أوان الورد

أوان الورد

أوان الورد

 العرب اليوم -

أوان الورد

بقلم - سحر الجعارة

هل يمتلك الفن مساحة من الحرية تمكنه من نشر التسامح وقبول الآخر، وطرح القضايا الشائكة التى نعجز عن مناقشتها بشكل مباشر؟ هل مسلسل «حسن الصباح» وحده كفيل بأن يكشف للناس تضليل تجار الدين لهم ويفضح تسييس الدين أم لا بد أن نتابع فى إنتاج هذه النوعية من الدراما ونتوغّل أكثر فى المناطق الملغمة لنزيل تلك الألغام؟

حين عُرض مسلسل «أوان الورد» عام 2000، لم تكن «الفتنة الطائفية» قد أصبحت هى «الثقافة السائدة»، كان المجتمع متسامحاً ومرناً، ويقبل أن يرى الأم (الفنانة القديرة سميحة أيوب) وهى تُؤدى دور «روز» المسيحية التى تزوجت دبلوماسياً مسلماً.. رغماً عن إرادة أسرتها!

وحين عُرض فيلم «حسن ومرقص»، وتبادل النجمان «عمر الشريف وعادل إمام» دورى القس والشيخ، كانت القصة تكرّس التسامح وتقاوم الإرهاب، وتجسد معانى الوحدة الوطنية.. رغم مشاهد السخرية والكوميديا التى ارتبطت -لضرورات الدراما- بممارسة المسيحى لدور الشيخ وممارسة المسلم لدور القس.. الآن لم يعد المجتمع يتحمّل «الدعابة»، ولا يسمح بمجرد الاقتراب من «زى دينى».. ويسهل أن تشتعل الفتنة من لقطة عابرة فى فيلم أو مسلسل تحتمل فكرة ازدراء دين الآخر!

أنا مع حرية الإبداع والتعبير، وضد كل أشكال الرقابة والمنع والمصادرة، لكن حين يتعلق الأمر بـ«السلم الاجتماعى» لا بد أن تصبح «الحرية مسئولة» وأن تلتزم بالضوابط الاجتماعية، فالرقابة المجتمعية أشد قسوة من أى رقابة ومن أى قانون.

وقد أثار مسلسل «خفة يد»، إنتاج 2018، حفيظة عدد من المسيحيين بسبب ارتداء الفنان «محمد ثروت» ملابس «قس» يقوم بعمليات نصب.. وتسبّبت هذه المشاهد فى انتقاد حاد من قبل المسيحيين، على منصات التواصل الاجتماعى، خاصة موقع «فيس بوك»، وسط تباين لردود الفعل حول العمل، الذى ينتمى إلى نوعية الدراما الكوميدية.

الانتقادات تركزت حول قيام «ثروت»، بتدخين سجائر بملابس القس، وهو ما اعتبروه أمراً لا يتناسب مع قدسية الزى الذى يرتديه، بالإضافة إلى تنفيذه عمليات نصب.

وقد نال مسلسل «خفة يد» نصيباً غير قليل من شكاوى الجمهور للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بسبب هذا المشهد.. وقالت إحدى الشكاوى التى حصلت «صحيفة الوطن»، على نصها: (بقى ده معقول، ليه يكون التنكر فى زى شيخ أو رجل دين مسيحى، يا ريت الحاجة دى ماتتكررش فى مجتمعنا مرة تانية).

والحقيقة أن شخصية الشيخ أو الدرويش أخذت نصيباً كبيراً من الكوميديا فى السينما والتليفزيون، بل وتم انتقادها بشكل «جاد جداً» فى أفلام مثل «مولانا» المأخوذ عن رواية للكاتب «إبراهيم عيسى».. وفيلم مثل «لى لى» المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الكبير «يوسف إدريس»، وهو الفيلم الذى تم منع عرضه.. كما تعرّضت أعمال فنية كثيرة للنصب باسم الدين، سواء فى شركات توظيف الأموال أو فى الدجل والشعوذة.. لكن الناس ضاقت صدورهم ولم تعد تتحمّل النقد أو الدعابة أو الكوميديا.. وأصبح المجتمع فى حالة «تربّص» بالفن لدرجة منع انتقاد مهن كثيرة!

