توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية

توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية

توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية

 العرب اليوم -

توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية

وليد شقير

تعيب طهران وحلفاؤها على المملكة العربية السعودية، ان إعلانها الاستعداد لإرسال قوات برية لمحاربة «داعش» في سورية، في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وتعتبر أن هدف الإعلان السعودي أن «يكون لها موطئ قدم في سورية»، كما قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه قبل 4 أيام.

لا حرج لدى القيادة الإيرانية في أن تهدد الرياض رداً على مبادرتها هذه آخذة عليها السعي الى دور في بلاد الشام، سواء في قتال «داعش»، أم في الحل السياسي للأزمة السورية، فيما هي، الجهة غير العربية، تصادر حق التدخل وتصعيد الحرب وانتهاك سيادة دول عربية والسعي الى قلب موازين قوى داخلية وتنصيب أتباع وتقويض مقومات الدولة ومؤسساتها في هذه الدول، تحت شعار «المقاومة»، وبحجة محاربة الإرهاب. ولا حرج أيضاً لدى طهران في ادعائها محاربة «داعش»، فيما المعارك التي تخوضها، وفق مواقفها المعلنة، تهدف الى حماية بشار الأسد من السقوط أمام الفصائل المعارضة المسلحة المتحاربة هي الأخرى مع «داعش»، من ريف دمشق ومحيطها، الى درعا جنوباً وريف حلب شمالاً، تاركة مع الميليشيات التي استقدمتها، مناطق سيطرة «داعش» لحالها حيث يعبث التنظيم المتوحش بحياة السوريين مثلما تفعل هذه الميليشيات في سائر المناطق التي تدخلت فيها. تحت ستار احتكار محاربة مزعومة لـ «داعش»، يكمل التدخل الإيراني مصادرة قرار الشعب السوري بالانعتاق من نظام مستبد، تحكّم برقابه لعقود، ويساهم في تحويل الصراع الدائر الى حرب أهلية طاحنة تدمّر الدولة والنسيج الاجتماعي والديموغرافي لمصلحة دور طهران الإقليمي. فالنفوذ الذي يتغنى به الرئيس الإيراني حسن روحاني حين قال أثناء جولته الأوروبية الأخيرة إن «أميركا لا تستطيع تسوية أي مشكلة في المنطقة من دون نفوذ إيران أو كلمتها»، بلغ حد مصادرة قرار النظام السوري نفسه، هو هذا «النفوذ» الذي استدعى التدخل الروسي الصيف الماضي بالنيابة عن بشار الأسد، حين كادت المعارضة (غير الداعشية) تسيطر على مناطق عدة تزيل ورقة التين التي تتستر بها طهران للإبقاء على وجودها المباشر في بلاد الشام. وهو النفوذ نفسه الذي صعّد الكراهية بين السوريين ورفع درجة الاستنفار المذهبي، وأدى الى المزيد من الدمار والتهجير وقتل المدنيين بلا رحمة، بمساعدة فلاديمير بوتين. أليس هذا النفوذ، هو الذي صنع «داعش» في العراق واستقدمها الى سورية فبات عنوان مقاتلتها غطاء للفتك بالشعب السوري؟

تزداد طهران وحلفاؤها توتراً كلما فاجأتها السياسة السعودية الجديدة بالانخراط في الصراع على النفوذ والأدوار في المنطقة، بخطوات أو مبادرات جديدة. هكذا ارتفعت لهجة التهديدات للرياض من الجانب الإيراني إثر القرار السعودي مواجهة ذراعهما الحوثية في اليمن، بعدما كان السيد نصرالله وجه انتقادات شديدة للخليجيين، وبعدما عاب عليهم أنهم هم الذين «تركوا الساحة فملأت إيران الفراغ»... فالجموح الإيراني ما زال يتكل على مرحلة العقود السابقة من الانكفاء العربي حيال سعي طهران إلى الامتداد في الإقليم. وأصحاب الجموح هذا قامت حساباتهم على هذا الانكفاء، وما زالوا يرفضون التسليم بتحوله الى انخراط فعلي واستعداد لدفع أثمان المشاركة في الحروب والقتال مع ما تتطلبه من تضحيات بدل الاستغراق في حال الرخاء وتفادي الانغماس في التحديات.

الذروة الجديدة للتوتر الإيراني مع الاستعداد السعودي للمشاركة في قوات على الأرض لمحاربة «داعش»، مع أنها مشروطة بموافقة التحالف الدولي، وأمامها صعوبات يقع على عاتق الرياض تذليلها بالاشتراك مع واشنطن وتركيا، تعود الى تصدّر الدولة «السنية» الأبرز محاربة التطرف السنّي الذي أخذ يمس الاستقرار داخل المملكة. وهو تطور يأتي في سياق الاستعاضة عن التلكؤ الأميركي في خوض غمار هذه الحرب على الأرض، ويسقط حجة واشنطن بأن على الدول السنية أن تأخذ دورها في هذه الحرب. ولم يجد السيد نصرالله للتعمية على هذا التطور الجوهري، سوى السعي الى لصق تهمة «قبول الصداقة مع إسرائيل» ببعض السنة، لمجرد أن مسؤولاً إسرائيلياً سابقاً تحدث عن آماله في هذا المجال.

حققت طهران طموحات وتقدماً على الأرض في سورية، في الآونة الأخيرة لكنها في كل مرة تعمل على قطف ثمارها السياسية تجد ما يعاكس النفوذ الذي تحدث عنه روحاني، وما بشر به نصرالله من «انتصارات» قريبة في اليمن وسورية (منذ 2011) وكل مكان، من دون نتيجة. وهو لذلك يتوعد بأنه سيستمر في الحروب «في العقود الآتية وحتى القرون الآتية»، كما قال، «لتحقيق الانتصارات».

arabstoday

GMT 02:20 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

‏حصاد عام من الإنجازات في مجال التراث

GMT 02:08 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

«إكسبو 2030»... انتصارات ديناميكية للدبلوماسية السعودية

GMT 01:29 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المرأة في مجتمعاتنا: لا حل غير التمكين

GMT 13:51 2023 الجمعة ,18 آب / أغسطس

غثاثة القول عند السّيد حسن!

GMT 18:13 2023 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

سياسات مختلفة لعالم مختلف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية توتر إيران إزاء أي مبادرة عربية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab