«سورنة» في العراق لا «عرقنة» في لبنان

«سورنة» في العراق... لا «عرقنة» في لبنان

«سورنة» في العراق... لا «عرقنة» في لبنان

 العرب اليوم -

«سورنة» في العراق لا «عرقنة» في لبنان

وليد شقير

كان يمكن لمحاولات إغراق لبنان بالتفجيرات الانتحارية، أن تقود الى التشبيه السهل، بأن ما يجري هو محاولة لـ «عرقنة» لبنان. وهو تشبيه يعود الى التماثل بين التفجيرات التي حصلت في لبنان، وبين تلك التي يشهد العراق موجات منها، منذ سنوات.
إلا أن ما بات يشهده العراق، منذ احتلال تنظيم «داعش» أجزاء من شماله، وتزامن تحركه مع انتفاضة القوى السياسية السنّية والعشائر على حكم نوري المالكي الإقصائي والمتفرد، والمذهبي، بات مختلفاً. فالذي يجري في العراق أقرب الى «السورنة»، تشبهاً بما يحصل في سورية من حرب أهلية، مذهبية، تختلط فيها انتفاضة غالبية المجتمع مع صعود تنظيمات أصولية متطرفة مثل «داعش»، مع وضع سياسي معقد يتلاقى فيه سياسيون سنّة مع قادة من الطائفة الشيعية في السعي الى تغيير المالكي، بالتزامن مع التسليم بوجوب القيام بإصلاحات سياسية تعيد للقوى السنّية موقعها في العملية السياسية العراقية.
ولأن ما تعانيه بلاد الشام من تقتيل وتشريد وتدمير وتغييرات ديموغرافية وتدمير مبرمج لمعالمها، يتم بإدارة إيرانية مباشرة، أذكت الحرب المذهبية، فإن غلبة النفوذ الإيراني في بغداد تسمح بتوصيف المرحلة التي يقبل عليها العراق بـ «السورنة».
فمثلما دعمت طهران رفض نظام بشار الأسد الحل السياسي منذ البداية وأمدته بوسائل الحل العسكري لتثبيت أقدامه، وللاحتفاظ بأوراقها الإقليمية، غير آبهة لا هي ولا موسكو، بتعميق الأحقاد المذهبية التي تولدها الوسائل الوحشية للنظام في الدفاع عن نفسه، فإن القيادة الإيرانية ما زالت ترفض (حتى ما قبل أيام قليلة)، حلاً سياسياً في العراق، يسحب البساط من تحت أقدام «داعش» ويحقق مطالب القوى السياسية السنّية بالمشاركة الحقيقية في الحكم بدلاً من تهميشها.
فالمعطيات عن المفاوضات بين الدول الغربية، ومعها دول عربية وخليجية، وبين القيادة الإيرانية، فشلت في إقناع الأخيرة بتبني حل سياسي يعيد النظر بالأسلوب القمعي الذي اعتمده المالكي مع مطالب قيادات سنّية منذ أكثر من سنة، ويسمح بضم هذه القيادات الى حكومة وحدة وطنية إنقاذية تساهم في التخلص من سيطرة «داعش» وأمثاله على المناطق التي بات يتحكم بها. وقضى مشروع الحل بتوزيع الإصلاحات التي تتيح مشاركة فاعلة للقوى السنّية، على مراحل تمتد على 3 سنوات. ولرئيس الوزراء العراقي السابق أياد علاوي مشروع في هذا الصدد... إلا أن رفض طهران يعود الى اعتقادها أن التخلي عن المالكي الآن، على رغم تأييد قيادات شيعية مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم لتنحيه، يضعف موقعها التفاوضي، وإلى اقتناعها أن «سورنة» العراق قد تؤتي ثمارها أسرع مما هو حاصل في سورية، لأن السنّة في الأخيرة أكثرية واضحة بينما هم أقلية في العراق، وأن عنوان الإرهاب يسمح باستدراج الدول الغربية، لا سيما أميركا الى المساعدة في محاربة التمرد تحت عنوان صد «داعش»، وأن القوات العراقية، بالتعاون مع الميليشيات الشيعية، قادرة على وضع حد لـ «داعش» والتمرّد السنّي، خلال أشهر قليلة، هذا فضلاً عن أن حصر «داعش» في مناطق سنّية سيجعله في نزاع مع سنّة هذه المناطق كما هو حاصل في سورية (الرقة ودير الزور وبعض الشمال)... فيضعف ذلك قادة التمرد على نفوذ طهران في بغداد، الى أن يحين وقت التفاوض على سلطة سياسية جديدة يرسم معالمها المشهد الإقليمي في ضوء التفاوض الجاري مع الغرب.
ولا تمانع طهران في هذا الخضم أن يشهد العراق تقسيماً موقتاً أو حتى اتجاه الأكراد الى اغتنام الفرصة للاستقلال بدولتهم. وهي سعت الى رفع مستوى المحادثات الثنائية التي جرت قبل أسبوعين بينها وبين بعض دول 5+1، لا سيما فرنسا، لعلها تنجح في تحقيق تفاهمات على الإقليم. وطلبت التدخل الأميركي ضد «داعش»، فترددت واشنطن واكتفت بإرسال الخبراء، لأن زعماء أوروبيين ذكروها بأن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (وزعماء آخرين) سبق أن حذروها من دخول العراق عام 2003، وبأنهم يكررون التحذير الآن، لأن «ترددها في مواجهة جموح طهران ونظام الأسد في سورية» كان وراء انتقال بعض مظاهر ما يجري فيها الى العراق، وأن وضع حد لما تشهده بلاد الرافدين يجب أن يبدأ بوقف التراخي مع نظام دمشق...
حظوظ «السورنة» تزداد في بغداد. أما حظوظ «العرقنة» في لبنان فمنخفضة، نظراً الى التلاقي غير المباشر في مصالح طهران والغرب والدول العربية على حد أدنى من تحييده، وإلى انتباه أجهزته الأمنية وقياداته السياسية، الى المخاطر الكامنة، حتى الآن.

 

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سورنة» في العراق لا «عرقنة» في لبنان «سورنة» في العراق لا «عرقنة» في لبنان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab