لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة

لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة؟

لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة؟

 العرب اليوم -

لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة

حسن نافعة

لكل نظام حاكم «حاسة سياسية» يسهم فى تكوينها عنصران أساسيان: ملكات الحاكم الذهنية، والكفاءة الفنية للأجهزة المعاونة له. وإذا كانت مهمة الأجهزة المعاونة هى مد الحاكم بمعلومات دقيقة عن تطور الأوضاع على الأرض فى مختلف المجالات واقتراح بدائل لسياسات يتعين الاختيار من بينها للتعامل مع الأوضاع المتغيرة، فإن الملكات الذهنية للحاكم هى التى ترشده إلى نوعية الخيارات الأفضل من وجهة نظره، وتحول السياسات المقترحة إلى قرارات واجبة التنفيذ. ولأن الدكتور مرسى نشأ وترعرع فى حضن تنظيم عقائدى له تاريخ معروف يثير قلق ومخاوف الكثيرين، ووصل إلى السلطة عقب ثورة شعبية فجّرتها وشاركت فيها قوى سياسية عديدة، فقد توقفت كفاءة الحاسة السياسية لنظام حكمه على عاملين أساسيين، الأول: درجة التزامه الفكرى والتنظيمى بجماعة الإخوان، والثانى: علاقته بالقوى الأخرى ومدى مشاركة القوى التى ساهمت فى إنجاح الثورة فى صنع السياسات والقرارات. وللأسف فإن سلوك الدكتور مرسى خلال العام المنصرم يؤكد، بما لا يدع أى مجال للشك، أمرين، الأول: التزامه التام، فكرياً وتنظيمياً، بالجماعة، وحرصه على تمكينها من الهيمنة المنفردة على مقدرات الدولة. الثانى: إصراره على استبعاد وتهميش كل القوى الأخرى التى فجّرت وشاركت فى الثورة، بحجة حصوله على الأغلبية التى تمكنه من الحكم، والسعى لتوظيف فصائل تيار الإسلام السياسى لخدمة المشروع الإخوانى وليس العكس. فى سياق كهذا كان من المحتم أن يفقد نظام الدكتور مرسى بالكامل حاسته السياسية التى يُفترض أن تمكّنه من استشعار الأزمات والتحسب لها والعمل على إجهاضها ووقاية البلاد منها قبل أن تقع. ولأن المعلومات التى كانت تأتيه عبر أجهزة ومؤسسات النظام الذى ورثه بدت محاطة بالشبهات من وجهة نظره، فقد بات أكثر ميلاً للاعتماد على تنظيم الإخوان كمصدر للمعلومات، وبالتدريج أصبح نظامه بالكامل لا يرى ولا يسمع ولا يعقل ولا يتنفس إلا من خلال الإخوان. ولهذا السبب لا أظن أن الرئيس يدرك حجم الأزمة السياسية الراهنة التى تجتاح البلاد والتى أدت إلى ظهور حركة «تمرد» التى التفت حولها قطاعات واسعة من الشعب. فمن السهل جداً على رئيس بهذه التركيبة الذهنية ومحاط بعناصر الجماعة من كل جانب أن يعتبر كل معارض لسياساته إما كافراً أو عميلاً أو من فلول النظام السابق. كنت أعتقد شخصياً أن لدى الدكتور مرسى ما يكفى من الذكاء السياسى لتمكينه من إدراك حقيقة أساسية، وهى أن رئيس الدولة، خصوصا حين يتعلق الأمر بدولة مركزية كبيرة كمصر، لابد أن يكون فى موقع أعلى وأكبر من موقع أى شخص أو تنظيم آخر، بما فى ذلك المرشد والجماعة، وأن الفرصة باتت سانحة أمامه لقيادة وتطوير هذه الدولة بما يتناسب ومتطلبات مرحلة جديدة من مراحل تطور النظام السياسى المصرى. وقد عبرت فى كتاباتى عن هذا المعنى فى أكثر من مناسبة، بل وذهبت إلى ما هو أبعد حين تحدثت عن «خطة إفشال الرئيس»، فى مقال نُشر فى هذه الزاوية بتاريخ 2012/7/6، أى بعد شهر واحد من مباشرة الدكتور مرسى مهامه الرئاسية. فبعد أن قمت بشرح معالم هذه الخطة، قلت بالحرف الواحد: «على الرئيس أن يتحلى بالحكمة والحنكة والسرعة فى اتخاذ القرار، وعلى حلفاء الرئيس الأيديولوجيين أن يدركوا أن نجاحه فى هذه المرحلة يتوقف على حجم المسافة التى تفصله عنهم، وعلى الجبهة الوطنية المشكلة للدفاع عن الثورة وليس عن الرئيس أن تتحلى بقدر أكبر من المرونة والصبر وعدم التعجل وفهم طبيعة الضغوط الداخلية والخارجية التى يمكن أن يتعرض لها رئيس مصر المنتخب فى الظروف الراهنة. وعلى الجميع أن يدركوا أن الخطة المشار إليها لا تستهدف إفشال الرئيس كشخص، وإنما إفشال الديمقراطية كنهج. لذا علينا أن نتمسك بالرئيس، وأن نساعده طالما تمسك هو بقواعد الديمقراطية وسعى لتثبيت دعائمها». ولأن الرئيس لم يتمسك بقواعد الديمقراطية ولم يسع لتثبيت دعائمها، وفضل مصلحة الجماعة على المصالح الوطنية العليا للبلاد فقد كان من الطبيعى أن يفقد نظام حكمه «حاسته السياسية»، فخلا من جهاز إنذار كان يفترض أن ينطلق حين يتم تجاوز الخطوط السياسية الحمراء. ولا جدال فى أن الرئيس تجاوز كل الخطوط السياسية الحمراء، لكن أجهزة الإنذار فى نظامه لم تنطلق لأنها فقدت حاستها وكل قرون استشعارها. نقلا عن جريدة المصري اليوم 

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة لماذا فقد النظام الحاكم حاسته السياسية بسرعة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab