بقلم - كريمة كمال
قادتنى الظروف، يوم الأحد الماضى، للذهاب إلى حى المعادى ظهرا فى زيارة عائلية، وبعد أن انتهت الزيارة التى استمتعنا فيها بالصحبة والهدوء والخضرة خرجنا لنستقل سيارة كنا قد طلبناها، وقفنا طويلا على باب المنزل، لكن السيارة لم تصل رغم أن المكتوب كان أن أمامها دقيقتين فقط، وبعد ما يقرب من نصف ساعة تقدمنا إلى نهاية الشارع حيث كان يبدو لنا أن هناك ازدحاما شديدا وتوقفا تاما لحركة السيارات.
وبحثنا عن السيارة ضمن هذا الخليط المتشابك ووجدناها وركبنا، وتصورنا أن الأمر انتهى، لكن الأمر كان قد بدأ، فقد كانت السيارة تتحرك عجلة واحدة فقط لتعود لتقف لمدة عشر دقائق دون أى حركة، وهكذا استمر الأمر لمدة ساعة كاملة، لم نقطع فيها سوى مسافة لا يجب أن تستغرق أكثر من خمس دقائق، بينما مع تحركنا المشلول هذا اكتشفنا أن المعادى القديمة أو معادى السرايات مشلولة تماما حتى وجدنا ضابطا فى زى مدنى وجنديا يحاولان فك الاشتباك فى أحد الميادين المغلقة تماما ليقودا السيارات لكى تذهب إلى مسار آخر يمكنها فيه أن تهرب من هذا الجحيم.
وعلمنا أن كل هذا بسبب أن هناك كوبرى قديما يتم هدمه لإقامة كوبرى جديد، وهذا الكوبرى هو الذى يتحكم تماما فى الدخول والخروج من وإلى المعادى، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى وجدت العديد يكتبون عن المأساة التى مروا بها للدخول أو الخروج من المعادى، حيث كتبت صديقة لى: «لا تذهبوا إلى المعادى أو تخرجوا منها»، وكتب آخر: «بعد أن انتهيت من عملى استغرقت ثلاث ساعات كاملة لكى أصل إلى الكورنيش».
والكثير من التعليقات التى حكت عن العذاب الذى مر به كل من ذهب أو خرج من المعادى، حتى إن أحدهم طلب سيارة فلم يصل وبعد ساعة سار هو وزوجته على الأقدام، فاكتشفا أن المعادى كلها مشلولة تماما فقررا أن يسيرا على الأقدام حتى سجن طرة، حتى استطاعا أن يستقلا سيارة تاكسى، والكثير والكثير مما دار فى هذه الساعات الصعبة التى أثبتت لى أننا نجونا، رغم كل هذا، من الأسوأ.
من المؤكد أن بناء كوبرى جديد بدلا من القديم شىء إيجابى وسوف يسهل الحركة، لكن بناء الكوبرى لم يحدث فجأة، ومن المؤكد أنه تم التخطيط له فلماذا لم يتم التخطيط فيما سيحدث عند هدم القديم لبناء الجديد؟، لماذا لم تتم إدارة الحركة المرورية فى اليوم الذى سيتم فيه الهدم؟، لماذا لم يتم إخطار الناس بما سيجرى لكى يتحضر كل منهم لهذا اليوم فيترك الكثير منهم السيارات ليستقلوا المترو مثلا أو ليذهب العديد منهم فى سيارة واحدة أو حتى يحصل البعض على إجازة فى هذا اليوم أو يتم الإعلان عن الطرق البديلة التى يمكن لمن يقود سيارته أن يتخذها بدلا من الطريق المعتاد الذى لن يكون متاحا فى هذا اليوم.
لماذا ترك الأمر هكذا ليتحول إلى أزمة صعبة.. هناك ضرورة للتفكير والتخطيط المبكر للأمور بما يأخذ فى الحسبان ما سيجرى فى اللحظة التى نقرر فيها أن ننفذ مشروعا ما، بحيث نجنب الناس المزيد من الصعوبات.. أخذ الناس فى الحسبان أمر مهم جدا والتخطيط المبكر لما سننفذ أمر يجب أن يتم حتى لا يدفع الناس ثمن عدم التخطيط المبكر للمشاريع وكأنما فوجئنا بما سيجرى.
المشكلة الحقيقية أن هذا الوضع سيستمر ربما شهرا أو أكثر حتى يتم الانتهاء من هدم وبناء الكوبرى، فهل تستمر هذه المعاناة دون تدخل؟.