جريمة بطعم الفضيحة

جريمة بطعم الفضيحة

جريمة بطعم الفضيحة

 العرب اليوم -

جريمة بطعم الفضيحة

حسن نافعة

الحصار الذى ضربه المتظاهرون حول مبنى المحكمة الدستورية العليا طوال يوم الأحد الماضى، وأدى إلى منع قضاة المحكمة من الوصول إلى أماكن عملهم، وأجبرهم على تأجيل دعاوى مهمة مرفوعة أمامها، كان يفترض أن ينظر فيها فى ذلك اليوم، يعد جريمة كبرى يتعين ألا تمر بغير عقاب أو محاسبة. صحيح أن التظاهر حق يكفله الدستور ويحميه القانون فى كل الدول الديمقراطية، لكن ينبغى أن يمارس الحق فى الحدود التى يسمح بها القانون ويحقق المصلحة العامة.  ولأن إرهاب القضاة ومنع هيئة قضائية، مهما كانت وجهة نظرنا فى تشكيلها الحالى أو فى طبيعة الدور الذى تقوم به، لا يمكن أن يكون عملا يقره القانون أو يستهدف تحقيق مصلحة عامة، علينا جميعا أن نستنكر ما جرى أمام المحكمة الدستورية العليا وأن ندينه بكل قوة. الجريمة التى نحن بصددها هنا هى جريمة من نوع خاص. فهى لا تعد من الجرائم الفردية التى يسهل توجيه الاتهام إلى مرتكبيها كأشخاص تمهيدا لمحاكمتهم وإنزال العقاب العادل بهم، وإنما هى أقرب ما تكون إلى الجريمة السياسية التى يمكن أن تطول الجهات والقوى المنظمة لها أو المحرضة عليها، كما أنها فى الوقت نفسه جريمة تطول الأجهزة الأمنية التى عجزت عن تأمين المحكمة أو قصَّرت فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها، سواء تم ذلك بقصد أو بغير قصد. وإن دل ما حدث، طوال الأحد الماضى، على شىء فإنما يدل على حجم الفوضى التى بدأت تعم جنبات الحياة السياسية فى مصر، كما يدل أيضا على عمق الهوة السحيقة التى بدأنا جميعا نتجه نحوها بأقصى سرعة. كنت قد طالعت فى وسائل الإعلام المختلفة تصريحات للدكتور سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، يعبر فيها عن رفضه الدعوات الخاصة بالتظاهر أمام المحكمة الدستورية ويناشد القائمين عليها إلغاءها. ومع ذلك فقد تم تنظيم المظاهرة وتوجه المئات، وربما الآلاف، لحصار المحكمة، وخشى القضاة على أنفسهم من هذه الحشود الضخمة الغاضبة، فلم يذهب البعض منهم أصلا، بينما منع البعض الآخر من الدخول، أو دخل من ممرات جانبية يعرفها أكثر من غيره، ولذلك لم تنعقد المحكمة وتم تأجيل القضية.  فكيف نفهم ما حدث: هل هو توزيع للأدوار بين فصائل مختلفة لتيار «الإسلام السياسى»، أم هو دليل على حالة انفصام فعلى بين حزب ليس له سلطان على أعضاء لا يدينون له بـ«السمع والطاعة»، وجماعة لها وحدها حق السمع والطاعة ليس فقط من جانب الأعضاء وإنما من جانب الحزب أيضا؟! أخطر ما فى هذه القضية هو مغزاها السياسى. فالذين تظاهروا أمام المحكمة الدستورية العليا، سواء كانوا تابعين لحزب الحرية والعدالة أو لجماعة الإخوان أو للسلفيين، أو لغيرهم من فصائل تيار «الإسلام السياسى»، سيحسبون، لا محالة، على الدكتور مرسى، حيث يعتقد كثيرون أن مظاهرة من هذا النوع لا يمكن أن تنظم دون علمه أو استئذانه. لذا من الطبيعى أن يبدو الدكتور مرسى فى مرآة ما جرى أمام المحكمة الدستورية أقرب ما يكون إلى قائد ميليشيات منه إلى رئيس دولة، خصوصا أن هذه المظاهرة نظمت فى اليوم التالى مباشرة لمليونية «الشرعية والشريعة» المؤيدة له، مما يضفى على الجريمة مذاق الفضيحة أيضا. لست من المفتونين بالمحكمة الدستورية العليا فى مصر، وسبق لى أن وجهت انتقادات لاذعة إلى بعض ما صدر عنها من أحكام فاحت منها رائحة السياسة. ويعلم القاصى والدانى أن هذه المحكمة، التى قادها فى الماضى قضاة عظام وكانت تعد، حتى وقت قريب، واحدة من أهم المحاكم الدستورية فى العالم، سيّست فى عهد مبارك الذى استعمل سلطته فى تعيين رؤسائها من شخصيات موالية له لم تكن الأحق برئاستها. كما يعلم القاصى والدانى أن الفساد الذى انتشر فى كل عظام الدولة وصل إلى المؤسسات والهيئات القضائية التى لم تستطع أن تنجو بنفسها من عبث النظام السابق. غير أن تطهير القضاء من قلة فاسدة مازالت تنخر فى عظامه كالسوس شىء، وما يقوم به رئيس الدولة حاليا شىء آخر. فتطهير القضاء مهمة نبيلة يجب أن يتولاها مجلس القضاء الأعلى بنفسه، أما ما يقوم به رئيس الدولة حاليا فلا علاقة له بالرغبة فى التطهير، وينطوى على ازدراء واضح للمؤسسة القضائية وإهانة لرجالها ومحاولة لتحطيم سلطة يبدو أنها أصبحت تشكل عقبة أمام طموحات الجماعة التى ينتمى إليها، وتلك مسألة لا يمكن لأى وطنى شريف أن يقبلها. لذا ننتهز الفرصة لتوجيه التحية خالصة لمؤسسة القضاء وإلى رجالها المخلصين المدافعين بحق عن استقلال السلطة القضائية وعن كرامتهم التى هى من كرامة شعب مصر كله. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 06:14 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

GMT 06:12 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

GMT 06:09 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. وقرار أممى

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة بطعم الفضيحة جريمة بطعم الفضيحة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:43 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
 العرب اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab