«فرج فودة» شهيد التنوير

«فرج فودة» شهيد التنوير

«فرج فودة» شهيد التنوير

 العرب اليوم -

«فرج فودة» شهيد التنوير

بقلم - سحر الجعارة

كثيراً ما نقول إن الفكرة أخطر من الرصاصة وإن «الفتوى» قنبلة موقوتة على لحظة يتجلى فيها «مفتى الدم» ويبث هوس القتل فى أتباعه/ جنوده ويأمرهم بالاغتيال.

وفى قائمة اغتيالات المفكرين ستجد اسماً مجهولاً أو مشهوراً أمر بالتصفية الجسدية من أمراء ومُنظِّرى الإخوان والجهاد والجماعة الإسلامية والقاعدة وداعش.

مَن أفتى بقتل السادات هو الشيخ عمر عبدالرحمن، مفتى الجهاد والجماعة الإسلامية، مَن أفتى بقتل المفكر فرج فودة هو الشيخ محمد الغزالى، خريج الأزهر، ابن تنظيم الإخوان الإرهابى (كان الغزالى عضواً فى الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان، وعضواً فى مكتب إرشاد الجماعة خلال عهد المرشد الثانى حسن الهضيبى، قبل أن ينشق عليه)، ومَن أفتى بقتل النائب العام هشام بركات هو الشيخ محمد عبدالمقصود و68 من دعاة الإخوان فى مصر وخارجها.

وهكذا سوف تصل لمَن أفتى بقتل السادات، لكنك فى كل مرة تدين مَن ضغط الزناد ولا تلوم مَن وفر الإطار التنظيمى للقاتل!.. أليس الإرهاب الذى نحاربه الآن حلقة من حلقات نفس السيناريو المتكرر بحذافيره؟! الفارق الوحيد أن المُحرِّض توضأ بدماء الشهداء ثم تبرأ من دم ضحاياه من المنفذين لأوامره.

الإخوان ليسوا مجرد «تنظيم دولى» مموَّل، إنه «فكر» قائم على خلط الدين بالدولة، وهذا تحديداً ما كان يحاربه «فرج فودة».فى الثامن من يوينو مرت الذكرى الثلاثون لاغتيال الكاتب والمفكر المصرى فرج فودة، الذى قُتل فى 1992 بتحريض مباشر من جماعة «الإخوان» وقياداتها الذين أفتوا بتكفيره وإباحة دمه لمخالفته ومعارضته منهجهم وأدبياتهم التى تغلغلت فى عمق المجتمعين المصرى والعربى.

صاغ فرج فودة ملامح مشروعه الفكرى فى محاولة لوقف المد الأصولى وتفكيك الخطاب الأيديولوجى للجماعات الدينية والحد من تأثيراته فى الشارع المصرى، مرتكزاً على أربعة أعمدة أساسية هى: نقد الإسلام السياسى المعاصر، ونقد الإسلام السياسى التاريخى، وحتمية الاجتهاد وإعمال العقل، والدفاع عن أسس الدولة المدنية الحديثة.كانت المناظرة الشهيرة التى عُقدت فى معرض الكتاب الدولى بالقاهرة فى يناير 1992، تحت عنوان «مصر بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية» السبب الرئيسى فى اغتيال فرج فودة، وهى المناظرة التى استمرت 3 ساعات متواصلة، وحضرها أكثر من 30 ألف شخص من أتباع تيارات الإسلام السياسى.

وكانت هتافات الحضور تتعالى بالنشيد الرسمى لـ«الإخوان»: «الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا» لإرهاب «فرج»، لكنه لم يتردد ولم يجبن أمام إرهابهم المعنوى.

ما كان يحذر منه «فودة» أصبح فى لحظة مخطوفة من تاريخ مصر واقعاً، فالمفكر الذى دفع حياته ثمناً لدعوته لفصل الدين عن الدولة لم يعش ليرى «مكتب الإرشاد» يحكم مصر من المقطم، ولم يرَ «عباس شومان» يدعو من فوق المنبر إلى تسليم «القضاء» إلى المعزول «محمد مرسى» أسوة بالنبى (صلى الله عليه وسلم) كما ادعى.. ولم يسمع ما سمعناه من فتاوى مخجلة ومشينة استحلت لحم الأطفال النيئ وأعراض النساء.

لم يعش «فودة» ليرى «الحياة» تفر من بين أيادينا، و«الفكر» يهرب من رؤوسنا، ولم يُسجن بقانون يزج بالمفكرين خلف قضبان السجون!

استشهد «فودة» برصاصة عمياء جاهلة، فلم يعانِ موتنا البطىء ونحن نسير مثل «دمى خشبية» موصولة بكيان مكهرب، يكفِّر من يشاء ويمنح صكوك الغفران لمن يشاء.. لنجد فجأة من يحاول السطو على «الدولة» لجعلها ملكية خاصة لمن يمتلك فتاوى «الزندقة والهرطقة» ويحاول أن يحكم بها مصر من الباطن!

لو كان «فرج فودة» بيننا الآن لدخل معنا فيما سماه «الدائرة المفزعة» واكتشف أن بعض الشعب تحول إلى دراويش ومجاذيب، يسيرون عمياناً خلف من يستغل جهلهم بالإسلام ويتلاعب بمشاعرهم الدينية ليحول عقولهم الصدئة إلى «ثروة» يجمعها من الفضائيات وبيزنس «الحج الفاخر»، وأصوات انتخابية تُخرج الإخوان من تحت الأرض بعد تحرير مصر من دنس حكمهم.

نعود إلى المناظرة الشهيرة التى كرّست منهج الإخوان المسلمين فى «الاغتيال المعنوى» بالتكفير وتشويه الشخصية.. ثم ترك الضحية (وهو صيد ثمين بصفته على رأس جبهة التنوير) لمن يضغط على الزناد.

خاطب فرج فودة «الإخوان» قائلاً: «إذا كان التنظيم السرى جزءاً من فصائلكم أم لا، تدينونه اليوم أم لا؟ هل مقتل النقراشى والخازندار بدايات لحل إسلامى صحيح؟ أو أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذى يرفض أن يُقتل مسلم ظلماً وزوراً وبهتاناً لمجرد خلاف».

وهو ما دفع مأمون الهضيبى للقول إن «الإخوان» يتقربون إلى الله بأعمال التنظيم الخاص (كيان مسلح)، وإنه لا يوجد لدى الجماعة برنامج تفصيلى.

سوف يدخل «فرج فودة» التاريخ باعتباره أكثر من كشف مخططات الإخوان السياسية.. وأول شهيد طبق عليه «الإخوان» حد الردة بأبشع أساليب الاغتيالات السياسية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فرج فودة» شهيد التنوير «فرج فودة» شهيد التنوير



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة
 العرب اليوم - مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد الذي يمكن استكشافه!

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 11:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة

GMT 09:19 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 16:12 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتلال الإسرائيلي ينذر بإخلاء 5 مناطق شمال غزة

GMT 09:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الكرة المصري يحقق في تسريب محادثات حكام المباريات

GMT 02:09 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الصحة اللبنانية تعلن مقتل 40 في غارات إسرائيلية

GMT 05:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محافظة أفغانية تغلق محطة إذاعية لبثها الموسيقى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab