روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

 العرب اليوم -

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

بقلم : وليد شقير

تواجه موسكو الارتباك الذي وقعت فيه بسبب خطوات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة لها، بسياسات متناقضة في الميدان السوري. فهي تارة تقصف المستشفيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة لإخراجها من الخدمة كما يحصل هذه المرة في ريفي إدلب ودير الزور، لتمهد الطريق لاكتساب النظام مناطق جديدة قبيل معركة الرقة لإخراج «داعش» منها التي ينوي الأميركيون خوضها من دون التعاون مع الروس. وتغض موسكو النظر عن عمليات القصف الإسرائيلي لمستودعات «حزب الله»، كما حصل بالأمس في محيط مطار دمشق ولا يصدر عنها أي تعليق.

فهم الكرملين أن تراخي باراك أوباما السابق معه لم يعد القاعدة للتعامل مع واشنطن، وأنه على رغم الغموض المقصود الذي يعتمده ترامب في بلاد الشام والمنطقة، فإن الثابت لدى القيادة الروسية أن البيت الأبيض يعتمد سياسة القضم برفع عديد قواته على الأرض فيها وفي العراق من دون أن يعلن ذلك. هذا ما يحصل في الشمال السوري عبر توسيع قاعدة الرميلان بحجة تدريب قوات «سورية الديموقراطية» ودعمها، وفي الجنوب عبر التهيؤ لمساندة الجيش الأردني للدخول في عملية واسعة داخل الأراضي السورية وصولاً إلى ما بعد درعا بالتعاون مع وحدات لـ «الجيش السوري الحر». وهو السيناريو الذي بات على كل شفة ولسان منذ 3 أشهر لأن عمّان كانت واضحة في اتفاقها مع واشنطن على عدم سماحها بنشوء قاعدة في جنوب سورية، أي على حدودها، لـ «داعش» من جهة، وللميليشيات الإيرانية من جهة ثانية. تراقب موسكو تواجد المزيد من القوات الأميركية في الأراضي السورية وتستنتج منه أن واشنطن لن تفاوضها على أوضاع المنطقة إلا بعد أن تعزز وجودها أو على الأقل أن تعيد التوازن المفقود، خصوصاً أنه يتزامن مع تعزيز هذا الوجود، إضافة إلى الأردن، في العراق، خصوصاً في المناطق الحدودية مع سورية، انطلاقاً من معركة تحرير الموصل.

ثمة من يعتقد أن الجانب الأميركي يعمل على اكتساب النفوذ في مناطق «سورية الغنية» بالنفط والغاز، مقابل تمكن الجانب الروسي من اكتساب اليد العليا في «سورية المفيدة».

بدا الارتباك الروسي واضحاً قبل يومين أيضاً خلال استقبال سيرغي لافروف نظيره السعودي عادل الجبير، الآتي من توافق مع الولايات المتحدة على مواجهة نفوذ إيران و «رعايتها الإرهاب» في المنطقة. فمع تأكيد الأخير أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سورية، بخلاف الموقف الروسي، اضطر الكرملين لترداد اللازمة الدفاعية عن موقفه المساند للأخير، بأن فلاديمير بوتين «ليس محامياً عن الأسد».

في انتظار جاهزية ترامب للتفاوض، على قاعدة تجنب الجبارين الاصطدام بينهما، يسعى الدب الروسي إلى الاحتفاظ بعلاقاته مع القوى الإقليمية: يساير تركيا في قصفها المناطق الكردية حتى لا تستغني عن العلاقة معه لمصلحة عودة الحرارة إلى صلاتها مع واشنطن بمجيء ترامب خلافاً لما كان الأمر مع أوباما، يتفهم مصالح الأردن، ينسجم مع حاجة إسرائيل إلى منع إيران و «حزب الله» من تثبيت قواعدهما على حدودها، ويعتمد الليونة مع الرياض ويسلّفها عدم معاكسة توجهاتها في اليمن ويقف مع الشرعية فيه ضد إقامة الحوثيين دولة ضمن الدولة، وينسج العلاقة الواعدة بالاستثمارات مع قطر والإمارات، بعدما ساهمت دول الخليج في مراعاة مصالح روسيا بتحديد سقف خفض الإنتاج النفطي...

ومع أن موسكو ليست في وارد مراعاة مطلب ترامب بخروج إيران و «حزب الله» من سورية، بدليل اعتبار لافروف أن وجودهما مثل وجود قواتها، بطلب من الحكومة السورية، قبل أن يحين وقت التفاوض مع الأميركيين، لم يعد المسؤولون الروس يخفون تبرمهم أمام أكثر من زائر، من أن الميليشيات التابعة لإيران (العراقية والأفغانية والباكستانية...) والقوات الأسدية، لا تحسن الدفاع عن مناطق تحظى المعارضة بدعم خارجي لإحداث تقدم فيها، وتفشل في الاحتفاظ بالمناطق التي كان الطيران الروسي ساعد في انتزاعها من المعارضة. هذا على رغم تقويم موسكو أن «حزب الله» هو التشكيل العسكري الأكثر فعالية، وإدراكها أن قواته غير قادرة على الانتشار في مناطق عدة في آن واحد. وهو ما يضطرها إلى القصف الجوي الوحشي، بدل المغامرة بإنزال قوات على الأرض الذي اختبرته بضع مرات وتسبب بخسائر بشرية، ولا يبدو أن وزارة الدفاع الروسية تحبذه. فالتساؤل حول مدى الجدوى من استمرار التدخل العسكري المكلف أخذ يزداد في موسكو، في وقت يسلم الجميع لها بموقعها على المساحة السورية. فهي تضغط على طهران كي تسهل الحل السياسي، وتغريها بموقع تفاوضي في آستانة، لكن الأخيرة تساهم في عرقلته.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب روسيا المرتبكة تنتظر ترامب



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab