لا مؤاخذة الفستان

لا مؤاخذة: الفستان

لا مؤاخذة: الفستان

 العرب اليوم -

لا مؤاخذة الفستان

بقلم - سحر الجعارة

إن كان من مهام أمن الجامعة الإشراف على ملابس الطالبات فهذه كارثة، لأننا بهذا نكون قد دشنّا هيئة رسمية لـ«الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»! وأن تصمت وزارة التعليم العالى فهذه كارثة أخرى.. أما أم الكوارث فهى أن فستان «حنين سيد فؤاد الجنارى»، الطالبة بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، عادى وبسيط ومحتشم وفضفاض ولا يكشف أى جزء من جسمها «فستان عادى» يتطابق مع DRESS CODE لأزياء الطالبات!

الطالبة التى كان لديها تقديم مناقشة وبرزنتيشن سوف تقدّمه يتطلب ملابس فورمل (تايير أو بدلة).. هذا ما ادّعاه أمن الجامعة الذى يبدو أنه يحضر المحاضرات!، وقال إنها تعليمات القسم بتاعها «دراسات متحفية» (!!).

وقامت القيامة حول الفستان (تحت الركبة، تلتين كم، واسع الصدر محتشم).. «حنين» أصرت أن تدخل، وأصر الأمن على منعها، ووصل الأمر إلى وكيلة الكلية التى قالت إن موقف الأمن صحيح، ويجب منع الطالبة، لأن الفستان «غير لائق»، لولا تدخّل أحد الدكاترة الذى قال إن الفستان لائق وجميل، وعيب تكلموا البنت كده.

ثم تدخّلت الدكتورة مارى التى تدرّس مادة الطالبة حنين لكى تقدّم لها البرزنتيشن واعتذرت مشكورة لحنين.. هذا حسب رواية «السيد الجنارى»، الذى نشر أيضاً صورة الفستان عبر صفحته على فيس بوك.

«حنين» عنوان مرحلة مرتبكة تشوهت فيها الهوية المصرية وتبدّلت المكونات الاجتماعية وتراجعت المؤسسات الفكرية والثقافية.. إنها نتيجة حتمية لأكثر من 30 سنة من التجريف الفكرى والثقافى، نتيجة حتمية لتوازنات سياسية (روج لها التيار السلفى)، كان عنوانها الأبرز «ازدراء الأديان» وتحريم الاجتهاد والزجّ بالمفكرين خلف السجون.. ولم يكتب سقوط الإخوان نهاية هذه المرحلة، بل بدأ الحصاد.

«ورثة الإخوان» كرّسوا فكرة «الاستعلاء الدينى»: المنتقبة أتقى من المحجّبة، والمحجّبة محترمة أكثر من المحتشمة.. والسافرة فى نار جهنم «دنيا وآخرة». بدأت بلورة «أسلمة المجتمع» على يد جماعة الإخوان والسلفية الجهادية، وكان لفكر «محمد بن عبدالوهاب» الدور الأبرز والأهم فى تغيير سلوك المرأة ليُصبح متسقاً مع أيديولوجية متعارضة مع المنهج الوسطى للدين الذى اعتادته مصر.

وكانت المرأة هى «حاجز الفصل» وتقطيع أوصال المجتمع إلى رجال ونساء، على غرار ثقافة الصحراء.. وهنا يبرز متغير آخر، وهو «استعلاء النوع»، فالرجال قوامون على النساء، وهو ما طبّقوه عملياً بأن تركوا المرأة فى قاع المجتمع، وأن تقبل بتعدّد الزوجات، وحرمانها من التعليم والعمل والميراث، وفى اعتصامات الإخوان المسلحة برز دور المرأة فى الجهاد، واستغلال الأطفال دروعاً بشرية ضد محاولات فض الاعتصامات.

هذا المناخ كله كان يُؤصّل للفرز الدينى وتكفير الآخر، سعياً لأن تسقط مصر، وهو ما يحتاج إلى زرع خلايا إخوانية نائمة فى العمود الفقرى للمجتمع (التعليم على رأس مؤسسات الدولة)، وتكليف البعض بأداء مهام هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» فى مختلف الدوائر الاجتماعية!

رفض دخول حنين للجامعة كان رسالة تعلن أننا نُوصَم جميعاً بعدم الاحترام وانعدام الأدب، وأن علينا أن نتذكر أن شعر المرأة وصوتها ووجودها كله «عورة»، وأن «التعليم العالى» تجاوُز لمكانتها «الدنيا» فى المجتمع.. «فستان حنين» صرخة أنثى فى وجه مجتمع تتبدّل أحكامه وأعرافه وقوانينه لتصبح سجناً كبيراً يحاصر النساء.. صرخة حطمت جدران الصمت الملونة بالحجاب والبوركينى داخل كل الطبقات الاجتماعية.

الناس ترفض «الحرية الانتقائية»، ترفض المطالبة بحق نزول حمامات السباحة بالبوركينى، والسماح للمحجبات بدخول البارات والملاهى الليلية، ومنع صبية من أن ترتدى ما تشاء. وملامح «حنين» البريئة عرضت للناس صوراً من الماضى (عام من حكم الإخوان) انتهى بثورة يونيو.. وكأن البعض لم يكن قد اكتشف أن «الإسلام السياسى» يكمن داخل ضلوع الوطن، وأنه يتربّص للحظة قد تضعف فيها الدولة لينْقَضَّ عليه.. هذا هو المناخ الذى أفرز «الرقابة على ملابس الطالبات».

هذا الفكر يجب استئصاله والتعامل معاه بحزم.. وإلا سوف تختلط الأدوار ولا نعرف المهنة الحقيقية لكل مواطن! 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مؤاخذة الفستان لا مؤاخذة الفستان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab