بقلم - كريمة كمال
سوف يسجل فى التاريخ أن اللاعب كريم بنزيما قد تم تهديده بسحب الجنسية الفرنسية منه لأنه قال كلمة الحق، ولكن قد لا يسجل التاريخ كثيرًا من الوقائع الأخرى التى طال فيها الأذى أصحابها لأنهم قالوا كلمة الحق؛ فالمؤسف أن هناك كثيرًا من القصص الأخرى لمن دافع عن غزة وفلسطين ودفع الثمن غاليًا، والمؤسف حقًّا أن يحدث هذا فى فرنسا قلعة الحرية كما كنا نراها.. أستاذة جامعية فلسطينية تعمل فى جامعة فرنسية تم إيقافها عن العمل فى الجامعة لأنها اعترضت على ما يحدث فى غزة، ومصرى يعمل فى إحدى المؤسسات فى فرنسا تم توجيه إنذار له بأنه سيتم فصله إذا ما كرر دعمه لغزة وللقضية الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعى، ومصرى آخر سجل موقفه الرافض لما تفعله إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعى، وهنا كانت زميلة له تدعم إسرائيل طوال الوقت ولم يتدخل هو ولم يسألها لماذا تفعل ذلك؟! إلى أن جاءت فى يوم وسألته: «لماذا تدعم الإرهاب؟» فقال لها: أنا لا أدعم الإرهاب، أنا أدعم الحق ودخلا فى مناقشة حامية. قال لها فيها التاريخ كله وكيف تم احتلال فلسطين وطرد أهلها لكنها لم تتراجع عن موقفها وهنا جاء الرئيس وسألهما: لماذا لا يعملان؟! فقالت له الزميلة إنه يدعم الإرهاب ضد إسرائيل، وعندما ذهب إلى عمله فى اليوم التالى قاموا بإجباره على الاستقالة على أساس أنه لم يحدث اتفاق بينهما، وأنه بناء على ذلك تم فسخ العقد بالتراضى بين الطرفين، ولم يحدث أى شىء للزميلة.. كل ذلك وغيره الكثير فى فرنسا وليتها كانت فرنسا وحدها بل فى إيطاليا أيضًا مُنع باتريك جورج من الكلام فى القضية الفلسطينية أو التعليق على ما يجرى من مذابح فى غزة.. وفى كندا تم فصل طيار مصرى من العمل بعد أن أعلن عن موقفه من القضية الفلسطينية وإدانته ما يجرى ضد غزة.. بل إن الأمور قد وصلت إلى حد الهستيريا بعد أن تم ترويج فكرة أن ما تم ضد إسرائيل من هجمات على يد حماس هو جهاد إسلامى وأن هذا الجهاد الدينى سوف يطال كل من هو غير مسلم فى العالم أجمع؛ لذلك قالت سيدة عربية لعمال يعملون أسفل منزلها أثناء دخولها المنزل «السلام عليكم» ففوجئت فى اليوم التالى بالقبض عليها والتحقيق معها بعد أن أبلغ عنها جيرانها أنها قد تكون مصدر خطر ما وبعد أن تبين لهم أنها ليست محلًّا لأى شكوك تم الإفراج عنها... نحن حقًّا نواجه حالة هستيريا عالمية تدعمها إسرائيل يوميًّا ويروج لها الإعلام فى العالم كله.
مرة أخرى.. ما الذى نفعله نحن؟ هل يصل صوتنا إلى العالم، هذا العالم الذى فقد ليس فقط إنسانيته وعدالته بل فقد أيضًا عقله وأصبح يدير آلته الإعلامية الضخمة لصالح إسرائيل وضد القضية الفلسطينية؟!، لذلك أعيد التأكيد على أهمية عدم تديين ما يحدث الآن؛ فهذه قضيتنا جميعًا فى المنطقة العربية سواء كنا مسلمين أو مسيحيين أو حتى يهودًا مناصرين لحق فلسطين الذى انتزع بالقوة منذ سنوات طويلة.. القضية ليست دينية بل سياسية. هى حق الفلسطينيين المسلمين وحق الفلسطينيين المسيحيين وليست بأى حال من الأحوال الجهاد الإسلامى وحده حتى لو كان هو الذى تحرك للمقاومة أخيرًا... لا لتديين القضية حتى لا يتم جمعها مع الهجمات الإرهابية التى حدثت من قبل فى أوروبا.. يجب أن نصرّ على أنها قضية سياسية قضية حق شعب فى أرضه؛ حتى نقطع الطريق على ما يفعله الإعلام الموالى لإسرائييل.