ووصل الغضب الكنسى من دور الكاهن فى «خفة يد» إلى أن لجنة المصنّفات الفنية بالكنيسة، برئاسة الأنبا «مارتيروس»، استنكرت ظهور شخصية كاهن «لص» فى المسلسل الرمضانى «خفة يد»، مشيرة إلى أن الشخصية تقوم بتصرفات غير لائقة، مثل الإهانات والألفاظ المرفوضة والنصب داخل الكنيسة، وهى تصرّفات غير مهذبة لا تتناسب مع رجال الكهنوت الأقباط.. وأكد الأنبا «مارتيروس» -فى تصريحات صحفية- أن الدراما المصرية يجب أن تتوخى الحذر فى تناول بعض الأمور الدينية والروحية والتقاليد عند الأقباط.. وأضاف أن الكاهن فى الكنيسة له كل الاحترام، وما تم عرضه فى المسلسل يعتبر إساءة للكنيسة فى شخص الكاهن، مطالباً بحذف المشهد المشار إليه.

هل فى ظل هذه الحساسية الدينية يمكن أن نحل بالدراما ما عجزنا عن حله بالسياسة؟ كيف يمكن إحداث «التوازن والمواءمة» بين حرية الإبداع والحفاظ على «السلم الاجتماعى» الذى أصبح مهدّداً باشتعال الفتنة ولو بـ«شائعة»، خاصة أن أصحاب معظم فئات المجتمع، تسعى لإضفاء ملامح القدسية على كل الفئات، منها أطباء وصحفيون.. إلخ! خاصة نقابة المحامين التى يرى أصحابها أن أى مشهد يتناول بالسلب صورة المحامى يستحق منهم مقاضاة صناع العمل!

وامتد التضييق على صنّاع الدراما إلى درجة التهديد بمنع العمل إذا كان يسىء إلى «النقاب» -من وجهة نظر البعض- رغم أنه لا سنة ولا فرض!

قطعاً هذا مناخ مختلف عن المجتمع الذى أحب فيلم «ضد الحكومة»، واحتفى بفيلم «بحب السيما».. هذا مناخ قاتل للإبداع، كاره للفن والفكاهة، لقد تحول المجتمع بأكمله إلى جماعة لـ«الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. ولم يكتفِ بكل الجهات الرقابية التى تصادر حرية الإبداع وتوقع غرامات موجعة على صناع الدراما.. وتحاسبهم بسيوف المحظورات: (الدين والفن والسياسة)!

يقينا أنا لا أملك مصادرة غضب المسيحيين أو المسلمين، ولا أطالبهم بذلك، فقط أبحث عن مجتمع متسامح يعشق «قوته الناعمة» ولا يهدرها.. مجتمع راسخ القيم الدينية والأخلاقية لا يهزه «مشهد ساخر».. وينتفض لمصادرة عمل.. لقد عانينا طويلاً من جر الأعمال الدرامية إلى القضاء.. ووقف الكثير من المبدعين يدافعون عن أعمالهم (وعلى رأسهم المخرج يوسف شاهين رحمه الله).. لكن البعض يصر على أن الشاشة دليل إدانة أو ساحة لتبرئة الفن.. أما الفنان فهو «متّهم إلى أن يثبت العكس»! ولعل هذا ما عطل عجلة السينما عن الدوران وجعل المنتج الموجود الآن يهرب إلى الكوميديا أو الأفلام السطحية ولا يجرؤ على مناقشة موضوع جاد خشية الخسائر المادية.

هل هناك فرصة لإعادة عرض بعض هذه الأعمال الجادة التى تُخفّف حدة التوتر الطائفى على قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية؟ أتمنى.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوان الورد أوان الورد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab