فرحت فقامت الدنيا

فرحت فقامت الدنيا

فرحت فقامت الدنيا

 العرب اليوم -

فرحت فقامت الدنيا

بقلم - كريمة كمال

رقصت فتاة نوبية جميلة يوم تخرجها على أنغام أغنية نوبى جميلة، فقامت الدنيا ولم تقعد، وكأنها ارتكبت كبيرة الكبائر، خرجت الفتاة بعد هذه الضجة لتقول إنها أرادت أن تنشر ثقافة الجنوب وكأن عليها أن تجد مبررًا لما فعلت. والحقيقة أن النوبيين هم الفصيل الوحيد من المصريين الذين مازالوا يرقصون فى كل مناسباتهم الاجتماعية، سواء كانوا رجالا أو نساء، أما باقى المصريين فالوضع يتوقف على الطبقة الاجتماعية.

فالأغنياء لهم مطلق الحرية فى الرقص والاستمتاع، بل الفقراء أيضا، أما الطبقة المتوسطة فهى التى تدور حول نفسها، لا تعرف الاستمتاع، خاصة إذا ما كانت امرأة، فهى مدانة وملاحقة بالعيب والخروج عن الدين والتقاليد. وأعتقد أننا مازلنا نتذكر صاحبة الفستان الأزرق التى رقصت فى حفل زفاف صديقتها فلاحقتها السوشيال ميديا، حتى إنها باتت لا تستطيع الخروج من منزلها للذهاب إلى الامتحانات.

فى الماضى، كان أى شىء يحدث تحده المساحة التى يحدث فيها.. فإن كان حفل زفاف، يقتصر الأمر على القاعة ومن فيها.. وإن كان حفل تخرج، فلا يخرج الأمر من القاعة التى يجرى فيها الاحتفال.. أما الآن، فما يحدث يتم التقاطه فى فيديو ويتم تشييره على مواقع التواصل الاجتماعى مصحوبًا بالرأى المطلوب نشره، وهو فى واقعة الفتاة النوبية الإدانة.. فكيف ترقص؟.

هناك رغبة فى ملاحقة المرأة والحد من حريتها وإدانة أى تصرف لها، ولمَ لا؟ بل إن البعض دخل ليعلق بأن هذه الفتاة لا يمكن أن تكون أسوانية و«أسوان براء منها ومن أمثالها.. دى استحالة تكون متربية فى أسوان».. كل ذلك من أجل لحظة بهجة طبيعية جدا فى أى مجتمع سليم، لكن هذا مجتمع تتم ملاحقته دوما بالأفكار السلفية والأفكار المنغلقة التى تسعى لتكبيل المرأة بالذات، فهذا مجتمع يراقب المرأة بشكل خاص ويتدخل فى كل حركة من حركاتها، بل أيضا ماذا تفعل، والأهم من كل هذا ماذا ترتدى.

خرج الشيخ رمضان عبدالرازق، وهو شيخ أزهرى ليقول لنا: «الراجل اللى ميعلقش على لبس مراته ومكياجها، عنده أزمة فى رجولته»، فإذا كان هذا هو ما يتم تصديره للمجتمع من أفكار دينية، فماذا نتوقع بعد ذلك من هذا المجتمع؟!.

إن المجتمع الذى تعمل فيه المرأة فى كل المجالات، بل المجتمع الذى تعول فيه المرأة أسرتها، سواء مع زوجها، أو كثيرا بمفردها فى وسط أزمة اقتصادية طاحنة تستدعى منها أن تعمل ليل نهار، هذه المرأة مسؤولية ملابسها ليست فى يدها هى، بل فى يد زوجها، وكأنها قاصر لا حول لها ولا قوة.. هذا مجتمع تدور فيه عجلة التطور الاجتماعى بسرعة، لكن فى نفس الوقت تتحكم فيه أفكار متزمتة قديمة تعامل المرأة كتابعة للرجل، أو أنه مسؤول عنها وعن ملابسها ومكياجها وإلا فقد رجولته.

لم ترتكب الفتاة النوبية أى كبيرة، بل تصرفت بعفوية جميلة ومحببة، وتعبير الإنسان عن نفسه فى لحظة فرحه تعبير إنسانى جميل، لكننا مجتمع تتصارع فيه السلوكيات الإنسانية الطبيعية مع التقاليد المتزمتة والنظرة السلفية للأمور، والتى يريدون لها أن تسود فى المجتمع، وتقع الطبقة المتوسطة فى قلب هذا الصراع؛ لهذا تمزقها الأفكار والانتماءات ما بين التصرف بحرية ومواكبة التطور الاجتماعى والتعبير عن النفس بحرية وإنسانية وعفوية، وبين الانغلاق فى قواعد وتقاليد قديمة، وبين ما يتم ترويجه على أنه اتباع للدين، سواء كان الدين الإسلامى أو المسيحى.

هناك صراع حقيقى يدور داخل المجتمع.. وتذكروا قصة نيرة أشرف، وكيف تعاطى معها المجتمع.. هذا الصراع فى القلب منه الأجيال الجديدة بالذات التى لا تجد من ينير لها الطريق بثقافة غنية وحية ومتطورة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرحت فقامت الدنيا فرحت فقامت الدنيا



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab