بقلم - كريمة كمال
الطبقة الغنية بتاخد رشاوى.. الطبقة الفقيرة بتاخد إكراميات.. إحنا بتوع الطبقة الوسطى بندفع الرشاوى والإكراميات».. هذا ما كتبه أحدهم على «الفيس بوك»، وقد تلقى البوست الكثير من التعليقات المؤيدة لهذا التوصيف الذى يصف حالنا نحن الطبقة الوسطى فى هذه الأيام الصعبة بالذات.
هناك ما يمكن أن يسمى التفاعل الاجتماعى، يحدث فى الأزمات داخل المجتمع، ولا أعرف إذا ما كان هذا التوصيف يتفق مع خبراء علم الاجتماع أم لا لكننى أستطيع أن أقول إن المجتمع يعيد ترتيب أوراقه طبقًا للحالة الاقتصادية بالذات، وطبقًا لما يحدث له من أزمات وما يمر به من صعاب، ومنذ فترة ليست ببعيدة جدًا كتب الخبير الاقتصادى الدكتور «هانى توفيق» يحذر مما يمكن أن يحدث فى المجتمع، موصيًا بالانتباه لما يمكن أن يحدث لنا من صدمة ممن هم حولنا، حيث يمكن أن يسرقك شريكك أو صديقك، وأن الحالة الاقتصادية قد تدفع الكثيرين لتغيير سلوكهم واللجوء إلى ما لم يعتادوا عليه من قبل. أعاد الخبير الاقتصادى نشر البوست أكثر من مرة، محذرًا مما يمكن أن يحدث فى المجتمع من تغير حاد فى سلوكه، ومما يمكن أن يسبب للكثيرين منا صدمة شديدة.
الاحتياج الشديد قد يدفع البعض إلى العمل فى أكثر من وظيفة حتى إن اقتضى الأمر ألا ينام أكثر من ثلاث ساعات فقط فى اليوم الواحد، وقد شاهدت هذا النموذج أكثر من مرة.. شاهدته فى المساعدة التى تأتى لتقدم لى العون، والتى تضطر إلى العمل كل أيام الأسبوع لكى توفر مصاريف أبنائها الأربعة، ولكى تضمن استكمالهم تعليمهم حتى إن كان هذا على حساب جسدها وصحتها، فزوجها يشغل وظيفة بواب ولا يقوم بغيرها، لذا فهى تسعى لكى تسد الثغرة التى تتسع يومًا بعد يوم فى ميزانية الأسرة نتيجة لارتفاع الأسعار.. كما رأيت الشاب الذى فى الثانية والأربعين من عمره، الذى يسكن عزبة النخل، لكنه مُصر على أن يلتحق ابناه بمدرسة خاصة لأنه يستثمر فيهما كما يقول، فيضطر للعمل كجليس لمريض منذ العاشرة مساء حتى السابعة صباحًا ليلحق بسيارة الشركة التى يعمل بها فى النهار لكى يعمل لبعد الظهر ويعود لمنزله لكى يأكل وينام ثلاث ساعات فقط ليعيد الكرة مرة أخرى.. وكما يفعل الكثيرات والكثيرون هذا يفعل الآخرون أسلوبًا مختلفًا تمامًا، حيث تسرق إحدى السيدات المريضة المسنة التى تأتى لرعايتها بينما تلجأ أخرى إلى إعطاء المريضة منومًا يتسبب فى تدهور حالتها لأنها تعمل طوال النهار ولا تستطيع أن ترعاها طوال الليل، فتلجأ إلى هذه الوسيلة لكى يتسنى لها أن تنام حتى الصباح لتلحق بوظيفتها الثابتة.
ما لا يدركه الكثيرون، ومن المؤكد أن علماء الاجتماع لدينا يدركونه تمامًا كما يدركه خبراؤنا الاقتصاديون، أن الأزمة الاقتصادية تعيد تشكيل المجتمع وقيمه وسلوكه بشكل حاد، وربما يكون غير متوقع، لذلك فنحن فى حاجة ماسة للتحذير، والأهم من ذلك الدراسة التى يمكن أن يقوم بها خبراؤنا الاجتماعيون فى أقسام العلوم الاجتماعية بالجامعات وفى المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، لكى يتسنى لنا إدراك حقيقة ما يجرى فى مجتمعنا الآن بفعل الأزمة الاقتصادية، وما يجرى فيه من تغير سريع وحاد جدًا.
ما نسمعه من قصص فى كل يوم يخيف بشكل شديد، لكن الخوف وحده لا يجعلنا قادرين على التعامل مع ما نحن فى حاجة إليه الآن، ولابد من الحذر الشديد، كما قال الخبير الاقتصادى هانى توفيق أكثر من مرة، وأكرر أننا الآن فى حاجة إلى عمل المنظمات والهيئات الأهلية التى يمكنها أن تمد يد المساعدة والعمل فى الشارع المصرى.. يجب أن تدرك الدولة أهمية الدراسات الاجتماعية وأهمية المنظمات الاجتماعية فى الشارع المصرى الآن