لماذا يستهدفون الأزهر

لماذا يستهدفون الأزهر؟

لماذا يستهدفون الأزهر؟

 العرب اليوم -

لماذا يستهدفون الأزهر

حسن نافعة

لعب الأزهر الشريف دوراً تاريخياً عظيماً وشديد التأثير فى حياة مصر الحديثة، وقد ارتبط هذا الدور ببعدين أساسيين: الأول دينى، والآخر سياسى. فعلى الصعيد الدينى: ظل الأزهر قلعة حصينة تحطمت على صخرتها كل دعاوى التطرف والهوس، وأصبح المرجعية العلمية الوحيدة للإسلام السُّنى الوسطى الرافض للتعصب والكراهية، والمدافع عن قيم التسامح والاعتدال، والداعى للتقريب بين مختلف المذاهب الإسلامية، باعتبارها تفريعات وروافد لنهر واحد عريض، وخرج من بين صفوفه مصلحون دينيون واجتماعيون عظام، من أمثال الشيخ محمد عبده، قادوا حركة التنوير والإصلاح لتخليص الدين والثقافة والتقاليد السائدة مما لحق بها من شوائب فرضها فكر غيبى وثقافة جامدة وتقاليد اجتماعية لاعلاقة لها بصحيح الدين، استهدفت تمكين الشعوب الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها من اللحاق بالعصر واستيعاب علومه وفنونه دون تفريط فى خصوصيتهم الثقافية والحضارية. وعلى الصعيد السياسى: ظل الأزهر قلعة وطنية حصينة، ووعاء جامعاً للحركة الوطنية المصرية، بمختلف أطيافها وفصائلها السياسية والأيديولوجية، كثيراً ما ناضلت تحت مظلته فى مواجهة الاحتلال ولمقاومة مخططات التبعية السياسية والتغريب الثقافى والفكرى. لذا لم يكن غريباً أن يصبح الأزهر رأس الحربة فى مواجهة الحملة الفرنسية على مصر فى بداية القرن التاسع عشر، وأن يخرج من صفوفه زعماء وطنيون، من أمثال سعد زغلول، لقيادة الثورة الشعبية الكبرى فى بداية القرن العشرين (ثورة 1919)، وأن يعتلى جمال عبدالناصر منبره لدعوة الشعب من فوقه لرفض العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 ولإعلان الجهاد فى مواجهته. لم يسلم الأزهر على طول تاريخه من محاولات استهدفت توظيفه لخدمة طموحات سياسية بعينها، لصالح هذا الملك أو ذاك الزعيم، أو لتبرير مواقف سياسية بعينها، لصالح هذا النظام أو ذاك. وربما تكون هذه المحاولات قد انتقصت من هيبة هذه المؤسسة العريقة وأضعفت من قدرتها على التأثير، إلا أنها ظلت مع ذلك حية فى وجدان الشعب، باعتبارها الملاذ الأخير، والمتحدث المعتمد للإسلام الوسطى الصحيح. لذا بدا الشعب المصرى فى مجمله شديد الحرص، خصوصاً عقب ثورة يناير، على أن تتمتع مؤسسة الأزهر باستقلال مالى وإدارى كامل يمكّنها من استعادة رونقها ودورها التاريخى المعتاد. لكن يبدو أن لتيارات الإسلام السياسى فى مصر رأياً آخر. فما إن تمكنت هذه التيارات من الحصول على أغلبية سياسية فى البرلمان حتى بدأت فى محاولة السيطرة، كل بطريقته الخاصة، على هذه المؤسسة العريقة، وهو ما بدا واضحاً إبان معركة كتابة الدستور، من ناحية، ثم إبان معركة تمرير قانون الصكوك، من ناحية أخرى. كان الدكتور ياسر برهامى أوضح من عبّر عن خلاف السلفيين مع ممثلى الأزهر حول ما يتعين أن يكون عليه الدستور الجديد، ففى لقاء عقده «ملتقى العلماء والدعاة» يوم 22 نوفمبر الماضى، وتناقلته فى حينه مواقع «يوتيوب» على شبكة الإنترنت، أوضح الدكتور برهامى أنه رفض التفسير الذى قدمته هيئة كبار العلماء بالأزهر لمصطلح «مبادئ الشريعة الإسلامية»، وكشف عن محاولات جرت لابتزاز شيخ الأزهر وحمله على الموافقة على نصوص خلافية رأى التيار السلفى إدراجها فى الدستور، وبدا واضحاً فى تلك اللحظة وجود نية مبيتة لدى هذا التيار للسيطرة على الأزهر من داخله كى تصبح رؤيته هى المرجعية المعتمدة لكل ما يتعلق بالدين الإسلامى وبأحكام الشريعة الإسلامية. أما الخلاف المكتوم بين جماعة الإخوان المسلمين والأزهر الشريف فلم ينفجر علناً إلا حين رفض الأزهر مشروع القانون الخاص بالصكوك الإسلامية لأسباب وطنية ودينية لا مجال لتفصيلها هنا. لقد كشفت هاتان المعركتان بوضوح تام عن حقيقة لم يعد بالإمكان التشكيك فيها، وهى أن الأزهر يقف عقبة كأداء أمام الطموحات السياسية الخاصة بجميع فصائل الإسلام السياسى، سواء تعلقت هذه الطموحات بجماعة الإخوان المسلمين أو بالتيارات والأحزاب السلفية. فكل فصيل من هذه الفصائل يسعى، باعتباره حزباً يطمح فى الوصول إلى السلطة، للسيطرة على الأزهر من داخله ليصبح أداته الدينية فى تحقيق طموحاته السياسية الخاصة، أما الأزهر فمن الطبيعى أن يصرّ، باعتباره مؤسسة دينية وطنية وليست سياسية حزبية، أن يعلى من شأن الدين بعيداً عن الأهواء السياسية. وتلك معركة يتعين على الشعب أن يقف فيها إلى جانب الأزهر بكل قوة، ولا مجال فيها للحياد. فشؤون الدعوة الدينية يجب أن تُترك كاملة للأزهر، لأنه الأكثر تأهيلاً للتصدى لها من الناحية العلمية والمهنية، ومن يرد من المواطنين ممارسة السياسة فأمامه أحزاب كثيرة يستطيع أن ينتقى منها ما يشاء، بما فى ذلك الأحزاب التى تتخذ من تصورها الخاص للدين مرجعية فكرية لها. فلنقف جميعاً صفاً واحداً خلف الأزهر الشريف. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يستهدفون الأزهر لماذا يستهدفون الأزهر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab