الكاتب والجماعة

الكاتب والجماعة

الكاتب والجماعة

 العرب اليوم -

الكاتب والجماعة

بقلم - سحر الجعارة

قبل ثلاثة أعوام كتب لى: (أستاذة أنا خايف عليكِ منهم -يقصد تيار الإسلام السياسى- لم أعتد أن تقلق، هم جرّونى إلى المحكمة هل سيقتلوننى؟.. صدقينى.. لا أمان لهم، والوش الحقيقى كامن بداخلهم.. لديهم عدوانية العقارب)!.

ورغم التحذير والخوف الأبوى كان «الأستاذ» وحيد حامد يسجل لى دائماً كلمات الفخر والإعجاب بنضالى ضد «العقارب» وهم -كما كتب لى- أكثر وحشية ممن سماهم «طيور الظلام».. هذا العملاق كان يقرأ لنا جميعاً، ويسجل ملاحظاته ويرسل لنا عبر الـ«واتساب» مقالاً أعجبه: (الكتابة أصبحت صعبة).. كان هذا المناخ أكثر قسوة على قلب «وحيد» المنهك!.

أنا منحازة للأستاذ «وحيد حامد»، أحببته منذ كنت أحبو فى عالم الصحافة، حين كتب هو والكاتب الراحل «أسامة أنور عكاشة» ضد من جلدوا الطبيب المصرى (الذى كان يدافع عن عرض نجله فى أحد البلدان)، أحببته حين قاد حملة الهجوم على «عمر عبدالكافى»، وكان الأخير يقود حملة تكفير الفن وتحجيب الفنانات.. وقتها سدّد «حامد» ثمن مواقفه الشجاعة، فأوقفت الدول العربية شراء أفلامه وإبداعاته فى أول «حصار» لمبدع من نوعه فى العالم العربى.. لكنه نجح فى إقصاء «عبدالكافى» عن تليفزيون الدولة آنذاك، ونجح دائماً فى «كشف المستور» وتعرية الجروح المتقيحة فى مجتمعنا.. وفى كل مرة كان يسدّد الثمن من صحته وسمعته بكتائب التشهير وشلل المصالح.. لكنه لم يندم أبداً، ولم يعلن إفلاسه إبداعياً، ولا اعتزاله للنضال بقلمه الشريف. كاتب برتبة «مقاتل»، كان يقود بقلمه حرباً ضروساً ليمنح للصحافة الورقية «قبلة الحياة» فى سنوات عمره الأخيرة.

«وحيد» علّم فى وجدان جيل بأكمله، تعلمنا الشجاعة وجرأة المواجهة وصرخة الحق من «البرىء».. واكتسبنا وعياً جديداً من «كشف المستور، وطيور الظلام»، ومن حوار «الراقصة والسياسى» اكتشفنا «النحت باللغة» وفن الحوار الاحترافى الذى يلخص صراعاً طويلاً.. أما «الإرهاب والكباب» فكما كان صادماً للجمهور، فإنه أهدانا أسلوب «العلاج بالصدمة»: (زى ما بشوف مصالح الناس، لازم حد يشوف مصالحى، انت لو خلصت لى الشغل، هتاخد ثواب أكتر، ربنا مخلقناش علشان الصلاة طول الوقت، لكن حدد لكل حاجة وقتها.. الصلاة اللى تعطل الشغل صلاة باطلة).. كان الأجرأ على الإطلاق بين كتّاب الدراما.

كيف كان «وحيد حامد» ينحت مصطلحاته الخاصة فى اللغة: («البلد دى اللى يشوفها من فوق غير اللى يشوفها من تحت».. فيلم طيور الظلام، «الفيلم ده قصة ولّا مناظر».. فيلم المنسى).. هذه اللغة هى التى كانت تحول الشاشة إلى بشر وأحاسيس وأحداث.. هى التى كانت تحرّضنا على التأمل والرفض.. تدفعنا للسخرية من أنفسنا، من جهلنا من واقعنا.. تدفعنا لضحك بطعم البكاء.. اللغة التى جعلت السينما سلاحاً للتغيير.

كان «وحيد حامد» يبدع.. يناضل.. يسافر للعلاج.. يكتئب.. يبوح وأنا أستمع فى سنوات الوجع الأخيرة حين يُفضفض بأنفاس تخرج من رئتيه بصعوبة.. بيننا أسرار دافئة وشائكة، تسجّل يوميات الوطن، بعيداً عن سيناريوهات تمر على الرقابة.. ويمكن أن نعتبر أيضاً أن أفلامه ومسلسلاته جزء من «ذاكرة الوطن»، التى سجل فيها يوميات السير على الأشواك: تحالف حزب السلطة مع الإسلام السياسى فى «طيور الظلام»، مسلسل «أوان الورد» الذى رصد بذور الفتنة الطائفية، رائعة «الجماعة» هذا المسلسل الاستثنائى الذى وثّق نشأة الإسلام السياسى «الإخوان» وعرّى أفكارهم التى توّلد الإرهاب.

كان دائماً يدق ناقوس الخطر ويستشعر الكارثة قبل أن تدخل حيز الوجود.. وكأنه كان يقرأ طالع الوطن ويرسمه درامياً.

«وحيد حامد» كان طرفاً فى كل معركة خاضها شرفاء الوطن بفنهم وإبداعهم أو بأقلامهم، كان دائماً مشتبكاً مع الحياة، وداعماً لكل «حرف» متمرد ومقاوم.. هو من غزل بقلمه الساحر خطواتنا.. من علّمنا أن نكتب بحبر القلب.. أن نهزم «الخوف».. أن نذوب عشقاً حتى يتطهر البشر من حولنا. سوف يسجل التاريخ أن «وحيد حامد» كان فى الصف الأول لمواجهة التطرّف والإسلام السياسى والإرهاب، وأنه أول من كشف خداع الإخوان «الجماعة» والسلفيين.. وأنه لم يساوم أو يهادن ولم يسلّم سلاحه «قلمه» لآخر نَفَس فى صدره.

لقد منحته أعماله ونضاله بالقلم ومعاركه على أرض الواقع أعماراً فوق عمره.. سوف يعيش «وحيد حامد» طويلاً فينا وفى وجداننا، فى الأزقة والحارات والأبراج العالية.. فى كواليس السلطة «دينية كانت أم سياسية».. على ضفة النيل الذى كان يعشقه.. وفى ابتسامة كل «منسى» ينتصر على هزائمه.. وفى كل «قلم» تعلّم من «الأستاذ» أن يكون صاحب قضية.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتب والجماعة الكاتب والجماعة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab