تقلب الوقائع السورية مجدداً

تقلب الوقائع السورية مجدداً

تقلب الوقائع السورية مجدداً

 العرب اليوم -

تقلب الوقائع السورية مجدداً

بقلم : وليد شقير

تقلبات المعادلة التي تتحكم بمصير سورية أخذت وتيرة متسارعة هذا الأسبوع، عبر وقائع كثيرة تزاحمت في الميدان العسكري، فالحرب السورية عوّدتنا في كل مرة ترسو الأمور على معادلة معينة خلال السنوات الماضية، على المفاجآت التي تعود فتقلب ما سبقها من أحداث بدت وكأنها ثوابت... وهكذا دواليك منذ عام 2011.

لا تلبث الوقائع تنبئ بأن النظام السوري إلى سقوط حتى يحصل ما يشير إلى ثباته، ولا تلبث التطورات العسكرية ترجح الحل السياسي حتى يتعثر هذا الحل، لأنه يقوم على نظرة أحادية الجانب، فتعود إلى الاشتعال جبهات جديدة وأخرى قديمة قيل إنها أُخمدت، فيخيب ظن من سيطر عليها من فرقاء الصراع.

القاعدة الوحيدة الصالحة للحكم على هذه الحرب المدمرة هي أنها مستمرة، وأن مصير النظام السوري برئاسة بشار الأسد يبقى مطروحاً على الطاولة ولو راجت في كل مرحلة مقولة أن الأسد باقٍ وردد ذلك حتى قادة دول غربية تفضل رحيله. بقاء الأسد يعني استمرار هذه الحرب، لأنه يستحيل تصور حل سياسي باستمراره. وهو نفسه أرسى هذه المعادلة، لأنه لم يتوقف عن تكرار، في كل مرة يحقق الروس والإيرانيون انتصاراً على المعارضة (ثم ينسبونه إلى «الجيش العربي السوري»)، أنه مصمم على استعادة كل الأراضي السورية من معارضيه، الذين يصفهم -معتدلين وتكفيريين- بالإرهابيين، على رغم جلوسه معهم للتفاوض في جنيف، فهو يدرك أن الحل السياسي يعني بالتعريف رسم مسار إنهاء حكم العائلة التي دمرت سورية وقتلت مئات الآلاف وشردت الملايين... فأي معارض سيقبل أمام المأساة بقاء الأسد في إطار الحل الذي يدعو ستيفان دي ميستورا إلى التفاوض عليه؟ وأكثر ما يخشاه أن تتقدم الدول والقوى التي تحارب «داعش» والإرهاب نحو هدفها، لأن هذا يقرّب طرح رحيله، بعد أن ربط مبرر بقائه بشعار إنهاء الإرهاب الذي ساهم هو في انتشاره وإطالة بقائه في بلاد الشام لتسويغ استمراره في السلطة، حين خيّر العالم: أنا أو «داعش».

الوقائع الجديدة (المرشحة لأن تعدَّل فيها وقائع لاحقة) تبدأ بما شهدته ضواحي دمشق من تقدم للمعارضة. ومع أن تهديد دمشق من المعارضة مجدداً يحرص القائمون به على حصره بهدف فك الحصار وتخفيف الضغط العسكري المستمر (الذي تغاضت عنه روسيا راعية وقف النار) من قوات النظام و «حزب الله» والميليشيات الإيرانية عن جوبر والغوطة الشرقية، فإن تمكُّنَ الفصائل المسلحة من إحداث تقدم في ريف حماة، و «الجيش الحر» من طرد «داعش» من غرب القلمون، أعطى هذا التطور بعداً آخر كسر «الحرم الدولي» حول استهداف العاصمة. ولا تتوقف هذه الوقائع عند تزاحم الدول الكبرى على تنفيذ الإنزالات لجيوشها، في مناطق السيطرة الكردية في الشمال السوري التي باتت موزعة بين أعلام تركيا في مدينة الباب وأميركا في منبج والحسكة، وروسيا في عفرين على آليات كل منها ومدرعاتها، في سياق التنافس على تحرير الرقة من «داعش»، باعتباره الخطوة الحاسمة على طريق القضاء على التنظيم، بعد أن تنجح عملية طرده من الموصل. فالاتجاه الأميركي نحو التسليم بأرجحية نفوذ روسيا في سورية، لم يكن يعني حتى أثناء ولاية باراك أوباما، إبعاد واشنطن بالكامل أو التسليم لفلاديمير بوتين باستخدام ورقة الدور الإيراني في بلاد الشام والإقليم، في لعبة التقاسم الدولي، ولا قبولها أن يأتيها القيصر إلى التفاوض متأبطاً ذراعي رجب طيب أردوغان والسيد علي خامنئي معاً.

من الوقائع أيضاً أن التحالف الدولي للقضاء على «داعش» والإرهاب لا يضم طهران، وتقوده واشنطن، التي أكدت أول من أمس دور السعودية والإمارات ومصر في الحرب على التنظيم، ونية إقامة «المناطق المستقرة» لإعادة النازحين.

من الوقائع الجديدة أن طهران تتهيأ للدفاع ضد سعي إدارة دونالد ترامب إلى وقف تدخلاتها الإقليمية في سورية واليمن والعراق والبحرين... عبر تصعيد انخراطها في الصراع في هذه الدول، بتسخير مزيد من الإمكانات العسكرية والمالية التي تستنزف اقتصادها الذي يتهم المرشد الأعلى علي خامنئي الرئيس حسن روحاني بالتقصير في معالجته. وتدفع طهران «حزبَ الله» إلى الساحات، ولا سيما سورية، بعد استراحة لمقاتلي الحزب إثر معارك حلب وغيرها التي كبدته الكثير من الخسائر.

لكل هذا أثره على القمة العربية في البحر الميت خلال أيام، بعد سلسلة خطوات لترتيب ما يمكن ترتيبه في البيت العربي، وبعد مبادرة المملكة العربية السعودية إلى حشد التأييد الدولي لمواجهة تدخلات إيران.

الواقعة الثابتة هي أن الشعب السوري سيبقى الضحية.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقلب الوقائع السورية مجدداً تقلب الوقائع السورية مجدداً



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab