجربة «حزب الله»)، ممكنة».

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج» الحكومة اللبنانية بين الحياد و «الباسيج»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab