موقعة نمرة

موقعة نمرة

موقعة نمرة

 العرب اليوم -

موقعة نمرة

بقلم - سحر الجعارة

 

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال، ولكن بعد شماتة «الإخوان» فى وفاة عدد من حجاج مصر والمزايدة على تنظيم موسم الحج رأيت أن شهادتى واجبة.

أديت فريضة الحج لأول مرة عام 2007، إنه نفس العام الذى كان الدكتور مفيد شهاب وزير المجالس النيابية والشئون القانونية، رئيساً للبعثة.. والذى قال: «أنا نفسى رغم كونى وزيراً ورئيساً للبعثة، فإننى تهت عن موقعها فى منى، وتعبت وأرهقت، وجلست على الأرض، ولم يفكر فى أى أحد».. وحتى نفهم موقف التوهان فلابد أن نعود للخلف قليلاً.

فى كل مرة كنت أزور المملكة العربية السعودية كنت أنبهر بحجم التوسعات التى تتم فى الحرمين، وحجم الفنادق التى تعلو لاستضافة الحجيج، ولكن بقى الزحام هو نفسه، وزادت أخلاق الحجيج حدة وغلظة وخشونة!.

ولك أن تعلم بداية أن الجهة المنظمة لرحلتك سواء كانت «رسمية أى حج القرعة» أو كانت إحدى شركات السياحة الفاخرة (التى تجاوز الحج معها مليون جنيه هذا العام).. أو جمعية دينية.. إلخ، فهى ملتزمة بتأمين «السكن والأكل والتنقلات»، بمعنى أنه فور خروجهم من الفندق أو الخيمة على جبل عرفة أو منى فلا أحد مسئول عنك إلا نفسك.. وإن كانت الشرطة السعودية تنتشر لإرشاد الحجاج، أما تفادى الزحام أو السرقة أو التوهان بعيداً فهو مسئوليتك الشخصية، فرغم أنك تزور هذه الأماكن لأول مرة فالمشرف على الرحلة قد يكون هو نفسه يذهب لأول مرة ويؤدى معك مناسك الحج. كانت مكة المكرمة وما زالت هادئة نسبياً فيما نحن نؤدى العمرة، رأيت الناس يتدافعون لتقبيل الحجر الأسود فآثرت السلامة، وقررت أن أشير إليه فى طوافى وأتجنب الزحام. لكن الزحام يأتيك أينما كنت، هناك كتف يدفعك بكل عنف فى صدرك لتخلى مكانك ليحتله صاحب القبضة القوية، وكأن هناك فرق اختراق ضاحية فى الزحام!.

هذا ليس عهدى بالكعبة، هكذا كنت أهمس لنفسى وأقول: إنها أخلاق الزحام.

اقترب موعد الوقوف بعرفة، وأعلنت السعودية أن وقفة عرفات توافق يوم جمعة، يوم لا يتكرر كثيراً، إنه نفس اليوم الذى أدى فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام حجة الوداع. إنه اليوم الذى أوصى فيه بالنساء خيراً: «رفقاً بالقوارير». إذن فلنذهب جميعاً لسماع خطبة الجمعة والصلاة فى مسجد نمرة (يقال إن رسول الله خيم فى نفس المكان الذى بنى فيه المسجد).

من التاسعة صباحاً أخذنا الحماس إلى هناك، بصعوبة وجدنا أماكن للصلاة فى الدور العلوى (ملحوظة: تلقينا لوماً كثيراً فيما بعد).

انتهت الصلاة وعلت أصوات المسلمين بالتلبية وبدأنا محاولة الخروج من المسجد دون أن ندرى أن الساحة المحيطة بالمسجد تحولت إلى ساحة قتال: كانت هناك عائلات كاملة من الأفارقة (معظمهم من نيجيريا والصومال والسودان) قد افترشت الأرض لبيع منتجات بلادهم وبعض المأكولات والشاى. ويبدو أن هناك من حاول تفرقتهم من أمام المسجد برش مياه غزيرة. المياه بعثرت خيامهم وأطفالهم وأمتعتهم، واشتبك أكثر من ألف حاج من اليمين قبالة نفس العدد من اليسار فى محاولة يائسة للمرور. جميعنا ندوس على أشياء لينة لا نعلم إن كانت وسائد أم مراتب إسفنجية أم جثث بشر!.

حوالى ساعتين أو أكثر لا نسمع إلا استغاثة إحدانا تسقط من الإعياء فنجذبها من بين السيقان المتشابكة لتلتقط نفساً يرد لها الحياة. وفى يأس ينحنى أحد السود (وصف وليس دليل عنصرية)، لالتقاط ما فقده فلا نرى رأسه مرة أخرى.

لا أدرى حتى الآن كيف مرت تلك الساعات الرهيبة، وأنا أرى الرجال يتساقطون فى الوحل بملابس الإحرام، وأظافر إحدى رفيقات الرحلة مغروسة فى عنقى طلباً للنجدة.. ونحن جميعاً نتضرع للسماء انتظاراً لانفراجة لا نعلم من أين تأتى.. فإذا بدأنا نردد معاً «لا إله إلا الله» بالتزامن مع محاولة يائسة لبعض الشباب لكسر سور مبنى ما (ربما كان لهيئة دينية)، لنعبر جميعاً إلى الجانب الآخر قفزاً على الأسوار. ترى هل هذه هى المشقة؟، أم أنها عبرة لنا أن نقف على حافة الموت إلى أن تأتينا رحمة الله؟، أم أن الذهاب إلى مسجد نمرة كان (فتونة) أو مغامرة غير محسوبة؟.. لا أدرى.. علّها بروفة يوم الحشر. تمت شهادتى التى تؤكد أن أرواح الحجيج مسئوليتهم الشخصية.. وإن كانت للتوهة تفاصيل أخرى.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقعة نمرة موقعة نمرة



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab