بقلم: كريمة كمال
مَن منّا لم يشعر بالقرف وهو يتابع مثل هذه الصفحات الصفراء على الفيس بوك.. صفحات لن أقول إنها تخوض فى فضائح الفنانين بالذات، فما يُنشر كله كذب وافتراء وتلفيق وانتهاك للأعراض بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المتابعين أو الترند.. هذه الصفحات الصفراء مَن يُشيرها أو يكتبها ويروج لها؟. انتهاك صارخ لفنانين وفنانات بالاسم، ولن أستطيع هنا أن أكتب أسماء هؤلاء الفنانين والفنانات حتى لا أُعيد هذا الخوض الصارخ فى أعراضهم وسمعتهم... الأمثلة كثيرة، ولا تُعد ولا تُحصى، لذا سوف أذكر هنا مجرد أمثلة فقط. «خاينة وبتدّعِى الشرف علينا» «...» تنسحب من برنامج على الهواء مباشرة، بعد أن سُئلت عن زواجها فى السر من صديق طليقها، الفنان الشهير، هتتصدموا من اللى صار.. شوفوا الفيديو فى أول تعليق. وصورة أخرى لفنانة معروفة وبمهر خيالى من حبيبها، الذى تسبب فى طلاقها.. بعد انتهاء عدة الطلاق. «زواج فى عمر الستين عام يهز الوسط الفنى، والعريس مفاجأة.. شوفوا الصور فى أول تعليق» و... الأسوأ على الإطلاق: الفنانة «...» فضحت المستور، واعترفت بالحاجة اللى شافتها عن والدها وأختها، وكانت سبب انها تطرده من بيتها.. مش حتصدقوا.. صدمة كبيرة فى أول تعليق. وما صدمنى حقًّا هذه القصة الملفقة، التى تعرضت لأرملة فنان شاب تُوفى قريبًا، وهى مخرجة، وكان مكتوبًا على لسانها أن فنانًا شهيرًا عرض على زوجها قبل وفاته شوال فلوس «لأنه عايزنى»، ولم أصدق أن تقول هذه الإنسانة الراقية، الزوجة والأم، التى راعت زوجها حتى تُوفى، مثل هذا الهراء، ووجدت نفسى أدخل لأرى ماذا كتبوا فى الداخل، ودخلت لأجد أنها قد قالت إن فنانًا شهيرًا أصر على أن يدفع مبلغًا خياليًّا لعلاج زوجها، وكانت تدلل على كيف وقف أصدقاء زوجها معه.. والمطلوب دائمًا أن تتم جرجرتك بحكم الفضول، فماذا ستجد إذا ما تورطت فعلًا ودخلت؟.
غالبًا لن تجد أى شىء مما قيل فى الصفحة، وقبل أن تدخل إليها. وما حدث فى القصة الأخيرة يحدث فى كل قصة. المهم زيادة عدد المترددين على حساب سمعة وخصوصية الفنانين، وبالطبع الإساءة إلى سمعة الفن فى نظر كل مَن يصدق هذه القصص الملفقة.. لا أعرف ما الذى يمكن به أن تتم مواجهة هذه القذارة التى تطل علينا فى كل لحظة، هل المطلوب أن يقوم الفنانون برفع قضايا على هذه الصفحات الصفراء؟، وهل يحد هذا من تكرارها أم أن الفنانين لا يجدون الجهد والوقت لملاحقة هذه الافتراءات، فيتغاضون عنها، وهنا يجب أن أتساءل: نحن لدينا وحدة للجرائم الإلكترونية فى وزارة الداخلية، ألَا تملك هذه الوحدة القدرة والسلطة على متابعة هذه الصفحات الصفراء وعقابها؟.. من المؤكد أن هناك ما يمكن عمله فى مواجهة هذه الصفحات، التى لا تؤذى هؤلاء الفنانين فقط، بل تؤذى المجتمع كله، وتجره إلى الاهتمام بالفضائح المختلقة بدلًا من أن يهتم بقضاياه الحقيقية والمصيرية.
لا يمكن السكوت ومصمصة الشفاه فقط أمام مثل هذا التدنى المفرط، الذى يحتل مساحات ضخمة من السوشيال ميديا، والذى بات هو الأكثر من المساحات الجادة، التى يمكن أن تمدنا بالأخبار والمعلومات والتحليل لواقعنا الاجتماعى والسياسى والاقتصادى.. هناك مَن يقصد أن يُجرجرنا إلى ما يشبه صفيحة القمامة، ويبعدنا تمامًا عن إعمال العقل والمنطق.. هناك مَن يسعى لأن يحتل عقول الناس بالتافه من الأمور والفضائح والشائعات، والمشكلة أن هذا بدأ من بعض البرامج التليفزيونية ليمتد إلى السوشيال ميديا، فهل هناك مَن يتصدى لذلك؟، فنحن لا يهمنا زواج فلانة أو خيانة فلان.