توظيف فوز نتانياهو أميركياً

توظيف فوز نتانياهو أميركياً

توظيف فوز نتانياهو أميركياً

 العرب اليوم -

توظيف فوز نتانياهو أميركياً

وليد شقير

قد لا يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من إعاقة التفاوض الأميركي - الإيراني حول الملف النووي كما قالت الخارجية الأميركية، بعد فوز زعيم «ليكود» بغالبية تمكنه من ترؤس الحكومة المقبلة بالاتفاق مع اليمين الأشد تطرفاً ومع المتدينين، لكن من المؤكد أنه سيعيق أي إمكانية لإحياء التفاوض حول قيام الدولة الفلسطينية، التي عادت إدارة باراك أوباما إلى إطلاق الوعود الواهمة حول نيتها تحريكها مجدداً.

فاستلحاق نتانياهو الناخبين في الساعات الـ48 التي سبقت الاقتراع في إسرائيل جاء على القاعدة العنصرية ولغة التطرف والتشدد ضد الفلسطينيين، حين أطلق تعهده بأنه إذا عاد إلى قيادة الحكومة لن يسمح بقيام دولة فلسطينية. هذه العبارة، كما يرجح معظم المعلقين والخبراء في الوضع الإسرائيلي الداخلي، هي التي استنهضت الناخبين في الساعات الأخيرة من يوم الثلثاء الماضي ودفعت إلى رفع نسبة التصويت لمصلحته.

وإذ يثبت ذلك أن التشدد الإسرائيلي هو محرك اختيار الإسرائيليين لقيادتهم، لا الهموم المعيشية الاقتصادية، على أهميتها ولا مغامرة نتانياهو بتصعيد الخلاف مع الولايات المتحدة التي كان معلقون توقعوا أن تساهم في تناقص شعبيته، فإن النتائج تعيد تسليط الضوء مرة أخرى على مدى قابلية واشنطن للذهاب في خلافها مع القيادة الإسرائيلية إلى حد ممارسة الضغوط عليها لأجل قيام الدولة الفلسطينية. سبق لجورج دبليو بوش أن وعد بقيام الدولة عام 2007 بعد إطلاقه حل الدولتين عام 2005، وسبق لأوباما أن وعد بقيام الدولة عام 2010 في خطابه أمام الأمم المتحدة عام 2009. لكن جلّ ما فعله أنه ضرب الرقم القياسي في تقديم المساعدات العسكرية والأمنية لإسرائيل بين الرؤساء الأميركيين، ما أطلق يدها في القيام بحربين على غزة خلال عهده.

وفي وقت شكّل توحد النواب العرب وأصوات الفلسطينيين في أراضي 1948، نجاحاً تاريخياً لتحولهم الكتلة الثالثة من حيث الحجم، فإن تحريض نتانياهو على حجم التصويت العربي كان جزءاً من استنهاضه لجمهور الناخبين، ما يعني أن نتانياهو سيمعن خلال ولايته المقبلة في سياسة الفصل العنصري وإلغاء الشريك في التفاوض، مقابل الخيار الذي لا بد من أن تواصله السلطة الفلسطينية في سعيها لحشد الدعم الدولي لتدويل قضيتها، ولمقابلة إمعان نتانياهو بالاستيطان والحصار وإلغاء الهوية العربية في القدس وغيرها، بوقف التنسيق الأمني، وبمزيد من الإجراءات الاستقلالية عن الاحتلال.

وكما في كل مرة يشهد فيها الوضع الإقليمي تحولات مهمة، تكون جائزة الترضية لإسرائيل. فإزاء الخلاف بين أوباما ونتانياهو على التفاوض مع إيران، ليس مستبعداً أن يميل الأول إلى ترك الثاني يخوض حرباً أخرى ضد الفلسطينيين، بذريعة إرضاء معارضي اتفاقه مع إيران، لأنه لا يضمن أمن الدولة العبرية. وليس مستبعداً أن يكون غطاء الإدارة الأميركية لغض نظرها عن حرب كهذه، ما يقال عن تحضيرها، بعد أشهر وربما قبيل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي، لدعم قرار عن مجلس الأمن يعلن الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، على أن يكون مشروطاً بنجاح المفاوضات بين السلطة وتل أبيب، على أن يترك للأخيرة عرقلة هذه المفاوضات وبالتالي استحالة قيام هذه الدولة وتحوّل القرار حبراً على ورق. فما يهم إدارة أوباما هو إرضاء الرأي العام الأميركي الذي ما زالت أكثريته ضد تورط أميركا مجدداً في أي حرب. وهذه الثابتة هي محرّك السياسة الأميركية، في مواجهة الأزمة السورية، وفي التعاطي مع الانفلاش الإيراني العسكري في غير دولة عربية، وفي المفاوضات على النووي، وفي التصدي لتوسع «داعش» والإرهاب في المنطقة. وهي السياسة التي قادت عملياً إلى انتشار الحروب الداخلية التي تشهدها المنطقة وتوسعها.

وإذا كان غموض مواقف واشنطن من تلك الأزمات شكّل مظلة لإضعاف القوى الإقليمية الصاعدة، مع الانكفاء الأميركي، لماذا لا ينطبق الأمر على فوز نتانياهو الجديد كمقدمة لحرب جديدة، طالما أن تفوق إسرائيل مضمون عبر الحلف المقدّس مع واشنطن؟

 

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توظيف فوز نتانياهو أميركياً توظيف فوز نتانياهو أميركياً



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab