ما بين الفتوى والقانون مساحات شاسعة من الجدل والخلاف.. وحيرة البشر: هل نتبع الفتوى أم القانون؟.. دعونا نقارن بين الاثنين مقارنة توضح الفرق وتشير إلى الطريق الواجب اتباعه.
فى التراث الدينى: لا يقتل مسلم بذمى ودية المرأة نصف دية الرجل.. فى القانون تتساوى عقوبة القتل سواء كانت الضحية امرأة أم رجلاً، مسلماً أم مسيحياً.
الفتوى عطلت دخول المرأة إلى سلك القضاء طويلاً (لا ولاية لامرأة).. وفى الدستور والقوانين الوضعية (وعلى أرض الواقع) المرأة وزيرة وقاضية: (الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر الشريف، التقى رئيسة سنغافورة «حليمة يعقوب»، «صاحبة الولاية الكبرى»، فى قصر الرئاسة، وأكد أن نجاحها «يُعد نجاحاً لكل النساء المسلمات»).
إن شئت أن تتابع هذه الأمثلة باعتبارها مقارنة بين الدول الدينية ستبدو لك هوية «مصر المدنية» ساطعة: بعض الفقهاء لا يجيز للمرأة المسلمة الذهاب لطبيب مسلم، خاصة فى مجال أمراض النساء، وقبل عدة أعوام تحديداً عام 2014 أقدم الدكتور «جابر جاد نصار» على إلغاء «التمييز الدينى» فى «جامعة القاهرة» فقرر رئيس جامعة القاهرة -آنذاك- رفع التمييز عن الطلبة المسيحيين، بما يملكه من صلاحيات إدارية، وقرر إلغاء خانة الديانة كبيان فى كل الشهادات والمستندات والأوراق التى تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة.. فسقطت شبهة منع تدريس تخصص أمراض النساء والولادة للطبيب المسيحى.
فى التراث الدينى المرأة إما حرة أو أمة.. وفى المقابل سنجد اتفاقية منع الرق، جنيف فى سبتمبر ١٩٢٦، وضعت الضمانات الكاملة للقضاء الكامل على الرق بجميع صوره وعلى الاتجار بالرقيق.. وهذا معناه أن كل آيات «ملك اليمين» قد تعطلت.. فالقانون لا يعترف بملك اليمين.. وهذه الاتفاقية تجسيد للإرادة الربانية فى المساواة بين البشر.
بعض الفتاوى تجيز زواج الطفلة (إذا كانت مربرة تحتمل الوطء).. أما القانون فيجرم الزواج تحت سن 18 سنة للذكر والأنثى.
التراث الدينى يُحرم سفر المرأة بدون محرم أو صحبة آمنة.. أما القانون فيطبق المادة 13 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان التى تكفل حرية التنقل للجميع، وإن قيدها باشتراط موافقة الزوج -إن وجد- على استخراج جواز سفر الزوجة.
فى الفقه «أهلية المرأة منقوصة» فيحق لولى الأمر فسخ زواجها إذا رأى فيه عدم تكافؤ.. وجار تعديل القانون لتصبح أهلية المرأة كاملة.
بعض الفقهاء يصم تاركة الحجاب بوصف «عاصية» أما القانون فيلزم الإنسان بكود الملبس dress code والمواصفات محددة فى قوانين «خدش الحياء العام».
وهكذا لن تنتهى النماذج التى تؤكد لنا أن القانون وحده يساوى بين البشر محلياً وعالمياً، وأن مصر، فى تطبيقها للدستور والقانون والمواثيق والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها، تحقق المساواة بين البشر دون تمييز على أساس النوع أو العرق أو الدين.. بينما «الفتوى» تفرق على أساس الدين والنوع.. وأيضاً على أساس العرق أو اللون بحديثها المتكرر عن «العبد والحر».
الفتوى متغيرة من رجل دين لآخر ومن زمن لآخر، بينما القانون يتطور لإرساء أسس الحداثة.. أكثر من رجل دين أفتى بجواز التحرش بالمرأة «السافرة» بينما القانون يحميها.. وستجد الدستور أيضاً يحمى «حرية العقيدة» بينما التراث الإسلامى يحدثنا عن «قتل المرتد» فى بلد متعدد الأديان وبه نسبة مرتفعة من الملحدين.. وقد رأينا بأنفسنا أن فتاوى «إهدار الدم» قد طالت جنودنا البواسل من الجيش والشرطة وكذلك طالت المفكرين والإصلاحيين، وتم تدشين تقارير دينية ذات صبغة رسمية أدت لاغتيال البعض وسجن البعض الآخر.
القانون هو درع الوطن ضد فوضى الفتاوى، صحيح أن قانوناً مثل (المادة 98 من قانون العقوبات) المعروفة باسم «ازدراء الأديان، هو قانون قاتل يشرعن فتاوى إهدار الدم ويضعها محل التنفيذ.. لكننا نؤكد دائماً أن الثورة التشريعية قادمة وأن بعض القوانين تحتاج إلى إعادة نظر وهذه مهمة المجلس التشريعى.
لا تستمع لفتوى ضرب المرأة لخدش كبريائها، لأن كرامة المرأة مصونة بقانون يجرم الضرب: قبل أن تقدم على فعل «مستنداً إلى فتوى» حذار أن تكون شارة القانون حمراء.