بقلم:سحر الجعارة
فى القضية رقم 38590 اتهم «محمد» زوجته بـ«الزنا»، علاوة على قضية أخرى فى محكمة الأسرة لرفع اسمه من الأوراق الشخصية الخاصة بأطفاله الثلاثة، مستبعداً تطليقها قبل الحصول على حقه القانونى منها، حتى لا يتعرض للاتهام بالتشهير.. لقد تأكد الزوج المخدوع من خيانة زوجته، وأجرى تحليل الـDNA فى معامل وزارة الصحة، وكانت صدمته مروعة حين علم أن الثلاثة أبناء ليسوا من صلبه.
حاولت الزوجة المناورة برفع قضية خلع بعد علمها بحصوله على أوراق رسمية تثبت نسب الأبناء، حتى صدر حكم بتاريخ 22/9/2019 بـ3 سنوات سجن وكفالة 20 ألف جنيه، ما تسبّب فى اختفائها تماماً عن الأنظار، دون تطبيق الحكم ضدها. يقول الزوج إن المحكمة حكمت على الزوجة الخائنة هى وعشيقها بالسجن 3 سنوات فى تهمة الزنا، بينما ما زالت قضية إنكار النسب قائمة، والتى صدر فيها حكم أول درجة بأن طفل الفراش لأبيه، موضحاً أن حديث طفل الفراش له ظروفه وملابساته وواقعته، أما حالته فلا ينطبق عليها ما ينطبق على حالة طفل الفراش، حيث إن هناك تقريرين طبيين يثبتان أن الأبناء ليسوا أبناءه، بالإضافة إلى أن هناك شخصاً اعترف بجريمة الزنا مع الزوجة الخائنة، ما يؤكد عدم نسب هؤلاء إليه.. أليس هذا هو خلط الأنساب فى أبشع صوره؟
يجرنا الدكتور «أحمد كريمة» إلى مستنقع الجهل ويقول: «كيف شرعاً وعقلاً وعرفاً أن يُنسب ولد حيث لا توجد علاقة زوجية، ثم بعد ذلك نكتفى بقول إنه تم عمل (دى إن إيه)، فالمرأة هنا هى التى تتحمل ويُنسب لها لأن الشرع أناط النسب بالإقرار، والولد للفراش معناها يكون للزوجية الصحيحة».. وكيف شرعاً وعقلاً وعرفاً أن يثبت الزنا على امرأة ويُنسب أولادها إلى «الزوج» رغم أن تحليل الـ Dna أثبت أنهم ليسوا من صلبه؟!
دار الإفتاء قالت فى الواقعة المذكورة أعلاه: «عند عدم وجود الفراش الصحيح، بأن يكون الولد ثمرة زنا سواء باغتصاب أم بغيره فلا يثبت بذلك نسبٌ، فماء الزنا هدَرٌ، وفى هذه الحالة يثبت النسب إلى الأم فقط، وعليها إسكانه وحضانته ونفقته وكل أوجه الرعاية التى تستلزمها تربيته، وفى الميراث يحصل التوارث بينه وبين أمه وأقاربها فقط، لأنه ولدها يقيناً ومنسوب إليها، وهو مَحْرَمٌ لها ولسائر محارمها».
ونحن نعلم بالطبع أن «الدولة» هى التى تتحمل تبعات وجود أطفال الزنا، وهى التى تحارب ظاهرة «أطفال الشوارع».. لأن الفقهاء يرفضون الاعتراف بالعلم!
يقول الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وصاحب كتاب «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية»: إن الـdna ظهرت لأول مرة عام 1985 وأصبحت لها شركات عام 1987، وإن المجالس الفقهية فى مكة والرياض والكويت ومصر وكل الدول العربية ناقشت موضوع البصمة الوراثية، لافتاً إلى أن الفقهاء المعاصرين توقفوا عند العمل بها لأنها ستكشف أسرار الأسر.. ولفت «الهلالى» إلى أن العلماء كانوا بين نارين، الأولى هى إحقاق الحق ومعرفة الأب الحقيقى ونسبته لأولاده، مشيراً إلى أن ذلك يقابله انهيار المنظومة الاجتماعية.
وفى موقع آخر يقول «الهلالى»: «إن ثمانية من كبار التابعين، إضافة إلى قول عند المالكية، يؤكد نسب الولد من حرام لأبيه.. متابعاً: «كثيرون من العلماء قالوا إن ابن الزنا يُنسب لأمه، وهى التى تعوله، ولكن هناك رأياً آخر يقول بالتنسيب للأب، فلماذا لا نأخذ أيضاً بالرأى الآخر بغرض إنقاذ الطفل؟».
لا أحد يريد أن يجتهد، إعمال العقل هو الكفر بعينه على مذهب «كريمة»، لو كان الرسول (عليه الصلاة والسلام) فى عهده DNA لقال الولد لتحليل الـDna.
إصرار «كريمة» على نشر الغش والتدليس، وبعض المشايخ من قبله، هو ما جعل العديد من المشاهير ينكرون أطفالهم.. وبـ«ورقة» تثبت الزواج العرفى تمكنت كل أم من إثبات نسب طفلها، خاصة مع تغيب الأب عن المحكمة أو رفضه إجراء تحليل Dna.. لكن هذا لا يمنع من أن بعض من يكتبون ضد تفعيل حديث «الولد للفراش» لا يترددون فى تخدير ضمائرهم وجحد الطفل ليُنسب لآخر.
يا دكتور كريمة: كفاك فساداً فى الأرض، كفاك نشراً للأفكار الشاذة ورفضاً للعلم.. لقد أمرنا الله عز وجل أن نتفكر ومنحنا العقل لنبتكر تحليل الـDna لننشر العدل فى الأرض ولا نظلم نفساً.. فلماذا تصر على ظلم المرأة بكل وحشية وقسوة ورجعية وكأنها «مهمة» تم تكليفك بها؟.. لماذا تسير عكس التطور والحداثة وتجر المجتمع معك لعصر الجاهلية؟.. إن لم تملك قولاً حسناً فلتصمت.