ثمن التغيير

ثمن التغيير

ثمن التغيير

 العرب اليوم -

ثمن التغيير

بقلم - كريمة كمال

أتذكر جيدًا ما جرى يوم اقتحام برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك.. كنت يومها مريضة فى البيت، واتصلت بى واحدة من الفريق الذى يعمل معى لتُطلعنى على ما جرى، وهى فى أقصى درجات الفرحة والسعادة، وعندما سألتها: مَن الذى فعل ذلك؟، قالت لى بثقة: «ربنا». أغلقت الهاتف، وفتحت التليفزيون لأرى الدمار والخراب والضحايا.. مشهد مؤلم بكل المقاييس، فهؤلاء مدنيون كانوا فى أماكن عملهم وليس لهم أدنى صلة بما ترتكبه أمريكا من فظائع سواء ضدنا أو ضد غيرنا... وتعجبت من الفرحة لمقتل مَن ليس لهم دخل. فكرة كراهية أمريكا قد تكون مفهومة لدى البعض بالذات فى منطقتنا، أما فكرة كراهية الأمريكيين فهى غير مفهومة وغير مقبولة، وذلك لأن الأمريكيين ليسوا شيئًا واحدًا وليسوا قناعات واحدة، بل ليسوا من أصول واحدة، ولذلك فقد أصابنى رد الفعل هذا بصدمة فى ذلك الوقت.

نعم، يلعب الإعلام الأمريكى دورًا فى دعم إسرائيل، وربما نكون قد رأينا ذلك بعد أحداث السابع من أكتوبر مباشرة، لكن مع مرور الشهور وسقوط الشهداء فى غزة وإدراك العالم أن ما يجرى هو تطهير عرقى، اختلفت الصورة تدريجيًّا، وحدث التغيير فى قناعات الشعوب الغربية، وبدأنا نشهد المظاهرات فى كل مدن العالم منددة بالمجزرة التى تجرى تحت سمع وبصر العالم دون أن تحرك الحكومات ساكنًا، بل إن الحكومة الأمريكية استعملت حق الفيتو لتوقف قرار وقف الحرب.. وبدأنا ندرك أن قناعات الكثيرين فى العالم قد تغيرت، وأن التغيير قد حدث فى الموقف من إسرائيل وفلسطين، ولكن لم يكن أحد منّا يتوقع، ونحن نرصد تغير الصورة وتغير موقف العديد من الأمريكيين بالذات، أن يصل الأمر إلى الاحتجاج بالتضحية بالنفس.. لم أصدق عينىَّ وأذنىَّ والمشهد يُعرض على الشاشة للجندى الأمريكى أرون بوشنيل وهو يحرق نفسه أمام سفارة إسرائيل فى واشنطن احتجاجًا على ما يجرى فى غزة، معبرًا عن أنه يرفض أن يكون طرفًا فى هذه المذبحة البشعة.. هل يتصور أحد أن يصل التأثر مما يجرى إلى مثل هذه الدرجة، أن يحرق شاب فى ريعان شبابه نفسه احتجاجًا على مشاركة بلاده فى هذه المجزرة؟!..

قد يتصور أحد أن يفعل هذا شاب عربى لأنه لم يعد يحتمل ما يجرى، لكن أن يفعل ذلك شاب أمريكى لا ينتمى إلى نفس المنطقة، لكنه يدين موقف بلاده وحكومته، ويريد إعلان هذه الإدانة بأعنف طريقة ممكنة، فهل يمكننا بعد ذلك أن نُحمل جميع الأمريكيين وزر ما تفعله أمريكا ومؤازرتها اللانهائية لإسرائيل؟. هناك تغيير قد حدث فى العالم كله نتيجة الحرب فى غزة، لقد صارت قضية فلسطين فى صدارة اهتمام العالم، بعد أن كانت فى ذيل القائمة، بل ربما كان العالم قد نسيها تمامًا، واستقرت إسرائيل وضاع الحق.. نعم، الثمن غالٍ جدًّا.. الثمن استشهاد ثلاثين ألف شهيد فى غزة، والرقم قابل للتصاعد مادامت الحرب لم تتوقف.. الثمن غالٍ جدًّا، حياة هذا الجندى الأمريكى الذى أحرق نفسه... نعم، حدث التغيير، لكن الثمن غالٍ جدًّا، ولا يوجد تغيير حقيقى بثمن هَيِّن... فقدت إسرائيل الإحساس بالأمن، فلا أعتقد أنها يمكن أن تعود مرة أخرى إلى حالة الاستقرار والتمكن التى كانت فيها قبل السابع من أكتوبر، بل مد خيوط التطبيع مع الدول العربية دولة تلو الأخرى.. وفى لحظة خاطفة تبدلت الصورة تمامًا.. لقد تعلمت الدرس، أن المقاومة ضدها لن تنتهى أبدًا، فحتى لو قضت على قيادات حماس، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فهؤلاء الأطفال الذين شهدوا هذه المذبحة سيشبون ليكونوا مقاومة أشد شراسة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن التغيير ثمن التغيير



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab